متى سيمكن للمسلمين في الأرض

يقول قائل  متسائلا : ما لنا اليوم نرى أن النصر هو للكفار على المسلمين ؟ في كل بقاع الأرض حيثما نظرنا نجد القتل ينزل بالمسلمين ، ديارهم محتلة ، مقدساتهم مدنّسة ، أعراضهم منتهكة ، دماؤهم سائلة ، أموالهم منهوبة ، هذا حال هذه الأمة ، فلمن التمكين في الأرض ؟

القاعدة في هذا الباب  : إنما ننتصر عليهم بإيماننا بالله وكفرهم به ، فإذا استوينا معهم في المعصية كانت الغلبة لهم علينا بقوتهم ، وهم يملكون هذه القوة ، ونحن لا نملك شيئاً من مقومات هذه القوة ، لا القوة المادية ، ولا القوة المعنوية ، و لا قوة سلاح .

لقد بيّنت لنا آيات القرآن الكريم العوامل التي تُساعد على التمكين في الأرض ، والشروط التي ينبغي على الإنسان أن يتّبعها حتى ينصره الله ويُمكّن له في هذه الأرض  ولخصها العلماء  في الشروط الثلاثة التالية:

أول هذه الشروط : الإيمان بالله والعمل الصالح ، فمن أراد التمكين في الأرض ، ومن أراد تبديل الحال ، ومن أراد رفع الذلة والمهانة ما عليه إلاّ أن يُحقّق الإيمان بالله ويُتبعه بالعمل الصالح ، قال سبحانه : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [النور:55]

ومن شروط التمكين في الأرض : الصبر على كل ما يصيب الإنسان من الأذى ، هذا الطريق طريق صعب ، مليء بالمصاعب والآلام ، فكيف يتعامل الإنسان مع ما يصيبه ؟ يجب أن يتعامل معه على أساس من الصبر والتسليم لأمر الله( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [الأعراف128]

ومن شروط التمكين في الأرض : اليقين ، و الثقة والتصديق بوعد الله , إن أزمتنا هي أزمة ثقة ، فريق منا خفّت الثقة بينهم وبين الله و فريق منا انقطعت الثقة بينهم وبين الله ، وفي هذا يقول سبحانه : ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) [السجدة24] .

 عندما تعلّق المسلمين واستنصروا بالبشر ، واستصرخوا الضمير العالمي الميت ، واستنجدوا بالهيئات والمنظمات الدولية ، ونسوا رب البشر ، نسوا الالتجاء إلى الله ، نسوا طلب الحماية من الله ، نسوا التوكل والاعتماد على الله ، وكلهم الله إلى ما اتكلوا عليه ، تركهم الله إلى ما اعتزوا به ، فذلّوا .

 ثلاثة شروط يجب أن تتوفر فينا حتى يمن الله علينا بالتمكين  ،الإيمان بالله  والعمل الصالح ، والصبر على كل ما يصيب الإنسان من الأذى ، و الثقة بوعد الله ..

فمتى يصلح حالنا مع الله حتى نستحق نصر الله وتمكينه لنا في الأرض .. والمؤكد انه لن  يصلح حال هذه الأمة إلاّ بما صلح حال أولها .

 بقلم المهندس : عبدالحافظ خباه

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص