حضرموت اليوم / متابعات
أثارت الدموع التي ذرفها الرئيس التونسي
المنصف المرزوقي إعجاب الكثير من التونسيين، وبدا ذلك جليا في مواقع التواصل
الاجتماعي لاسيما في "فيسبوك" و"تويتر".
وكان علامات التأثر واضحة على المرزوقي بعد أدائه
اليمين الدستورية أمام ممثلي الشعب بمقر "المجلس الوطني التأسيسي"، صباح
اليوم الثلاثاء، ليبدأ تولي مهامه كأول رئيس للبلاد بعد يوم من انتخابه بأغلبية 153
صوتاً من إجمالي أعضاء المجلس التأسيسي، في التصويت الذي جرى الاثنين.
وقال المرزوقي واضعا يده على القرآن الكريم "أقسم
بالله العظيم ان أحفظ المصالح الوطنية ودولة القانون والمؤسسات وان أكون وفيا
للشهداء وأهداف الثورة".
ووعد المرزوقي الذي وضع زيا تقليديا تونسيا
بلون بني فاتح على سترة زرقاء وقميص ابيض وبدا فخورا وهادئا، بان يكون "رئيسا
لكل التونسيين"، وأن لا "يوفر اي جهد" من أجل تحسين مستوى عيش
مواطنيه.
كما تعهد بضمان "الحق في الصحة والحق
في التعليم وحقوق المرأة".
كما ترحم المرزوقي في تأثر باد على أرواح "شهداء
الثورة" التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قائلا: "بدون
تضحياتهم ما كنت لأوجد في هذا المكان".
وانتخب المجلس التأسيسي التونسي أمس الاثنين
المنصف المرزوقي، المعارض الشرس لزين العابدين بن علي، رئيسًا للجمهورية، كما أفاد
صحافيون في وكالة "فرانس برس".
وانتخب المرزوقي (66 عامًا) زعيم حزب
المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي) بغالبية 153 صوتًا، مقابل معارضة ثلاثة
أصوات، وامتناع اثنين عن التصويت، و44 بطاقة بيضاء من إجمالي 202 عضو من أعضاء
المجلس، البالغ عددهم 217. وستكون مهمته الأولى اختيار رئيس الحكومة، المتوقع أن
يكون الإسلامي حمادي الجبالي.
وعزف النشيد الوطني في القاعة التي ترددت
فيها هتافات أنصار المرزوقي، تطالب بـ"الوفاء لشهداء الثورة". وشكر
المرزوقي، الذي درس الطب، النواب الذين حضروا، وأعرب عن شعوره بالفخر بتحمل
مسؤولية أن يكون حامي "الشعب والدولة والثورة".
والمرزوقي يشتهر بعناده وبمواهبه الخطابية،
لكنه يتعرض للانتقاد بسبب تحالفه مع إسلاميي حزب النهضة، الذين سيشكلون الحكومة.
سيرة المرزوقي الذاتية :
المنصف المرزوقي (66 عاما) الذي انتخب
الاثنين رئيسا للجمهورية التونسية عرف بدفاعه المستميت عن حقوق الإنسان، وبمعارضته
الشرسة لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي أطلق بشأنه عبارته الشهيرة "لا
يصلح ولا يصلح".
ويرأس المرزوقي المنحدر من الجنوب التونسي،
حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يسار قومي) الذي أسسه في 2001. وحقق هذا الحزب بفضل
سمعة زعيمه وحنكته بشكل خاص، نتيجة لم يتوقعها المحللون، وفاز بـ29 مقعدا في
انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ليحل ثانيًا بعد حزب النهضة الإسلامي (89 مقعدا).
ويشيد الكثيرون بمبدئية المرزوقي وروحه
النضالية، لكن بعضهم ينتقد اقترابه في الصيف الماضي من الإسلاميين، في حين يرى
آخرون في ذلك براعة سياسية كبيرة أتاحت له تحقيق نتيجة جيدة، إذ لم يسع مثل باقي
أحزاب اليسار التونسي، التي منيت بهزيمة انتخابية، إلى استعداء الإسلاميين، مركزًا
على إزالة آثار النظام الفاسد السابق.
والمرزوقي بملامحه السمراء ووجهه الذي يعكس
وهج الصحراء ونظارتيه اللتين تنشطان خيال رسامي الكاريكاتير، شخصية عنيدة وتملك
موهبة مخاطبة الجمهور بجمل موجزة ومعبرة.
ويشيد به كثيرون باعتباره "شخصًا
نزيهًا" ويملك "ماضيًا لا غبار عليه"، غير ان البعض، خصوصًا بين
اليساريين العلمانيين، ينتقدون اقترابه من الإسلاميين، ويأخذون عليه إعلانه بعد
ثلاثة أيام من فرار بن علي في 14 كانون الثاني/يناير أنه ينوي الترشح لرئاسة
الجمهورية.
والدكتور المرزوقي طبيب وناشط حقوقي ومفكر
وكاتب سياسي ولد في 7 تموز/يوليو 1945 في قرنبالية (30 كلم جنوب شرق العاصمة) لأسرة
تنحدر من قبيلة المرازيق في الجنوب التونسي.
وهو حائز على الدكتوراه في الطب من جامعة
ستراسبورغ (1973) الفرنسية اختصاص الطب الباطني والطب الوقائي وطب الأعصاب، وحائز
على إجازة في علم النفس من كلية العلوم الإنسانية في جامعة السوربون، وتولى تدريس
الطب في جامعة ستراسبورغ، وهو أستاذ سابق في قسم الأعصاب في تونس، وأستاذ للطب
الحديث في جامعة باريس.
وفي تونس، تولى تدريس الطب في جامعة سوسة (140
كلم جنوب شرق العاصمة) من 1981 الى 2000. وفي 1995 منع من أي بحث علمي وفي العام 2000
طرد من كلية الطب بسوسة.
عرف المرزوقي بنضاله الحقوقي، وانضم في 1980
الى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأصبح رئيسها في 1989. في 1993 أحيل
على القضاء إثر تأسيسه جمعية الدفاع عن المساجين السياسيين، وفي 1994 خلع من رئاسة
الرابطة فرد على ذلك بالترشح لرئاسة الجمهورية.
ووضع في آذار/مارس 1994 في السجن الانفرادي
لمدة أربعة أشهر، وحرم من جواز سفره، وأطلق سراحه في تموز/يوليو إثر حملة وطنية
ودولية وتدخل الزعيم الجنوب إفريقي نلسون مانديلا. وفي 1997 أسس مع عدد من
المناضلين، بينهم الناشط السوري هيثم مناع، اللجنة العربية لحقوق الإنسان، وترأسها
حتى العام 2000.
في 2001 أسس مع العديد من المناضلين والقوى
السياسية التونسية المجلس الوطني للحريات. وفي 2001 أيضا أسس حزب المؤتمر من اجل
الجمهورية، الذي لم ترخص السلطات له، وأعلن المرزوقي أنه "حزب مقاومة لا حزب
معارضة"، وطالب من خلاله بإسقاط نظام بن علي بدلاً من السعي إلى إصلاحه، وذلك
لإيمانه بأنه نظام فاسد غير قابل للإصلاح، فصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام.
قوبل هذا الحكم بضغوط دولية على الحكومة
التونسية، ليرحل المرزوقي بذلك إلى فرنسا، حيث واصل نضاله في المنفى. في العام 2006
عاد إلى تونس من دون موافقة السلطة للدعوة إلى عصيان مدني بهدف إسقاط نظام بن علي،
ولكنه رحل إلى فرنسا بعد 5 أيام تعرّض خلالها إلى الترهيب والتضييق الشديد من قبل
البوليس السياسي.
واصل المرزوقي رحلة نضاله في المنفى من خلال
كتاباته السياسية ونشاطه في المنظمات الحقوقية الدولية وتحريضه المتواصل على
العصيان المدني. وعاد الى تونس في كانون الثاني/يناير 2011 بعيد فرار بن علي،
ليواصل نضاله من موقعه كرئيس لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية المحظور سابقا.
والمرزوقي أب لطفلين من طليقته الفرنسية،
وقد حصل على العديد من الجوائز الحقوقية وكتب العديد من المؤلفات في السياسة والأدب
والطب، منها "الإنسان الحرام" و"انها الثورة يا مولاي" و"الرحلة"
و"حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان" و"في سجن العقل".