حدثني صديقي قبل أيام عن حادثة مفادها أن مجموعة من الكلاب الضالة سطت ليلاً على حوش أغنام لأحد المواطنين وقتلت عدداً منها ، وبقي ذلك المواطن المسكين يئن تحت وطأة المصيبة التي أصابته ، فلا شك أن مصابه كبير وخسارته فادحة إذا قدرنا مبلغ ( الرؤوس ) التي يقدر ثمن أحدها بعشرات الألوف إن كانت بالطبع من النوع ( العربي ) ، في زمن رخُص فيه كل عربي وكل ما يمتّ إلى العروبة بصلة ، بالتأكيد فإن تلك الحادثة لا تقارن بأشكال أخرى أشد وأنكى من قبيل مهاجمة الكلاب الضالة للأطفال ، وسجل المشافي ومكاتب البلدية يرزح بالكثير من الحوادث من هذا القبيل ولا أجد المساحة تكفي لرصد أو سَوق قصص مؤلمة عن حوادث محلية هاجمت فيها كلاب ضالة أطفالاً أبرياء البعض منهم نجا والبعض الآخر لم تسعفه الحياة والبعض الآخر عاش في خوف من أن تترصد له الكلاب وتهاجمه كما هاجمت أمثاله.
المهم أن هذه الحوادث حفّزتني أن أنبه إلى خطر تلكم الكلاب الضالة ، في وقت طغى فيه الحديث عن السياسة وساسَ يسوسُ ، وأهملنا بل وأعرضنا عن الكثير من مشاكل المجتمع وشئونه العامة ، المجتمع الرازح تحت كثير من تراكمات المصائب والأهوال وليس أولها ولا آخرها ما نحن بصدد الحديث عنه في هذه السانحة.
يُقصد بالكلاب الضالة تلك المجاميع من الكلاب التي تعيش خارج نطاق المناطق الحضرية أو خارج النطاق العمراني، ويُمكن أن تسبب مشاكل للمجتمعات التي يعيشون فيها، وهي عادة تتجمع في مجموعات لتحافظ على كيانها ، ويعزى إليها دائما انتشار داء الكلب.
استمرأت الكلاب الضالة ـ إضافة إلى ما سبق ـ إزعاج سكينة الناس خلال أوقات الليل بنباحها الشديد المدوّي وعراكها المحموم، ورغم شكوى الكثير منا إلى بعضنا البعض، إلا أننا لم نقم بجهود ملموسة تجاه حل المشكلة، وصار الكثير من الناس لا يكلف نفسه عناء التواصل مع الجهات ذات الاختصاص ليبث إليها شكواه بل ينتظر كل واحد الآخر أن يقوم بدور مشابه، وتحت ظلال سلبيتنا القاتلة وعنادنا لبعضنا البعض عاشت الكلاب الضالة آمنة مطمئنة، وتوفرت لها البيئة والمكان المناسب للعيش بسلام، وأخذت تتكاثر بأعداد هائلة، وشكلت بحضورها الكثيف خطرا كبيرا على البشر.
لا تغيب عن أذهاننا الكثير من الجهود التي بُذلت قبل فترات زمنية ليست بالبعيدة و التي قام بها بعض المنتديات الشبابية الاجتماعية بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصّة، وهي جهود جبارة تستحق الشكر والثناء وعملت على التخفيف بشكل ملحوظ في حينها من هذه المشكلة المؤرقة ، إلاّ أن المطلوب وما سيعود بالفائدة علينا جميعاً أن تكون مثل تلك الحملات دورية ومقننة وواسعة النطاق وتُعنى بالظهور في أوقات ومواقع التكاثر أو في حال شكوى الناس أو ملاحظة تزايد مؤشرات الحوادث للحيلولة دون استفحالها وزيادتها، هذا الأمر سيقلل النظرة السلبية إلى أعمالنا وتحركاتنا التي غالباً ما تأتي بعد حدوث كوارث أو أحداث دامغة يذهب ضحيتها المواطن التعبان أو أبنائه أو ما عزّ عليه من ممتلكات.
على أفراد المجتمع كافة أن يتعاونوا ويتكاتفوا في سبيل حل مشكلة الكلاب الضالة، ويعملوا جميعاً على إيجاد مختلف السبل المتاحة إلى إنهائها أو التقليل منها على أقل تقدير، ويكون هناك حرص حقيقي مجسد على أرض الواقع من قبلهم ومن قبل الجهات المختصّة والتي من المتوجب عليها تذليل كافة الصعوبات واتخاذ ما يلزم من إجراءات لا أن تصمّ آذانها عن سماع شكوى المواطن.
بقلم : أحمد عمر باحمادي