الهجرة لبناء دولة

كم تأخذني الغرابة والدهشة من بعض الناس حينما يفصل الإسلام عن الحكم والسياسة ويجعل السياسة شيئاً مستقذراً مذموماً بسبب تصرفات الحكام الفسدة والقتلة، ويبدأ يصور لك تصورات خاطئة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لك أنه كان نيء تام عن عالم السياسة، ولا يدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أهم أسباب هجرته إلى المدينة المنورة التي أصبحت بعد ذلك عاصمة الخلافة الإسلامية قال تعالى : (... إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فالذي يحكم بما أنزل الله ويرضى به يجاهد نفسه لتحكيم شرع الله، فتلك عبادة عظيمة، ولذلك أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة قواعد الحكم الإسلامي بتنفيذ الحدود وإقامة أول سوق إسلامي للمسلمين وهو ما يسمى في عصرنا رافد الاقتصاد للدول، ولم يكن من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة إلا أشهر معدودة حتى أمر بتجهيز الجيش الإسلامي الذي خاض معارك وغزوات عدة منها (غزوة بدر الكبرى) وقد قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) فحينما يشن المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحروب والغزوات، ألا يمثل أمام عينيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يرسي قواعد دولة التي تولها من بعده الخلفاء وسائر المسلمين، ثم تجد البعض حينما يرى التيارات الإسلامية تنادي بتحكيم شريعة الله ووصول الصالحين إلى الحكم والسلطة، فتجده يغمز ويلمز إليهم بحب السلطة قاصداً حرف مقصدهم الجلي وتشويهاً لمشروعهم الأصيل والراقي الذين يدعوا إلى تحكيم شرع الله وتولي الصالحين لتحكيمه، بل ويهمز ويلمز آخر فيقول : وهل الإسلام ملك هؤلاء ؟، فنقول له : لكنهم هم الذين يتصدرون النداء بتحكيم شرع الله، وغيرهم ينادي بتحكيم القوانين الوضعية الأرضية الفاشلة التي نتج عنها تردي الأوضاع وهلاك الأمة قال تعالى : (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين) .

 بقلم الشيخ : محمد سالم هبيص 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص