المحبرة والمقبرة

نحن أمة أقرا بلا شك ولا منازع؛ لأننا أكرمنا بهذا يوم أن بعث الله لنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، ولكن حينما نغوص ونخوض في مجريات هذه الريادة التي حافظ عليها الرعيل الأول ثم الذين يلونهم ويلونهم وانتهاء بآمة الهدى والعلماء الربانيين نرى بل ندرك أن الأمور تكاد تنقلب (360) درجة إلاّ عند من رحم الله وهم كثر، ولكن قلة بالنسبة لجمهرة امة الإسلام .

وهنا نقطة نظام مهمة لسنا بصدد إطلاق الموضوع على عموميته، بمعنى أو بآخر أنه الأمر ليس مقتصراً ومحصوراً على القراءة والكتابة كضروب من ضروب التعلم، ولكننا نريد أن نحرص على المعرفة من خلال كثير من الوسائل المتاحة بل والمتجددة، وبذل ما يمكن بذله من جهد ووقت وطاقة في سبيل ذلك ، إذ أن بعض من الذين شقوا طريقهم في النجاح في الحياة ممن لا يجيد القراءة والكتابة ، وهذه طبعا ليست دعوة لانتشار الأمية ولكن الأمر أعظم من ذلك، فممكن للإنسان أن يستفيد من خبرات الآخرين وتجاربهم ويهذبها ويعمل بأحسنها وإن لم يقرأ عنهم أو يدون لهم شيء من تاريخهم.

وهنا عودة إلى ذي بدء أن التخلي عن المحبر ة الأداة الأولى للتعلم لاشك أنه سيؤدي إلى (المقبرة)، بل إذا وصل الأمر إلى الانقطاع عن كل هذا وذاك قد يسبب له الاضمحلال، التراجع، السكون.. كل هذا وذاك يوم تناسينا قول الله : (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة).. ورحم الله من قال:

تعلم فليس المرء يولد عالما ** وليس أخو علم كمن هو جاهل

إذاً فلنسلك كل سبل الحصول على المعرفة، ولنمض في طريقنا مستنيرين بقوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)، حينها إذن ستكون للمحبرة مكان مرموق في حياتنا..

 بقلم : منير خميس بن وثاب

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص