بناء على توجيهات السيد عبد الملك الحوثي انطلقت مسيرة حاشدة تجوب العاصمة ( صنعاء ) تطالب بإسقاط الحكومة وبوقف الجرعة الجديدة .. وهذه مطالب مشروعة وإنسانية , ولكن ما يدعو للعجب هو أن من يطالب بذلك وفي قلب العاصمة اليمنية هم الحوثيون .
الحوثيون الذين خاضوا حروب تمرد عدة ضد جيشنا وقتلوا خلالها أنفسا عديدة من المدنيين والعسكريين . الحوثيون الذين لم تجف أيديهم بعد من دماء كوادر الجيش في عمران , وغيرهم من الأبطال المدافعين عن شرف الجمهورية الذي فرطت فيه قيادات معتبرة في الدولة والجيش ممن يقع عليهم حفظ هذا الشرف من الاستباحة والامتهان .
الحوثيون الذين مازالوا ـ وفي نفس وقت مسيرتهم ـ يمارسون القتل والتوسع العنيف في محافظة الجوف . الحوثيون الذين احتلوا محافظة صعدة وعمران ويسعى لضم الجوف لتصبح محافظات خاضعة لحكم السيد ( الحوثي ) وحده دون أي وجود للحكم الجمهوري فيها .
كيف يستقيم لي بعد تلك الأفاعيل التصديق أن وجوده اليوم في قلب صنعاء إنما هو خدمة للمواطن ورقي للوطن .
وكيف تناست حكومتنا وقواتنا المسلحة وأمننا كل ما قام به الحوثي من جرائم تستدعي منع أي نشاط يقوم به واعتباره وجماعته من المطلوبين للعدالة , أم إن كل ما قام به لا يتطلب قصاصا ولا مساءلة وتعتبره دولتنا أمراً مشروعا وحربا مبررة وقتلا مجازا . . أم أن هناك توافقا واتفاقا وتنسيقا وتواصلا ( علنيا وخفيا ) يجيز ويدعم ما حدث ..
وأمام هذا التسيب أليس من حق القاعدة غدا أن تقوم بمسيرة في العاصمة تطالب بإزالة حكم الطاغوت , حيث لا يوجد فرق بينها وبين الحوثي في الوسائل من قتل الجيش والأمن واحتلال الأرض وجعلها إمارات ومقاطعات . وغدا أليس من حق الحراك الجنوبي أيضا أن يقوم بمثل ذلك النشاط في صنعاء مطالبا بحق الانفصال علما أنه لم يقترف ما قام به الاثنان , فهو مشكورا ( كتنظيم وجماعة ) لم يدخل حربا نظامية مع الجيش ويقتل جنودا ولم يسيطر على محافظات كاملة .
وقمة الاستخفاف بعقل هذا الشعب حينما يطالب الحوثي بإزالة حكم عائلي وأسري ظالم مستبد متناسيا أن أساس حركته ترسيخ مثل ذلك النوع من الحكم الطائفي الأسري .
وأعجب من العجب أن يمهل الحوثي النظام ( 4 ) أيام لإجابة طلباته وإلاّ فسوف يقوم بتصعيد وسائله , والتي قد تكون تنفيذ أمر قد تم التخطيط له وتجهيز وسائل ضمان نجاحه منذ وقت ليس بالقريب !.
وأمام هذا التعسف أليس من الأكرم لدولتنا ( إن كانت صادقة ) أن تمهل هي ( الحوثي ) تلك الأربعة أيام لوقف كافة أنواع تمرده وهجماته على جيشنا وأمننا وتسليم كل ما حازه من سلاح وعتاد منها , والخروج من كل محافظة دخلها معتديا محتلا والعودة الى محافظته كتنظيم خاضع للقانون والنظام .
ولكن هذا لم يحدث لأننا حقا نعيش في وضع مقلوب ونسير في منحدر خطير ونشرع لفاعلية مبدأ القوة والعنف لكل من أراد تحقيق مكسب سياسي أو طائفي أو شخصي على ساحة الوطن .!
كمواطن مغلوب ادعم هذه المطالب واقف مع من يدعو لها لكون حجم الظلم والفساد قد زاد وطغى .. ولكنني كانسان وهبني الله عقلا أجدني أقف أمام منفذ العمل موقف المتوجس الخائف من أبعاده وأهدافه والتي لا تسعى لصالح الشعب والوطن وإنما تستغل هذا الوضع المزري الفاسد وهذا التخبط الحكومي العاجز لحاجة في نفس منفذيها وفي عقل الذئب الملطخ فعليا بدم المساكين , وأراها فقط تحقق رفعة وعزة لأسر لتضع أخرى , وتنفذ تمكينا لتنظيمات على حساب استئصال أخرى , وتنكس راية واحدة لترتفع في سماءنا بضع رايات , دون أدنى فائدة فعلية يجني منها المواطن تقدما ورخاء وعدلا وسلاما .
وكل ما يمكن تحقيقه منها هو أن يقول بعدها المواطن بكل ثقة : وداعا أيتها الجمهورية .. سلاما أيتها الوحدة .
بقلم : أبو الحسنين - محسن معيض