يمكن أن يتغير الإنسان فورًا إذا ما أدرك حقيقة ذاته وطاقاته وصفاته ومواطن قوته وقدراته!، نعم .. تلك واحدة من آلاف التغريدات الرائعة للأستاذ الكويتي محمد المويزري الذي حلقت خلفه في فضاء تويتر، واكتشفت من خلاله عوالم متنوعة من الروعة والجمال، أجده في معظم تغريداته كثيرا ما يشعل فتيل التحدي في أنفس متابعيه ويحفزهم على أن يتجاوزوا أسوار اليأس وأن يحطموا قيود الإحباط الذي عزلهم عن رحاب التألق وآفاق النجاح.
وكم نحن في حاجة ماسة إلى تفعيل خدمة التغيير التي تقطن في أعماقنا، فالتغيير الفعلي والانقلاب على الواقع البائس، لا يبدأ إلا بحسم معركة الصراع مع الذات، فإذا بدأ التغيير من الداخل تمكنت جيوش الاجتهاد أن تسلك طريق النصر المؤزر وتقتحم معسكرات العدو وتكبده هزيمة نكراء يفرغ لها التاريخ صفحات يدون فيها تفاصيل ملحمة الانتصار العظيم.
لذا أحببت أن ألفت عنايتك ــ قارئي الكريم ــ واسمح لي أن تنظر إلى قرارة نفسك بصدق ويقين لتقيّم مدى حقيقة ذاتك، وتتعرف على مقدار الطاقة التي تتمتع بها، لتستكشف ماهية الصفات التي وهبك إياها الخالق، وتضبط من خلالها مواطن القوة ومخابئ الضعف لقدراتك ومهاراتك.
أعترف أنني لست خبيرا في علم التنمية البشرية ولم أحضر يوما دورة تدريبية ولو بالصدفة!، لكني أؤمن يقينا وبما وجدته في سير وتراجم العظماء والناجحين على مر التاريخ ــ إن لم يكن جميعهم ــ أنهم لم يحققوا ربع ما وصلوا إليه إلا بعد أن تمكنوا تماما من معرفة دوافعهم وأحكموا السيطرة على ذواتهم واختاروا السبيل الأنسب الموصل إلى القمة، وبطبيعة الحياة واجهتم الكثير من الصعوبات والعراقيل إلا أنهم واجهوها ببسالة الأبطال وبإيمان الناجحين الذين يحيلون التأخر تقدما والظلام نورا والهزيمة نصرا، وكما قيل الناجحون لا يقلعون عن المحاولة، والمقلعون عن المحاولة لا ينجحون!..
لا أريد أن أسهب في الحديث عن تفاصيل تغريدة المويزري، لكني أحب أن أعلمك ــ عزيزي القارئ ــ أن أفضل السبل لتغيير واقعنا هو أن يكون لدينا اقتناع تام في أعماقنا بما سنخوضه في المستقبل اللحظي القريب، وكم هي فرصة سانحة أمامنا بأن نجدد العزم ونشد رحالنا صوب رحلة النجاح المنشود، مع مطلع العام الميلادي الجديد الذي قدم إلينا وهو فاتح ذراعيه مقبلا كهدية وهبه إيانا البارئ بأن نعيشه بتفاصيله، فلنجعله عاما زاخرا بالعطاء والمثابرة، وكما يقال إن قراءة سير العظماء والناجحين تبعث في النفس روح التغيير نحو الأفضل وتحرك في الذات مؤشر حب الإقدام وخوض مرحلة التطلع للمستقبل المشرق، فإن ربيع الأنوار "شهر ربيع الأول" قدِم إلينا محملا بتاريخ أقدس الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فما أحوجنا في هذه المرحلة أن نعود إلى قراء وتمعن سيرة المصطفى لنأخذ من مواقفه العبر والعظات، لتعيننا على معرفة حقائق الواقع الذي نعيشه، خاصة في ظل واقع موبوء بصراعات سياسية وحروب إعلامية ضارية تبرز فيها الأنا الإبليسية، نسأل الله السلامة والعافية.
وما أحوجنا أيضا في هذا الشهر المبارك إلى هبّة محمدية تعيد إلينا شيئا من ملامح الإنسان الذي وأدناه في ضمائرنا وقتلنا كل ما هو جميل في الحياة، نحتاج إلى هبّة أخلاقية تعيد لنا ترتيب فهمنا للواقع فنصرخ في وجه من يريد إلغاء عقولنا أو أن يسلب إرادتنا، نحتاج إلى هبة أخلاقية نحترم بها الآخر ولا نقصيه مهما اختلفنا معه، وأن نؤمن بمبدأ المشاركة نحو تحقيق المصلحة الفضلى للمجتمع.
أدعوك ــ قارئي المحترم ــ أن تشاركني الوقوف لمصالحة ومصارحة ومناطحة ذواتنا، حتى نعي وندرك ما نريد ونختار الاتجاه الأفضل لنسلكه، وأذكرك بما قلته آنفا أن التغيير الفعلي والانقلاب على الواقع البائس، لا يبدأ إلا بحسم معركة الصراع مع الذات، أتمنى لك عاما سعيدا زاخرا بقناعات حقيقية نابعة من ذاتك وليس بقناعات مستوردة لا تؤمن بها، وكل عام وأنت بألف سلامة.
ومضة:
من أعظم مفاتيح تغيير النفس وتطويرها النظرة الإيجابية إلى الحياة، نظرة تفاؤل وأمل وإشراق، فكن جميلا ترى الوجود جميلًا!
بقلم :علاء مولى الدويلة