تخيل وقلبك تتلاشى منه كل ضغينة وشحناء، تخيل حينما تتصافح الأيادي والقلوب بابتهاج وترحيب، تخيل حينما تلغي من عقلك الماضي السئيم والسحيق، تخيل تلك الابتسامة الصادقة التي تسبقها ابتسامة القلوب بالحب والقربى، تخيل نفسك وأنت تفسر كل فعل مظنون بحسن ظن وسلامة صدر، حينها تحتفل القلوب عيداً وفرحاً وابتهاجاً، فتصبح كل أيامها أعياد وأفراح لأنها رضيت بما قدر الله لها وصلح حالها مع المسلمين..
فطبيعة القلوب مفطورة على النقاء والصفاء، ومن لوثها بالأحقاد والضغينة على نِعم أخيه متمني زوالها، وحنقت نفسه من جمال النعم، فبات ليله يتقلب حسرة وندامة على قسمة القادر سبحانه وتعالى، فلو رضي بما قسمه الله له، وتمنى نعمة أخيه دون أن يتمنى زوالها لعاش في هناء وسعادة، فالسعادة ليست بكثرة المال وسطوة الجاه، وإنما بصفاء القلب والتحليق به في سماء المحبة والألفة.
ألا فلنتدارك قلوبنا ولنتحسسها فهي سر سعادتنا وسر تعاستنا في الدارين، فالذكي الفطن من تحسس الباطن ليتجمل ظاهره بالفعل الحسن، ألا ترى حينما تميل نفسك إلى التلوث بالضغينة والبغضاء والانتقام وأذى خصمك، ألا تجد لذلك كآبة وتعاسة بال وتململ، فهذا دليل واضح وجلي على أن التعاسة في حياتك سببها تلوث القلوب بالحقد والحسد والبغضاء والمشاحنة، ويكفي عقاب المبغض، فقدان نعمة السعادة والفرح والعيد القلبي، إذ القلب السليم منجي لصاحبه في الدنيا بالطمأنينة وراحة البال وفي الآخرة بالنجاة والسعادة الأبدية، قال تعالى : (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) .
بقلم الشيخ : محمد سالم هبيص