حضرموت اليوم / العربية / محمد النعيمي
تعيش قرية "حقال" السعودية التي تبعد نحو 200 كيلو متر عن مكة المكرمة معاناة حقيقية تتمثل في معدلات وفيات عالية بمرض السرطان الذي يفتك بالقرية، ويتسبب في موت العشرات من أهلها، وذلك بسبب مياه الشرب الملوثة.
وفي تقرير بثته "العربية" الثلاثاء 11-1-2011 قال أحد سكان القرية إنه أصيب بالمرض في الحنجرة عام 1409 هجرية، وكان معه خمس إصابات أخرى بالسرطان في ذلك الوقت، مشيرا إلى أن المصابين الخمسة توفوا بمضاعفات المرض بينما كتب الله له النجاة.
وقال آخر من أبناء القرية "أصبحنا نتعامل مع مرض السرطان كمرض عادي وطبيعي، وذلك يبدو واضحا في كثرة الوفيات والأمراض في القرية جراء تلوث المياه لدينا وهذا واضح لدينا للذين يملكون تقارير طبية".
ومن جانبها أبدت امرأة من سكان القرية خوفها على أبنائها من هذا المرض لكي لا يلحقوا بأبيهم الذي كان أحد ضحاياه.
ووصلت حالات الوفاة بالمرض في القرية إلى 82 شخصاً ولا يزال المصير المجهول ينتظر عشرات المصابين به.
ولم يقف أهالي القرية مكتوفي الأيدي واتخذوا كل السبل من خلال رفع شكواهم ضد وزارة المياه والكهرباء لتجاهلها ما حدث سابقاً، وما قد يحدث مستقبلاً من أمراض تودي بحياة أشخاص أبرياء بسبب التلوث البكتريولوجي.
كما يشكو السكان من منع الوزارة حفر الآبار من قبل المواطنين وفاعلي الخير في ظل الجفاف وقلة المياه التي تعاني منها القرية، وتجاهل الوزارة للأمر الصادر من ديوان رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 15-8-1430 هجرية، الذي ينص على إنشاء شبكة للمياه المحلاة ووحدة للتعقيم بالكلور وتوفير المياه الصالحة للشرب.
ويطالب أهل "حقال" بالتعويض المادي لأبناء القرية عن الأضرار التي تلحق جراء شرب هذه المياه الملوثة، وقاموا برفع قضية على وزارة المياه في ديوان المظالم بتاريخ 9-7-1430 هجرية، في محاولة منهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
خبير يطالب بتحليل المياه الجوفية
وقال الدكتور علي عشقي الخبير في المياه والبيئة لـ"العربية" بأن "حقال" ليست الوحيدة في هذا المرض في المملكة العربية السعودية حيث سبقتها منطقة "حمراء الأسد" في المدينة المنورة التي شهدت حالات تجاوزت الخطوط الحمراء في انتشار مرض السرطان، نتيجة للصرف الصناعي لمصانع دباغة الجلود وتأثر المياه الجوفية بمادة العنصر الثقيل حسب ما أثبتته جامعة طيبة.
ويشير عشقي أيضا إلى المنطقة الشرقية والتي كان أحد أسبابها حرب الخليج الأولى وانتشار مادة دبلتد يورانيم أو اليورانيوم المستنفذ.
وطالب بنشر الوعي البيئي لدى المسؤولين والمواطنيين، مبينا أن المياه لا يمكن أن تكون هي السبب إلا اذا كانت مختلطة بصرف صناعي، ولابد من تحليلها لمعرفة ما إذا كان فيها صرف صناعي أو أنها قريبة من منطقة صرف صناعي فحينئذ يمكننا التأكد بأن الماء هو سبب المشكلة.
ورأى أن الحل في قضية "حقال" أن توجه الجامعات السعودية بتحليل المياه الجوفية فيها، وتحديد العنصر المسبب لداء السرطان، كما أنه يجب على الحكومة وقف استخدام المياه الجوفية، وتزويد القرية بمياه نظيفة محلاة أسوة بالمدن الأخرى، بالإضافة لإنشاء مستشفى لمعالجة الأورام السرطانية في "حقال".
وختم عشقي حديثه بضرورة البحث عن مصادر أخرى لكي لا ينتشر هذا المرض أكثر من ذلك منوهاً بأن الأرقام المسموعة مخيفة.