كتب- إسلام توفيق:
أكد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن الله- عزَّ وجلَّ- فصل بين الأخذ بالأسباب والنتائج، مشيرًا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حفر الخندق هو وأصحابه ولم تدر معركة حوله، ولكن جاءتهم النتيجة نصرًا من الله بالريح، ولم يكن ذلك في حسبانهم.
وقال- في رسالته الأسبوعية التي حملت اسم "الدعوة إلى الله بين الأخذ بالأسباب وانتظار النتائج"-: إن الله كلفنا بالدعوة إليه، وحملنا هذه المسئولية المهمة، وأكد أنه لا يُكلِّف نفسًا إلا وسعها، حسب طاقة كل فردٍ مسلم مكلف؛ حيث حمل هذا التكليف الإنسان والجن بل والجبال أيضًا، مهما صادفهم من صعاب ومضايقات ومهما وضع في طريقهم شياطين الجن والإنس من العقبات.
وذكر د. بديع بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، حين قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك"، مشيرًا إلى أن الكلمتين المذكورتين ليستا مترادفتين، بل إن لكل واحدة من الكلمتين معنى نحتاجه في طريق دعوتنا، يلخص مشكلة من أهم المشاكل التي تواجه العمل الجماعي: الأولى (خالفهم) أي لم يسر معهم من البداية مختلفًا مع سبيلهم الذي يسلكونه لتبليغ دعوة ربهم، أما الكلمة الثانية (من خذلهم) فهي كلمة موحية أخرى تعني أن هناك من سيسير معهم شوطًا من طريق الدعوة إلى الله ثم ينصرف عن مواصلة العمل معهم، سواء في ظروف ابتلاء شدة، أو ظروف فتنة رخاء.
وأشار إلى أن هذا حدث لهذه الجماعة المباركة على طول طريقها وعمرها الممتد طولاً وعرضًا جغرافيًّا وتاريخيًّا تمامًا، كما قام الأستاذ حسن البنا رحمه الله من هذا النبع الصافي ببذل أقصى الجهد مع الإخلاص والتضحية مع الترابط الوثيق لكل أفراد الجماعة؛ حتى يكونوا كالبنيان المرصوص، يستعصي على مناوئيه النيل منه دون النظر إلى النتائج.
وأضاف: "الله عز وجل لم يكلفنا بالنتائج؛ لأنه أحيانًا كثيرة لا تأتي النتائج حسب رغباتنا بعد بذل أقصى الجهد، فتصاب النفس البشرية بشيء من اليأس، ولكن تأتي التسرية عن قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما واجه بمضايقات بل واعتداءات وأشدها يوم الطائف، رغم أنه ما ذهب إلى الطائف إلا لدعوتهم إلى الله ورضوانه وبلا مقابل، إلا أنه يحب لهم الهداية".
وضرب فضيلته مثالاً بإخواننا في فلسطين الذين يتحملون أصعب المشقات، ويأتيهم عون الله ونصره من حيث لا يحتسبون بعد تمام أخذهم بالأسباب، داعيًا إلى أن يتحلى المسلمون بإخلاص النية لله، فإذا حدث ما نتمناه حمدنا الله عز وجل على فضله وتوفيقه، وإذا لم يحدث ما كنا نتمناه فقد وقع أجرنا على الله، ونسأله أن يُقدِّر لنا الخير؛ حيث كان ثم يرضينا به، بالإضافةِ إلى الاستمرار في أداء الواجب على كل حال، بعد التأكد من سلامة الأخذ بالأسباب، وبذل أقصى الجهد يؤكد أن العمل لله؛ لأنه ما كان لله دام واتصل.
واختتم فضيلته رسالته قائلاً: "أيها المسلمون في كل مكان.. ويا أبناء الدعوة من الإخوة والأخوات.. رزقنا الله وإياكم دوام الإخلاص ودوام العمل ودوام الإتقان ودوام الرجاء ودوام القبول، فسيروا على بركة الله.. والله يوفقكم ولن يتركم أعمالكم، وسيجزيكم أجركم بإذنه سبحانه بأحسن ما كنتم تعملون".