من هم المتاجرون بالدين ؟ و الذين يوظفونه لمصالحهم الشخصية ؟ ويستخدمونه للتلاعب باسم الدين ؟ وهل الاسلام تجارة ؟هذه الأسئلة سيتم التطرق لها في هذه السطور ، وقبل ذلك أولاً لنعلم أن المسلم في تجارة مع الله في هذه الحياة الدنيا ، كيف ؟ وما هو الدليل على ذلك من القرآن الكريم ؟ فقد قال الله سبحانه وتعالى ( َ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
فقد جعل الله سبحانه الإيمان به و برسوله و الأعمال الصالحة مثل الجهاد في سبيله بأنواعه المختلفة الجهاد
بالمال والنفس من التجارة الرابحة معه سبحانه وتعالى ومن أسباب مغفرة الذنوب ودخول الجنان وما فيها من نعيم مقيم وأنهار تجري من تحتها الأنهار و مساكن طيبة و ذلك كله من التجارة التي يتحلى صاحبها بالفوز العظيم ، نسأل الله وإياكم أن نكون منهم .
وقد قال الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا
مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ : ( إن الإنسان في هذه الحياة لابد أن يعقد صفقة تجارية ؛
معناها أن نعطي لنأخذ أكثر والقرآن عندما قال : ( هل أدلكم على تجارة لن تبور ) جاء بها من ناحية التجارة والربح ، وأضاف جاء في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ) هذا شراء وبيع ، هنا عملها صفقة أيضا ، إذن فكأن حياتك الدنيا صفقة حاول أن تتاجر فيها ، وأن تكون تجارتك إلى ربح ، ولا تكون تجارة خاسرة ).
لكن هناك من يستخدم الدين لمصالحه كما قال ابن رشد رحمه الله ( التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل , وإذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني ( ، من المتاجر بالدين ؟ هل هي بعض الأنظمة الظالمة التي استخدمت الدين لأغراض شخصية ، و يوقعون الاتهام بالاسلاميين والعلماء الذين لا يوافقون أهواءهم ثم يحاربونهم ويضيقون عليهم الحريات ، ويستخدمون المنابر لخدمة أشخاصهم و يجبرون الخطباء على خطب معينه أو يمنعون انتقاد الظلم و الفساد الحاصل للمسلمين في كل مكان ؟ أم هم الذين يوظفون الدين ويستخدمون ثروات الأمة لمحاربة أهل الاسلام ؟ أم هم الدين اذا ساءت علاقتهم بالآخرين المخافين لهم في السياسة الخارجية او المنهج الفكري تجدهم ينتقدونهم في المنابر و الإعلام ، وإذا تصالحوا عادت المياه إلى مجاريها ؟ أم هم الذين يحصرون الفتوى و العلم بجهة معينة وإذا أنكر عليهم عالم أخرجوه من دائرة الفتوى والعلم ؟ أم هم الذين يتلاعبون بالدين بسجن الصالحين وتضييق الخناق عليهم ، ودعم أهل الفسوق والإجرام وحمايتهم وترك لهم باب الحرية في فسادهم ؟ أم هي الأنظمة التي تتهم الصالحين بأنهم تجار دين لأنهم وصلوا للحكم ؟ ألا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم مارس السياسة و كان حاكما و رئيساً للدولة الاسلامية في المدينة ، ثم حكم أصحابه رضوان الله عليهم من بعده ، وضربوا أروع الأمثلة في الحكم الاسلامي الرشيد و في شمولية الاسلام ، فالإسلام عقيدة و عبادة و أخلاق ومعاملة و دين ودولة وجهاد ودعوة و علم وعمل سواء بسواء ؟
سأترك الاجابة لك أيها العزيز ، وأنت أحكم بنفسك ، واسأل الله أن يجعلنا ممن كان في تجارة رابحة عظيمة مع الله ؛ توصلنا الى جنة عرضها الأرض والسماوات .
بقلم : محمد سعيد باوزير