في حين أن كثير من المسلمين محرومين من الأجور العظيمة لأعمال الخير والأوقاف الإسلامية التي تدر بالحسنات حتى بعد الممات ، نجد كثيرٍ من المحسنين يتنافسون في أعمال الخير كبناء المساجد وكفالة الأيتام التي لها الحظ الأوفر من صدقات أصحاب الأيادي البيضاء ،ففي بعض بلاد المسلمين من كثرة المساجد بعضها مجاور البعض الآخر أي لا يفصل بين بعضها إلا بضعة أمتار ، ولا تكاد تجد في بعض بلاد المسلمين يتيماً إلا وقد كفله محسن ، فهنيئاً لهم الأجر والثواب وقصور الجنان ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم فيها . لكن هل بناء المساجد وكفالة الأيتام هي الأكثر أجرا ؟! يقول أهل العلم أن الأكثر أجراً هو ما كان الناس أكثر حاجة إليه ، فقد تكون منطقة أمس حاجة إلى مستشفى أو مسجد أو دار لتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية أو جسر أو مدرسة أو مركز للتدريب والتأهيل ونشر الوعي أو مركز صحي وربما كان الناس في أمس الحاجة إلى مشروع مياه أو كفالة أبنائها وبناتها ليواصلوا دراستهم وليعودا بالنفع الكبير لبلدهم . وقد يوجد فقراء ومحتاجين وأرامل ومطلقات وذوو احتياجات خاصة ( معاقين ) أكثر حاجة من الأيتام ، فأحيانا ترى يتيم يغدق عليه أهل الخير والإحسان من الأموال والصدقات إلى درجة أنه يعد من الأغنياء بينما قريبه أو جاره عامل بناء أو صاحب مهنة متواضعة ويعول أسرة كبيرة ودخله لا يكفيه ، وآخر يحمل جبالاً من الديون ، وآخر لا يجد قيمة العلاج ، وطالب أوقف دراسته الأكاديمية بسبب ظروفه المادية وشاب بدأ الشيب يلتهم رأسه ولم يوفر تكليف زواجه بعد .. ومن ناحية أخرى كثير من المحسنين لا ينفق صدقاته إلا في منطقته فمنطقة سكانها حوالي المائةألف نسمة بها أكثر من خمسمائة مسجد بينما مدينة سكانها خمسة وعشرون مليون نسمة لا يوجد بها إلا مسجدين فقط . وقرية صدقات رمضان تكفيهم لسنة كاملة وغيرها لا تجد أبسط مقومات الحياة . أخي المحسن الكريم : ضاعف حرصك على أن تكون صدقاتك حلولاً لاحتياجات الناس في أي مكان كان ولأي أناس كانوا حتى تنال الأجور العظيمة إن شاء الله تعالى . فقد قال تعالى : (( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة )) وقال صلى الله عليه وسلم : ( وخير الناس أنفعهم للناس ) وقال أيضاً : ( (إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن, وأن يفرِّج عنه غمًا, أو يقضي عنه دينًا, أو يطعمه من جوع ) .
بقلم : سالم باشعيب salimbashaib@gmail.com