خاطرة .. من بين ركام الألم

تفتّحت عيناه على فيض من ضياء باهر ظهر له فجأة من خلف تلال الهموم. وعن كثب غمرته لجة النور. كان فيما مضى يمترغ في وحل الكآبة. تسمّر خياله المجهَد أمام وهج ذلك القمر، وما فتئت نفسه الظمأى تدعوه إلى أن يلج بوابة النور. لكن أشباحاً تلبست به، أخذت تسحبه بشدة لكيلا يفلت من قبضتها، كان يأبى ويقاسي، ومع تأبّيه كان يعاني غمرة الألم، كأن شدة النزع قد تركزت على عروقه وأعصابه. وفوق تيارات الأمل أخذ يسبح ويسبح، مرت لحظاته بمخاض عسير، أزفرت دمعاً طاهراً غسّله من أدران الماضي البغيض إلى نفسه، لكنه في نفس الحين فتح إزاءه صحارى من أحاجي لم يعلم كيف يجتازها. كانت آماله تستعصي عليه، بل كان يظنها في أحيانٍ كثيرة جحافل اليأس وقفت له بالمرصاد. وكلما فتح ذراعيه ليعانق أحلامه، أحسّ بها وكأنها قد استحالت أشلاءً تطارده من بعيد. وبدلاً من أن يقطف زهر الأقحوان إذا به يبصر بين يديه المرتعشتين رماد سحائب تتشح بالسواد. آهات حرّى زفر بها بعنف، ومع كل زفير من صدره المنطفئ كان يشعر كأن أحلامه تتطاير من بين أضلاعه.

وبينما هو في غمرة تباريحه أبصر شعاعاً شق حُجُب اليأس الذي استعمره، وفي انطلاقته أنصت له يردد أغنية الفجر الوضاء، حينها عادت أطيار الأمل تحلق فوقه من جديد، ونمت زهيرات الفرح في صدره الأجرد.

بقلم : أحمد عمر باحمادي

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص