عالم مصري يخطط لجعل الماء يتفجر عيونا في صحاري العرب

لا أحد يكسب معركة قرر خوضها عن بعد بسلاح النظارت فقط. لكن عالما مصريا بوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) يخطط منذ أشهر لخوض حرب شاملة على البيئة البخيلة بالماء في صحاري العالم، وأهمها في السعودية ومصر والسودان، وسلاحه الوحيد نظارات يتأمل عبرها من ارتفاع في الفضاء يزيد على 400 كيلومتر ليكتشف مياها غافية بين طبقات الأرض بحيث يراها، هو وغيره فيما بعد، وقد تفجرت عيونا من تحت كثبان الرمال.

ما يقوله الدكتور عصام حجي، المهندس بقسم محركات الدفع الصاروخي النفاث بوكالة "ناسا" الشهيرة، ليس حلما ولا سرابا، وهو من أسهل ما يكون. مع ذلك فالمشروع "يحتاج من 15 الى 20 سنة ليصبح حقيقة" طبقا لتعبيره بالهاتف مع "العربية.نت" الثلاثاء 6-4-2010 من حيث يقيم في ضاحية بمدينة لوس أنجلس. الا أن المدة يمكن اختصارها الى 6 سنوات تقريبا اذا تم تأمين تكاليف المشروع، وهي من 200 الى 500 مليون دولار، من خارج موازنة "ناسا" المعتادة على تأمين تكاليف برامجها من موازناتها هي وطبقا لأولوياتها.


ويعرف الدكتور حجي، البالغ عمره 34 سنة، أن اللعب بالماء في بعض الدول العربية أخطر من اللعب بالنار، لأنه مصري ولد وعاش بعض سنوات طفولته في طرابلس الغرب، بليبيا. كما عاش في القاهرة وتونس، ويشعر بالقلق العربي العام من شح الماء في منطقة مهددة بأسرها من التصحر وارهاب الزمان الفاتك بالبيئة ومصادر خيراتها، وأهمها الماء، لذلك ذكر أن: "النفط الذي يفنى له بديل بالتأكيد. أما الماء فلا بديل له اطلاقا، ويجب أن نبحث عنه ونعثر عليه ونستخرجه للاستخدام العام، وهو موجود حتى في الصحراء، ونحن بوكالة "ناسا" استخدمنا تكنولوجيا خاصة أدت الى اكتشاف الجليد في المريخ البعيد عن الأرض مئات الملايين من الكيلومترات، ونستطيع استخدامها لاكتشاف الماء في الصحراء" كما قال.

وشرح أكثر، فقال ان وكالة الفضاء الأميركية أطلقت قبل 5 سنوات مركبة "مارس اكسبرس" التي دارت حول المريخ وهي مزودة بجهاز قام بمسح سطح الكوكب الأحمر بشكل كامل ثم قصف الكوكب بموجات اشعاعية كموجات الراديو مخصصة لتصطدم بالماء أو الجليد ثم تنعكس الى مصدرها حاملة المعلومات عن وجوده، فتم العثور هناك على رواسب جليدية "لذلك من السهل اعتماد التكنولوجيا نفسها للوصول الى الماء، خصوصا أن باستطاعتنا استخدام نموذج للمسح أكثر تطورا الآن من النموذج الذي استخدمناه في المريخ".

ويعمل الدكتور عصام محمد حجي، المتخرج من كلية العلوم بجامعة القاهرة قبل حصوله على دكتوراه بعلوم الفضاء من جامعة باريس منذ 8 سنوات، كباحث علمي في قسم بوكالة "ناسا" مختص بالتصوير الراداري الهادف الى اكتشاف المياه على القمر والمريخ، وهو من مدينة المنصورة في مصر، ومتزوج من التونسية المختصة بعلم الأحياء، هاجر ابراهم (وليس ابراهيم) وله منها ابنة وحيدة اسمها ياسمين وعمرها سنتان، وأراد استباق الأمور فقال: "زوجتي ليست يهودية لمن قد يظنها من اسم عائلتها، بل مسلمة مثلي".


بحيرات من المياه العذبة تحت دارفور

وكانت التكنولوجيا التي تم تطويرها أكثر في السنوت الخمس الماضية، أدت الى اكتشاف بحيرات عملاقة من المياه العذبة غافية منذ 6 آلاف عام تحت منطقة قاحلة في دارفور بالسودان بعد مسح بالأقمار الاصطناعية قامت به "ناسا" لدارفور المفتقرة حاليا الى الماء. 

هذه التكنولوجيا هي أساس المشروع الذي يعمل عليه الدكتور حجي ويتولى مسؤوليته، وهو انتاج قمر صناعي مزود برادار ماسح لطبقات الأرض وقادر على قصف ما تحتها، وعلى عمق كيلومترين، بأشعة راديوية ترددية تعود الى مصدرها حاملة المعلومات المؤكدة وجود الماء في المنطقة المستهدفة، وهو مشروع بدأ باختيار العاملين فيه من الباحثين، من "ناسا" وخارجها، ومتفائلا بأن يكون بينهم عرب مع أن عددهم العام لن يزيد على 15 باحثا ومختصا بالمسح والتصوير اللذين سيقوم بهما القمر الاصطناعي، المعتقد أنه سيسلك في مدار حول الأرض معدل ارتفاعه 400 كيلومتر عن الأرض، وهو مزود بأجهزة تمسح الكرة الأرضية بكاملها وتقوم بتصوير طبقاتها الجوفية وتحديدها ثم قصفها بعد ذلك بموجات راديوية تكشف عن مكامن الماء المستورة عن الانسان منذ آلاف السنين.

وقال الدكتور حجي، الحاصل على الجنسية الفرنسية الى جانب المصرية، انه قدم تفاصيل المشروع قبل 4 أشهر لوكالة الفضاء الأميركية فأعطته الضؤ الأخضر، وعلى أثرها أجرى اتصالات مع جامعة الملك سعود في السعودية ولمس منهم ترحيبا بالفكرة التي وعدوه بدرسها والتعرف الى مجالات تطبيقها في صحراء الربع الخالي بشكل خاص، وهو ما لمسه أيضا من جامعة القاهرة التي أجرى معها اتصالات كانت نتيجتها أيجابية، خصوصا انه سبق أن عاونته في تجربة تصويرية عبر الرادار قام بها في الصحراء الغربية قبل 10 سنوات، بسبب شبه الصحراء الغربية بالطبيعة الجغرافية للمريخ، حيث تم قصف طبقات المنطقة بترددات رادارية وصلت الى عمق 10 أمتار.. كانت تجربة يأمل الدكتور حجي بتكرارها هذه الأيام فوق صحراء الربع الخالي بالسعودية.. يريد التحليق فوقها بطائرة هليكوبتر لتصوير مواقع جوفية على عمق ألفي متر تحت الصحراء، ومن بعدها يريد تقديم الدليل على أن الماء الذي ساعد "ناسا" بالعثور عليه جليدا على المريخ يمكن اكتشافه سائلا وعذبا على الأرض.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص