قبل لحظات كنت مسرعا بسيارتي نوعا ما .. فجأة انبعث هر صغير من فوق الرصيف فلم أشعر به إلاّ وقد أصطك جسمه أسفل السيارة .
شعرت حينها وكأن تلك ( الصدمة ) قد هشمت عظام جسدي قبل أن تهشم جسم ذلكم الهر الصغير .
تمنيت لو أنني أستطيع أن أتوقف وأحاول اسعاف هذا المصاب أسفل سيارتي إلى المستشفى .. لكن الأمر لايجدي وليس مقبولا .
من تلك اللحظة وحتى كتابة هذه السطور لآ أزال أشعر بوخز الضمير وتأنيبه لايتوقف الاّ ويعود والإحساس بالذنب يراوح عقلي وقلبي من وقت لآخر .
ماذنب هذا الهر المسكين ؟
كيف ستمر هذه الليلة السوداء الثقيلة على هذا المسكين وأفراد عائلته ومحبيه ؟!!
كيف ستستقبل أمه خبر وفاته أو على الأقل تهشم عظامه ؟!!
كيف لو كان أبنك مكانه ؟!!
إلى أين كان ذاهبا وفيما كان يفكر ؟
ربما كان ذاهبا ليقضي حاجة لأحد أفراد عائلته ؟!!
ربما كان في موعد مع أصدقائه ؟
كيف سيستقبل أصدقائه الخبر الفاجعة ؟
أسئلة كثيرة تزاحمت على مخيلتي .. ومشاعر جياشة كالسيل تواردت على وجداني .. ولا أزال حتى الساعة أعالجها .
لكن السؤال الذي كاد يعصف بكل تلك التساؤلات .. إذا كانت كل هذا المشاعر والآلآم وتأنيب الضمير حصل لي فقط بسبب عمل غير متعمد أصاب ( هر ) صغير على قارعة الطريق .
بالله من يستطيع أن يخبرني كيف يعيش من يمتهن ويستمتع بقتل الأبرياء من المسلمين الساجدين الراكعين معصومي الدماء والأعراض ؟!.
بالله خبروني عن حال من يقتل المواطنين الآمنين بدم بارد وهدؤ أعصاب وراحة ضمير وسكينة بال ، وكل يوم يبحث له عن ضحية جديدة وسط زحام المدن وبكل اصرار وترصد وترتيب مسبق وتنسيق محكم وكأنه يبحث عن هدية العمر وفرصة الحياة السعيدة .
بالله هل هذا من بني البشر أو يمت للإنسانية بصلة ؟
هل له قلب يحس بمعاناة الآخرين او لديه بقية ضمير يؤنبه أو يعاتبه على الأقل من الداخل .
إذا لم يعد الدين والرب يعنية بشيئ فعلى الأقل أين المشاعر الإنسانية وهو يقوم بقتل إبن أو أب أو أخ أو صديق أو يقتل الجميع ثم يواصل مسيرة حياته بكل ثبات وثقة وفرح .
لا لا لا .. لا أظن أن مثل هؤلاء بقي لديهم شي من كل ماسبق ذكره إنما هم بقايا صور إنسان قد تبخرت منه كل معاني الإنسانية دون أستثناء .
فعليهم اللعنة ولهم سؤ الدار .
بقلم : محمد احمد بالطيف