المعنى الحقيقي للعيد هو معنى أسمى و أعظم من مجرد لبس الجديد ، وإنما هو التقرب الى الله في هذه الأيام ، و الفرح بهذه الشعيرة من السنن الجليلة ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) ، وعلى المسلم في هذه الأيام العظيمة التوسيع على الأهل ، وزيارة الأرحام والأقارب والإخوان . والابتعاد عن الذنوب و المعاصي .
عيدنا الحقيقي في التقرب الى ذي الجلال والإكرام و صلة الأرحام ، وأي معنى وطعم للعيد يكون بقطع أواصر الصلة والقرابة بين الأهل و الاخوان ؟
عيدنا عندما تتصافح القلوب قبل الأيادي ، وننسى الخصام والأعادي ، وتصفية القلوب من أوساخ الاحقاد والجفاء ، و أدران الكراهية و البغضاء ، وأمراض الخصام والشحناء .
كما أن المسلم في العيد ينظف ظاهره بالاغتسال و لبس الجديد و يعطر ملابسه لكي يظهر عند الناس نظيفاً ، فكذلك عليه أيضاً ان ينظف باطنه من أمراض وأوساخ الحقد والغل والحسد والبغضاء والكراهية لينشرح الصدر ويحس بالمعنى الحقيقي للعيد ، ويكون أكثر قربة الى الله بصلته لإخوانه وأقاربه .
أما آن للمتخاصمين ان يتصالحوا ويتسامحوا ؟ إن لم نتسامح في هذه الأيام العظيمة ونتزاور فمتى ؟ أما آن للمسلم أن يصفي قلبه ويملؤه بالمحبة و الصفاء ، و المودة والإخاء ؟
جاء هذا العيد وبعض القلوب حزينة على فقد الأحبة ، لم تذق طعم حلاوة العيد ، وتتقطع كمداً لألم الفراق ، صبراً ايتها القلوب فان هؤلاء المفقودين عيدهم هذه السنة في روضة من رياض الجنان بإذن الله ، حيث سيجتمع المؤمنون ويفرحون مع أهليهم وذويهم ، وما هي إلا أيام قلائل وستمضي هذه الدنيا سريعة كلمح البصر .
وكم من مريض لم يستطع أن يفرح بالعيد كما فرح به الأصحاء ، فنقول له إن الله ابتلاك ليس ليمرضك وإنما ليعافيك ، وأمرضت ليس ليسقمك وإنما ليشفيك ، فرب محنة تصير منحة ، ورب بلاء يصير نقاء .
جاء هذه العيد والجراح في أمتنا الاسلامية ما زالت تنزف ، جرح في فلسطين و العراق و سوريا وبورما و مصر … وفي كل مكان ، فصبراً إنما النصر صبر ساعة ، و الباطل ساعة و الحق إلى قيام الساعة ، ( فلا تزال طائفة على الحق ظاهرين ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ) .
فعيدنا عندما تتحرر أوطاننا من الظلمة و المجرمين ، وتشرق شمس الحرية ، ويشع نور الاسلام كل الأرجاء و الأمصار ، ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ).
بقلم : محمد سعيد باوزير