الضرار بين الأمس واليوم

الضرار هو توجيه القدرات البشرية والمادية المغلفة بالدين زيفاًىللنيل من الحق وأهله ، وتلجا له قوى الباطل كلما تجددت المعركة بين الخير والشر واشتدت ، وحينما تكون الكفة لصالح قوى الخير.

وتقـوم فلسفة الضرار على إيجاد عامل الهدم الداخلي (الذاتي) ليتكامل مع العامل الخارجي(الموضوعي) للنيل من الهدف بفعالية ، "وظلم ذو القربى أشد مضاضة "، ولقد عانى المشروع الإسلامي في العهد المدني من الضرار الذي قامت به الحركة النفاقية التي أنشئت بعد الهجرة لإعاقة مشروع الدولة الإسلامية على أنقاض دولة الوثن الجاهلية . ولقد أسس المنافقون مسجداً ذات يوم ليكون محضناً لتصميم وتنفيذ مخططاتهم القذرة شديدة  الضرر على المشروع الإسلامي ، وليبق معلماً وقدوةً يقتدي به المتأخرون في سياق قافلة الباطل الممتدة في الزمان والمكان .

ولقد أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بهدم ذلك المسجد المشبوه سريعاً . وكما كان بالأمس يعاني المشروع الإسلامي النهضوي اليوم من الضرار . لقد تجلى ضرار الأمس بشكل أوضح في كيد المنافقين ومساجدهم وخطبهم المسجدية ، واليوم يتم الضرار من خلال علماء السلطان ، مساجد ، خطب ، خواطر ، أحزاب إسلامية ، قنوات فضائية ، صحف ومجلات ، كتب ، مواقع إلكترونية ، ساحات ثورة مضادة ...الخ ، وغير ذلك مما يقوم به المنافقون والحاقدون .

وقد نفذ صنّاع ضرار الأمس مهمتهم بعد الهجرة بهدف إعاقة دولة الإسلام في المدينة ، بينما نفذ صنّاع ضرار اليوم مهامهم بعد ثورات الربيع العربي بقصد إعاقة مسيرة التغيير ومنع قيام دولة العدل والحرية (الدولة المسلمة) وهي الهدف رقم (4) لدى جماعة الإخوان المسلمين – أهم قوى ثورات الربيع العربي .

وفيما يتعلق بتزامن ظهور الضرار مع قوة وتنامي الحق، فإن أعداء المشروع الإسلامي في العهد المكي وقفوا إلى جانب الأصنام والكهنة ، مؤجلين بناء المساجد إلى العهد المدني .

واليوم فإن القوى المغلفة بغطاء ديني قد وقفت إلى جانب الدكتاتوريات العربية الصنمية قبل ثورات الربيع العربي تاركةً العمل السياسي المتمثل في إنشاء الأحزاب والأنشطة السياسية كالمسيرات بحجة عدم جواز ذلك شرعاً ، وتناقضه مع رغبات ولي الأمر  ، لكن الحقيقة التي ظهرت مؤخراً هي أن هذه القوى المشبوهة أجلت أنشطتها السياسية والثورية لتظهر بعد ثورات الربيع العربي ضاربةً بعرض الحائط القناعات والفتاوى السابقة ، وأنظمت بدون حياء أو ورع أو وازع من ضمير إلى جانب قوى الثورة المضادة لإعاقة مسيرة التغيير والحرية .

 بقلم : حسن الجريري

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص