تجربتي الروحية

كان آخر ما يخطر ببالي أن أنشر هذا (المقال) الذي اعددت جميع مادته لتنشر كملحق بكتاب جديد من تأليفي هو في الطريق اليكم بإذن الله تعالى .وفي مطلع المقدمة أحب ان اقول : إنّ ما تطالعونه لي من كتابات روحية ايمانية على صفحتي على الفيسبوك او مجموعتي (الإيمانيات والروحانيات ..مرعي حميد) او مجموعتي (الاحسان مرعي كرامه حميد) على الفيسبوك او في مدونتي الايمانية ،او في مقالي شبه الشهري التربوي بمجلة النور الصادرة من صنعاء،او في غيرها ...كل هذا عندي هو في سياق واحد متصل هو سياق ونتاج تجربتي الروحية التي مضى عليها 23عاماً من بدايتها ،وهو سياق قد يستغرب له البعض بسبب ما عُرف عني من اهتمام بالسياسة كاتباً ومحاضراً ،و أود هنا ان اقول إنّ أمر السلوك الروحي غير مرهون بسن ولا بشكل ولا هيئة ولا ملبس ولا نسب ،ولا تخصص أكاديمي ،ولا حتى كتابة وتحدث للناس ،فكل هؤلاء قد يكونون لهم تجارب روحية وسلوك روحي تصوفي نقي مستمر متصاعد. بطبيعة الحال فانه يهمني جداً أن اتعرف على تجارب غيري الروحية واجتهد وابحث عبر الكتب والمجلات ،ولم اعثر على تجربة مكتوبة حتى الان انما نتف متفرقة لا تقدم صورة لتجربة روحية، كانت آخرها تجربة الدكتور المغربي طه عبدالرحمن ،و لا أعني انه لا يوجد أصحاب تجارب روحية عميقة ولكن ربما لم يكتبوا مع ما في هذا النوع من الكتابة من خطر ،وما يصحبها عادة من زهد كبير جداً في التحدث عنها ،وربما لم اعثر بعد على بغيتي في تنقيبي ،هذه المرة جربت ،ربما من جديد ،وكتبت على قوقل (تجربتي الروحية) فكانت النتيجة ان عثرت على ما اسماها صاحبها تجربة روحية و تبين لي سريعاً انه انما كان متأثر بصوفية الخرافة و انتبه منها وتاب ،وهذا في الواقع ليس تجربة روحية ،فالتجربة الروحية الحقيقية لا يتوب منها صاحبها ،انها ترقي الى الله وقرب روحي منه فليس بمعصية حتى يُتاب منه ،على العكس ،قمة سامية يتمناها كل من عرف معنى ومضمون الترقي الروحي ويبذل من أجلها الغالي والنفيس ،و قد وجدت احتفاء بصاحب هذه (التجربة) يصب في خانة التشويه التام لكل التصوف ،ومن هنا وتسريعاً لما هو آت باذن الله تعالى ،رأيت أنه من المناسب التعجيل بنشر هذا (المقال) ،وسيجد فيه كل طامح في الترقي الروحي والايماني والتصوفي السُني ،مثال معاصر ،حافل بالدروس ،وكل تجربة روحية مكتملة من بداية السلوك حتى قمته العالية ،هي طريقة مستقلة ،ومن هنا جاءت تسمية (الطرق الصوفية) . إنّ الكتابة في (التجربة الروحية) امر أشبه بالمخاطرة ،خاصة الاختلاف الكبير الموجود في تعريف مصطلحاتها ومصطلحات أحوالها ،هو بحر صعب ،ولكن ثقتي في تجربتي وتعمقي في هذا المجال وثقتي في ان ما تم لي انما هو فضل من الله تعالى مع اهمية وجود تجربة معاصرة في هذا المجال تُثبت انه ليس تاريخ روحي مجيد فحسب ،ويحسن هنا ان أضع تعريفاتي للمفاهيم الواردة بعدها ضمن هذا المقال، وهي هنا تعاريف عملية تتناسب وطبيعة هذا المقال ،كما انها تحتوي على إشارات مهمة ومضامين لا غنى عنها لمن أراد أن يسلك هذا الدرب الرباني النوراني العرفاني الجليل ،وهي وجهة نظر عبد ضعيف سلك وعرف: 16) التصوف : طريقة وميل ونزوع فردي عقلي وعلمي وعملي لتزكية النفس وتهذيب الروح تحلياً بالفضائل وتخلياً عن الرذائل وترقياً في درجات التديّن و سلوكاً في مدارج العبودية لله وصولاً إلى مقام الشهود الروحي ومنزلة العيش مع الله وكأن السالك يراه وثباتاً في هذا المقام وعلى هذه المنزلة حتى يلقاه. والتصوف كمكون ليس هو التدين في مضامينه ومراميه ولكنه طريقة لا يُكاد يستغنى عنه للتدين في تكامله وبلوغ كمالاته والثبات عليها حتى لقاء الله . ولم يعرف حقيقة التصوف من يناصبه العداء ،وان كل منتسب الى التصوف مدعي له مخالف لقيم التصوف السامية فانه ليس بصوفي في الحقيقة وكل حديث من هذين الصنفين من الناس عن جوهر التصوف وحقيقته ما لم يكن منقولاً، فهو مردود لأنهما لم يعرفا حقيقة التصوف فكيف يعرفا الآخرين به تحبيباً او تنفيراً، وفاقد الشي لا يعطيه ،ان تعريف التصوف يحتاج من صاحبه الى معرفة سلوكية وخبرة تذوقية، وكم من شبهات اثيرت حول التصوف بسبب هؤلاء المدعين للتصوف و المتقولين وتعريفاتهم المدعاة ، و تعريف اهل التصوف الحقيقيين في بعض الاحيان يركز فقط على جانب فقط من جوانب التصوف . واحيانا يعممون حالة من الحالات ويعتبرونها هي كل التصوف .و للتصوف اسماء مثل : السلوك ،التزكية، التربية الروحية ،العرفان ،وللمتصوفة الحقيقيين اسماء ابرزها: العبّاد ، السلوك ،السالكين ،العارفين، اهل الارادة ، ارباب السلوك . 17) الحياة الروحية : هي هبة الهية في حالة قلبية روحية شائقة جليلة القدر رفيعة المنزلة يعيش فيها المؤمن مع الله تعالى يشهده بروحه حصيلة للتطهر من الذنوب والمعاصي و للمعرفة القلبية بالله وطاعته ومجاهدة النفس في سبيله . حالة يعيش صاحبها في رحاب الله يستروح نسمات القرب العليلة على روحه ،يتفيأ ظلال الود الالهي الندية ،ويرتشف من معين الصفاء مع الله ومسارته وحلو مناجاته، هي اروع حالة يمكن للإنسان عيشها في هذا الوجود وهي حصيلة المعرفة بعظمة الله وتذكر نعمه عليه ويقين العابد واستشعاره لحقيقة قربه تعالى منه بعلمه وسمعه وقدرته وهدايته ومن كل خلقه وان لم يستشعروا هذه الحقيقة الساطعة المشرقة على قلب العابد وروحه ..وتتأتى هذه الحال للعابد وهو يعيش في رحاب الله بطاعته والمسارعة اليه بأنواع القربات والاقبال عليه بشتى صنوف ذكره مُستشعراً لتلك الحقائق :صلاة مكتوبة كانت ام نافلة وذكر لله وتلاوة لكتابه الكريم ودعائه وسؤاله والتذلل لعظمته ،ولذا نجد الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم ينادي بلال رضي الله عنه ارحنا بها يا بلال لأنها تأخذه كلياً وجمعياً الى رحاب الله والانس به تعالى كأروع حالة ممكن للإنسان عيشها ،فكيف ان كان الانسان رسول الله ،وفي الصلاة تجد ملاقاة الله ومناجاته وتلاوة كتابه وذكره 18) السالكين: هم مجموع السائرين بقلوبهم وأجسادهم و أرواحهم نحو الله تعالى عبر الايمان العميق والاكثر عمقاً والاعمال الصالحة (الاوراد) 19) الأوراد : هي مجموع الاعمال الصالحة التي تتمخض عنها الواردات فالأحوال والمقامات ، ومن الأوراد تحديداً وتخصيصاً : الصلاة ،قراءة القرآن ،الذكر المطلق ،الدعاء ،التفكر في الكون و المخلوقات ،القراءة في كتب اسماء الله الحسنى والعقيدة المؤثرة ،الصيام نفل و فرض ،قيام الليل ،التوبة ،الاستغفار ،الاعتكاف في المسجد والمكوث فيه ،اناشيد ايمانية روحية ... 20) الوارد :هو العبير الروحي والنسيم الإيماني الذي يهب على الروح فينعشها ويُمتعها ويزيدها صفاء ونقاء وهو مدخل الى (الحال) . 21) الروح : الروح تكوين معنوي واعي يشكل مع تكوين المادة المادي حقيقة الانسان ،و الروح تكوين يتسع ويضيق يكبر ويصغر ينعم ويشقى لدى صاحبه بحسب اهتمامه به تماماً كما التكوين المادي ،له غذائه كما للجسد غذائه ، قابل للصحة كما هو قابل للمرض ،وبين التكونين المادي(الجسدي)و المعنوي(الروحي) للإنسان الواحد ارتباط واتصال وتواصل ،و النفس هي الانسان بروحه وجسده . 22) الشهود الروحي : الشهود الروحي هو حال ومقام تشهد فيه الروح المؤمنة الوجود وواجب الوجود ،الله تعالى، بعين البصيرة وفي وقت واحد تحقيقاً لشهادة التوحيد ،و عبارة (كأنك تراه) في حديث جبريل ،(( أن تعبد الله كأنك تراه)) ،وهو التجلي الأسمى لمقام الاحسان .حياة روحية عرفانية تعقلية تستغرق الشعور والاحساس والمدركات تستحضر في تكثيف معرفتها الروحية العميقة بالله وبالموجودات بالدنيا والآخرة ،وتبلغ الذروة في حال العبادة الصرفة وبها تغدو جنة الدنيا والروح المُعجلة. هي التجلي الروحي لشهود المعبود الحق وصفاته واسمائه وخلقه ومعبوداته و تدبيره للأمر من فوق سماواته وعرشه .ويتبعها شهود روحي للرسول الكريم محمد بن عبداللاه صلى الله عليه وسلم رسول موحى اليه من ربه المعبود ذي الجلال وينطق العابد بالمشاهدة الروحية للمصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يسلم عليه في تشهده سلام الحاضر ((السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته )) . 23) الترقي :الصعود الروحي الإيماني عبر السلوك الواعي الصادق المتخذ للأسباب : الفرائض ،النوافل ،ومعها :الصدق والاخلاص والتوكل والمحبة لله والانتهاء عن المعاصي والذنوب والاجتهاد في الطاعة والفرار من الإثم . 24) الرؤية الروحية: المشاهدة بعين الروح ، مشاهدة روحية تتم بالروح وقدرته الشهودية فوق البصرية المعلومة مستوعبة وهاضمة للمعرفة العقلية . 25) المشهد الكامل للوجود :الصورة الذهنية الروحية الشاملة من دون تفصيل التي تشمل الارض والسماوات السبع و فوقها الحي القيوم الذي لا تدركه الابصار ولا تدركه العقول .ولكن يسع الروح ما لا يسع سواها عبر الرياضة الروحية بتوفيق الله تعالى . 26) البدعي المطلق 27) الذوق : هو منازلة الفرد بلحمه ودمه ووعيه للمعاني الروحية ووجده لإشراقاتها على روحه 28) الحال :هو المقام في اول وجوده ،فيكون حالاً معرض للتحول والذهاب لعودة قادمة له او لا عودة 29) المقام : هو المنزل الروحاني الذي يستقر فيه السالك ويبقى فيه لا يغادره ،ويكون في اوله حال مؤقت مُلهم ثم يثبت بتوفيق الله ثم بالممارسة الروحية و التعرف عليه من مضانه الصحيحة .وحين يرتقي السالك مقام أعلى فانه انما يضيفه الى ما سبقت له من مقامات كمن يصعد أدوار في عمارة عالية . 30) سلوك : توجه روحي الى الله لتحقيق القرب المعنوي والتصوري الإيقاني العميق منه جل جلاله . من كمال حديث المهتمين بالتجربة الروحية ومن لهم تجربة سلوكية روحية أن يعرضوا تجاربهم الخاصة ،ومنهم من يفعل ومنهم من لا يفعل ،ولذا رأيت وانا بصدد مؤلفي هذا ان اعرض مراحل الترقي في تجربتي الروحية التي وفقني الله اليها حتى لا يكون مؤلفي مجرد نقل وسماع واعجاب وتجميع على غير أساس ذوقي ،وحتى لا يظن ضان ان بلوغ مقامات الروحانية العالية انما كان لمن مضوا ولا يمكن ان يتأتى لاحد من بعدهم ،وحتى يكون لما كتبت ما ارجوه من الأثر بتوفيق الله ... لقد مررت في ترقيي الروحي بالمقامات والاحوال التالية و بترتيبها الموجودة عليه أدناه ،ولم أكن اتطلع الى أي منها تحديداً ولكنه توفيق الله وفضله ،وسأورد هذه المراحل بأكبر قدر من الاختصار ،مع انني اعذر من لم يفهم قولي ،فهذا مجال نادر ان يطالع فيه معظم أهل هذا الزمان ،كما ان مفاهيمه غامضة على كل من لم يجربه ويتذوقه ،واذا ذهبوا الى مصادر هذه المعرفة المفترضة وجدوا اختلافاً وتبايناً ولذا حرصت على ان اضع ،اعلاه ،بين يدي مقالي تعاريفي المبنية على تجربتي المؤكدة لما كان قد اطلعت عليه من قبل ولا أزال بفضل الله الذي استمد منه التوفيق والدوام ........... منذ 23 عاماً كانت بداية البداية ،كنت قبلها معتنقاً للفكر الاشتراكي وبإيمان به وحماسة شديدة ..... 25. شخصي الضعيف من مواليد اكتوبر 1970م ،منّ الله علي بالهداية في مطلع شهر رمضان عام 1989م ومن دون سبب إلا فضل الله تعالى فقد جذبني إلى رحابه ،كانت نعمة من الله عظيمة ومنّة جليلة .عملت إمام وخطيب لمسجد قرية حصن الحمضان (من قبيلة نهد) وهو قريب من منطقتي العنين وسط وادي حضرموت ،مكثت به ثمانية اشهر من عام 1991م وكنت امكث فيه من بعد صلاة العصر الى صلاة العشاء منفرداً في معظم الوقت وفيه تعرفت على كتاب تهذيب مدارج السالكين (تهذيب عبدالمنعم صالح العلي العزي وهو الاسم الحقيقي للداعية والمربي الاسلامي العراقي محمد الراشد) و الكتاب مختصر بديع لكتاب ابن قيم الجوزية (مدارج السالكين الى منازل اياك نعبد واياك نستعين)،وقد وجدت الكتاب السفر النفيس ضمن مكتبة المسجد المحدودة . كان هذا التأسيس والتمهيد المهم والمحوري . 26. في احد أماسي شهر رمضان من عام 1991م وتحديدا أثناء صلاة التراويح في مسجد جامع عمر بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت وكنت حينها طالباً في المستوى الأول بكلية العلوم والآداب والتربية بالمكلا ـ تخصص تاريخ ....وجدت نفسي اسمع كلام الله بطريقة مختلفة تماما عن ذي قبل ..اسمع كلام الله مع شعور كامل ان الله تعالى هو المخاطب بهذا الذكر المجيد لعباده من الإنس والجن ومنهم العبد الفقير مرعي حميد وهو حال قد قرأت سيد قطب يتحدث عنه في السفر النفيس ( في ظلال القران ) ولكن لم افهم ذلك الحال ولم اعش ذلك الشعور إلا ذلك المساء في صلاة التراويح وكان الإمام الحافظ أشرف عبدالكريم باحسين ..كانت طريقة الاستماع وحال الاستماع لذيذة ..ممتعة ..مدهشة ..مذهلة ..تفوق الوصف ..وكنت حينها أعاني من حالة مرضية ،علم بها كل المحيطين بي في المكلا والقطن بعد ذلك، بدأت الحالة المرضية جسدية بالتهاب في اللوزتين شخّصه الدكتور المثابر علوي صالح لحمدي ،ثم تحولت إلى حالة نفسية ذهنية ، ثم عافاني الله في أقل من شهر ..ما وجدته في تلك الليلة الرمضانية المباركة من حال استماع مختلف والتذاذ ذهب حينا من الزمن ..واستقر في شعوري انه إحساس مر مرورا عابرا وانتهى وذهب بلا رجعة ولم تبق إلا ذكراه و علويته ..ولكن ..مثلما ما من الله علي به أوّل مرة بفضل منه وتكرم ..أعاده علي مرة ومرات حتى غدا بحمد الله وتوفيقه مقاماً وملكة دائمة أجدها كلما قرأت كتاب الله أو استمعت له بحضور قلب وقالب، بل امتدت على نحو اشمل وأرحب وأوسع وكأني بها مقدمة لما بعدها : إلى كل مناجاة للعلي الأعلى وذكر له بقلب حاضر وسمع محصور على حديث القلب ومشهد كامل لهذا الكون ..وهي نعمة من الله أنّى لي ان أوفي شكرها ..ولا معشار الإيفاء ..رب أوزعني ان اشكر نعمتك التي أنعمت علي ..رب لك الحمد حتى ترضى و لك الحمد إذا رضيت ..و لك الحمد بعد الرضاء ..سبحانك ..لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك . 27. وقد ارتبط بذلك توجه في حياتي إلى التفكر في الكون الرحيب من خلال القراءة في الكتب العلمية الطبيعية والمجلات العلمية كالإعجاز العلمي ومجلة العلوم الامريكية المترجمة للعربية ،وقد أقبلت على شراء هذا النوع من الكتب والمجلات لهذا الغرض ولا أزال وكانت الثمرة بفضل الله أحلى .. أروع .. أمتع ما في هذه الحياة، اسأل الله الثبات ، وأضفت لها أمهات كتب التصوف ،غير البدعي المُطلق ،اسأل الله أن ينفعني بها والمسلمين ،وهي كتب لا تجد الخرافة اليها سبيل غالباً ،كما أن المرء بفهمه لا تنطلي عليه الخرافات ولا التهويمات ولا خوارق العادات. 28. رؤية روحية للموجودات وموجدها من محدود لحد يقرب من انتفاء وجود الانسان الرائي وذلك في مقام وخلال المناجاة والصلاة . 29. ثبات اندراج كل الوجود في المشاهدة في حال تلاوة القرآن او الصلاة او الدعاء او الذكر المطلق في حال حضور القلب وقد تعرفت في هذا الى مشاهد الخطاب في القرآن الكريم وهي تزيد عن خمسين مشهداً ستكون محور لكتاب قادم عن تدبر كتاب الله المجيد بإذن المولى تعالى . 30. رؤية للذات مع رؤية وجود هائل فوقه ويحيط به ثم ذي الجلال بدون نعت ولا صفة تجسيمية (يقين هائل به تعالى) 31. شك مزلزل كان مدخله من باب التفكر في الكون وقد منّ الله تعالى بكشف كربته و زوال غُمته ،وقد جلست خلاله الى حُجة الايمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني في بيته بجامعة الايمان بصنعاء . 32. يقين ثابت تام بالله تعالى واجباً للوجود ،الهاً واحداً لا شريك له ،مالك كل الموجودات وموجد مزيدها بمشيئته وقدرته المطلقة وفوق هذا مالك الملك ذي الجلال . 33. شهود روحي خلال الصلاة الخاشعة 34. عيش الشهود الروحي بصورة دائمة و الذوبان في بوتقته ،يزداد في حال الصلاة وذكر الله تعالى . 35. عيش العبودية حقيقة العبودية للمعبود الحي القيوم وكان هذا من نفحات الحج والاعتكاف في بيت الله الحرام قبيل ايام الحج عام 1432هـ 36. عيش روحي لحقيقة الدنيا وحقارتها جنب الآخرة كان كذلك من نفحات الحج والاعتكاف في بيت الله الحرام قبيل ايام الحج عام 1432هـ 37. لسان حالي : كما تريد فانت مولاي 38. يقين مهيمن بشمول لفظ الجلالة (الله) لكل الاسماء والصفات 39. يقين مهيمن باسم الله العظيم في كل صفاة الله تعالى واسمائه فهو العظيم في علمه وحكمته ورحمته وعذابه ....الخ 40. عيش مع الله في قربه وعلمه ويقين محسوس ان هذا اقصى قرب ممكن للحي القيوم الذي لا تسعه اقطار السماوات مصداقاً لقول الله تعالى ((وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ )). 41. استشعار عيش (اعظم نعيم ) مع الله تعالى لا فرق بينه في الدنيا عن الجنة الا رؤية الله تعالى بعين الجسد الفاني وهي غير ممكنة في الدنيا مصداقاً لقول الله تعالى ((وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي)) 42. عيش حقيقة الطمأنينة بذكر الله 43. ربط العقيدة الشاملة بالعمل ،تصور اضف له الممارسة 44. محاولة تنقص من الشيطان (تشويه للترقي الروحي والتقليل من شأنه وتصويره انه مجرد وهم ) 45. الاستيقاظ والانتباه الدائم على مكر الشيطان 46. الاستيقاظ والانتباه الروحي على واجب الوجود والموجودات 47. الاهتداء الى مسمى الشهود الروحي ونحته من واقع التجربة والحال . (وقد ظننت ان ليس بعد هذا ترقي فكان رقم 24 وربما يكون الأخير و ليس لي تطلع ولا تعلق بغير هذه الادراكات الروحية.) 48. العيش والشهود الروحي لحقيقة (( يدبر الأمر)).... وهي تجتمع وتتكثف في تكوينها للمشاهد السبعة التالية ،بالإضافة الى التأسيس لها في مرحلة تحقيق الايمان : 1) مشهد الوحدانية 2) مشهد الفناء 3) مشهد البقاء 4) مشهد الوجود 5) مشهد الالوهية 6) مشهد القرب 7) مشهد التدبير إنني اعتقد جازماً ان توفيق الله تعالى اولاً هو الأساس لهذا الطريق والسلوك إليه تعالى وصولاً الى مقام الشهود الروحي ،ولا يشترط لصاحبه ان يكون له شيخاً روحانياً سالكاً مترقياً في المقامات الروحية، يجلس إليه ويعرّفه طريقه ،وتحل الكتب الموثوق بها محل الشيخ واهمها تهذيب مدارج السالكين والحكم ابن عطاء الله السكندري وشروحها ،ان السلوك الروحي في حقيقته وجوهره ليس علماً يُعلم ولا درساً يُلقى انما هو ذوق و وجد لكل سالك واصل على حده ،من المفيد القراءة في هذا المجال ،ومن المفيد الاستماع الى الشيوخ اصحاب السلوك الروحي العرفاني أمثال محمد سعيد رمضان البوطي ومحمد حسين يعقوب ،ولكن كل هذا لا يضمن بلوغ مقام الشهود الروحي .وان هذا الاستماع وذاك الجلوس وتلك القراءة اكثر من أي شيء هو وهي وسيلة لتبين صوابية السير وصحة الخُطى نحو مقام الشهود الروحي ومن ثم التأكد والتثبت من بلوغ هذا المقام . ومع هذا .... ومع هذا الشهود والترقي الروحي فانه تمر بي في حياتي الروحية فترات ،قد تكون لأسباب قاهرة ،ولكن نعمة الله تعالى عليّ سابغة ،فلم ينقص من مقامي الشهودي شيء ،وهذا محض فضل من الله تعالى .كما لا يعني هذا انني بلا أخطاء ولا ذنوب و لا تقصير في جنب الله ،وهو صاحب الفضل والإنعام ،وهو التواب الرحيم ،دعانا لنستغفر ونتوب ((الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ )) وقال تعالى : ((وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)) نشاط الدماغ المشابه : إنّ أهمية المشاهد الروحية تتصل بمردودها على التعبد لا بان تجعل العابد شريك للمعبود في تدبير خلقه او شريك له في ذاته وكل ما قيل يخالف هذا مما عرف بـ (الابدال والاقطاب ووحدة الوجود) هو وهم ودعاوى وحالات دماغية لا علاقة لها بالروح ولا بالمشاهد الروحية المتحصلة بتوفيق الله ثم بالتعبد لله عبر مقامات الدين الثلاثة . لمّا فقدت الشهود : تزلزل كياني واضطرب حالي وتكدر خاطري ،وشعرت انني اخسر اروع ما في حياتي ولا يقدر بكنوز الدنيا ،العيش مع الله وشهود الوجود و وواجب الوجود جل جلاله ،حدث ذلك مرتين ومر سريعاً ،الأولى كنت في منطقة مجاورة لمنطقة سكني وكنت في مسجدها وانشغلت حينها بكتاب مدارج السالكين الكامل غير المهذب ،ثم كانت المرة الثانية ونحن نستعد للانطلاق من منى الى عرفة في الصباح الباكر من يوم عرفه 1432هـ ،وقد زاد بسبب الفقدين شعوري بعظم النعمة وشأن المنة. الخطوة التالية : أحضر حالياً لفتح مركز متخصص في هذا المجال يقدم لكل المتطلعين والشغوفين ببلوغ أعلى مقامات الاسلام الممكن الذي يحقق لهم بتوفيق الله ما يطمحون ووفق منهج يلتزم كتاب الله وسنة رسوله وعلى فهم أهل السنة والجماعة ....

 بقلم : مرعي حميد/مفكر وباحث ـ اليمن 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص