تعوَّد كثيرٌ من شبابنا المتعلم ومُدَّعي الثقافة عندنا بل وحتى من الذين يمارسون الثقافة بطريقةٍ شبه جادة على ماأحب تسميته بالكسل الفكري اللذيذ والناتج عن عدم البحث عن المعلومة بجدية في موطنها وتلقفها من غير وجهتها فيظلُّ الواحد منهم قابعا أمام شاشة التلفاز يتنقل بين قنواته أو أمام صفحات النت يقرأ نتفاً من الكلام هنا ونتفاً أخرى من هناك ويظن بعدها أنه مثقف زمنه الذي لايُجارى ومنقذ قومه الذي لايُبارى ولم تثقل يديه مداومة حمل الكتاب ولم تذرف عينيه الدموع بسبب دوام المطالعة سنوات وسنوات...
وللتدليل على ماأقول (كمثال): أستغرب من الذي يصول ويجول في عالم الأفكار الفلسفية والكونية وهو لم يعلم شيئاً عن نظرية الإنفجار العظيم Big Bang؟ أوعن مايسمى بالفراغ الكوني الممتد من حولنا ممانشاهد وممالانشاهد؟ أوالطاقة الكونية المنبعثة من كل مادة وفراغ؟ أوعن الكون الأعظم والذي يتوقع العلماء أن كوننا قد انفصل عنه كوحدة متكاملة بطبيعتها وقوانينها التي تسيرها؟
وماذا يعرف الواحد منا عن عشرة أنواع من الإنسان وجد على ظهر هذه الأرض وعاش عليها ثم انقرض وكان آخر هذه الأنواع ماسمي بإنسان نياندرتال والذي وجدت عظام لأفراد منهم بمقبرة في فلسطين بجانب عظام إنساننا الأخير؟
وماذا نعرف عن عظام لوسي وابنة لوسي والتي تم العثور عليها في مثلث عفار شرق الحبشة وقدر العلماء عمر هذه العظام بأكثر من ثلاثة ملايين سنة؟
وماذا نعرف عن إنسان الألفية Millennium Man والذي تم إكتشاف عظامه المتحجرة في كينيا وتم الإعلان عن عمر هذه العظام بمايقدر بستة ملايين سنة؟
وماذا نعرف عن الإشعاع المنبعث من كل ذرة من ذرات الكون ومنها الذرات التي تكون منها الإنسان ووجد أنها تصدر موجات ضوئية يستطيع العلم الحديث إدراكها ويكون لها تأثير مباشر وغير مباشر على شخص الإنسان وعلى سلوكه وميوله بل وحتى طريقة تفكيره؟ وماذا نعرف عن وعن وعن؟!
أسئلةٌ كثيرةٌ من هذا النوع أوغيرها في العلوم الأخرى وكأنها تقول لنا أليس في السعي في طلب العلم الجاد والبحث العلمي الحقيقي والتزود من المعرفة دينية كانت أو دنيوية أدبية كانت أوعلمية أوفكرية ومن مصادرها الأصلية (الكتاب) مايستطيع به الواحد مِنَّا أن يقدم نفسه كمثقف حقيقي يمكن أن يستفاد منه ومايغنينا عن كثيٍر من ضياع الأوقات في مالافائدة ترجى من ورائه ومانستطيع به أن نشبع فضولنا نحو اكتشاف المجهول وارتياده بل ويعطينا معنىً حقيقي لوجودنا وإنسانيتنا ويفسر لنا كثيراً مما نجهل ويزيد من إيماننا بخالقنا ومعرفة قدر عظيم ماخلق؟
بقلم : وائل الكثيري
waielalkathiry@hotmail.com