الثقة هي العنصر الأساسي لنجاح أي علاقة تربط طرفين. فما بالك إن كانت هذه العلاقة تضع الملايين من الدولارات على المحك. ما هو السبيل لبناء شراكةٍ راسخة طويلة الأمد مبنية على الثقة المتبادلة بين الشركات وعملائها؟
الثقة بين الشركة والعميل هي أهم عوامل النمو والنجاح. وتزعزع الثقة قد تدفع امبراطوريات اقتصادية عملاقة إلى الانهيار أو تؤدي إلى خسائر مالية فادحة. في الشهر الماضي، شهدنا على إحدى أكبر الصفعات التي تلقتها شركة "آبل" العملاقة بعد فضيحة تسرب صور عارية لمشاهير عبر خدمة أي كلاود. وتعرضت الشركة لانتقادات شديدة حيث أثار خبراء حماية البيانات حملة انتقادات ضدها في وسائل الإعلام الأمريكية. أما خسائرها، فقدرت بنحو 26 مليار دولار حيث هبط سعر سهم أبل أكثر بمعدل 4.2% أي 4.36 دولارات. وآبل لم تخسر ثقة مستثمريها فحسب بل خسرت ثقة عملائها الذين يأتمنون تكنولوجيا الشركة على أسرارهم الشخصية. كما تراجعت المبيعات العالمية سلسلة مطاعم "ماكدونالدز" بنسبة 2.5% خلال شهر تموز الماضي مع انخفاض حاد في أسواق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط بنسبة 7.5% بسبب فضحية اللحم الفاسد في الصين. كما أعلنت عن إغلاق 12 فرعاً لها في روسيا بسبب اختراقها معايير السلامة الصحية.
تساهم العديد من العوامل بزعزعة ثقة العملاء في سوق العمل المتقلب. أبرز هذه العوامل هي عدم الوفاء بالوعود، وعدم الالتزام بمواعيد التسليم، والتغيير بنوعية المنتج، وفرض أسعار مرتفعة أو تكاليف إضافية وغيرها. وسواء كنت في مجال المبيعات أو القانون أو التسويق أو العقارات أو غيرها، فهدفك الأساسي هو أن تدفع عملائك لأن يثقوا بك ثقةً عمياء وأن يأتمنوك على أموالهم ومشاريعهم ووقتهم. نقدم لك عدد من النصائح لحماية علاقتك بعملائك وترسيخ الثقة فيما يلي.
احترم وعودك: أسرع طريقة لتدمير شراكة عمل هي من خلال عدم الدقة بالمواعيد والتهاون بمصالح العملاء. ولا شيء أسوء من أن تنكس وعودك وأن تبدو بمظهر الكاذب أمامهم. وفي حال تكرار ذلك، سرعان ما يتحول الأمر إلى وصمة عار التي ستؤدي إلى فقدانك مصداقيتك وتشويه سمعتك في السوق. عندما تعد زبائنك بمنتجٍ أو خدمةٍ معينة، قم بالتسليم في الوقت المتفق عليه. ابذل كل طاقتك لتنفيذ مهمتك حتى لو اضطررت أنت وفريقك أن تعملوا ساعات إضافية. وإن كان الأمر خارج سيطرتك، فاحرص على إخطار زبائنك بالتأخير الذي سيطرأ على التسليم وفسر له لمل حصل هذا التأخير وحاول ألا تدع الأمر يتكرر.
النوعية ثم النوعية ثم النوعية: لا تتوقع أن تكسب احترام وولاء زبائنك إن قدمت لهم منتجات متدنية النوعية أو مشاريع غير مكتملة. عندما يقوم العميل باستثمار مبالغ طائلة من الأموال في مشاريعه مع شركتك أو عندما يشتري أحد منتجاتك، فهو يتوقع الأفضل مقابل المال الذي دفعه. عليك أن تقدر زبائنك وألا ترضى إلا بالأفضل لهم. وأن شعرت أن شركتك لا تستطيع أن تتكفل بالقيام بالمهمة، فوظّف أفراد أكفاء يستطيعون أن يساعدوك على الارتقاء بمنتجاتك إلى مستوى توقعات العملاء.
استمع إلى عملائك: في بعض الأحيان، كل ما يحتاج إليه العميل هو شخصٌ يستمع إليه ويتجاوب معه وينفهم احتياجاته ويسعى إلى إرضائه. إن كنت تريد أن تبني جيشاً وفياً من العملاء فما عليك سوى أن تنصت بصدق وأن تكون مهتماً بما يقولونه. احرص على معرفة أراءهم بشكلٍ دائم واطلب منهم أن يقدموا اقتراحاتهم لتحسين الخدمة أو المنتج. هذا الأمر سيجعل زبائنك يشعرون أنك تهتم لأمرهم وأن مصالحهم هي من أولياتك وأنك لا تسعى للحصول على أموالهم فقط.
تفوق على نفسك: في يومنا، يكثر المنافسون في الأسواق. وإن نظرنا فقط إلى قطاع المطاعم فنرى مئات المطاعم يقدمون نفس الأطباق بأسعار متفاوتة. وهذا ما يحول السوق إلى ساحة معركة حيث يكافح أصحاب الأعمال للبقاء والاستمرار. حاول أن تتخطى نداء الواجب وأن تقدم أفضل ما في استطاعتك وأن تتفوق على نفسك. لا ترضى بالأداء المتواضع واسعَ للتميّز. هذا الأمر سيعزلك عن المنافسة ويضعك في مرتبةٍ متفوقة وسيجعل عملائك يخلصون لك.
قدّم خدمات مجانية: مهما كبرت الثروة ومهما ازدادت الوفرة لدى العملاء، إلا أن الشعور بالرضى الذي يرافق المنتجات أو الخدمات المجانية لا يقارن بشيء. ويقول علماء النفس إن المستهلكين لا يستطيعون مقاومة كلمة "مجانية" حيث تعني أنه لا يوجد جانب سلبي أو خطورة وأن معظم حملات التسويق في الشركات الكبيرة في يومنا هذا تتبع النظرية السلوكية التي تسعى إلى تقديم العروض للعملاء. وهذه العروض لها فوائد عديدة منها خلق بلبلة حول حملاتك الترويجية وتجذب المزيد من العملاء كما تشجع العملاء على التعلق بمنتجاتك وخدماتك وتزيد ثقتهم بشركتك التي لا تسعى إلى الربح الأعمى. قبل أن تفكر بالمبالغ التي ستتكلفها خلال هذه الحملات، فكر بأنها ستزيد من ولاء عملائك لشركتك وبالتالي فستعود عليك بالمزيد من الأرباح على المدى الطويل.
لا تبالغ بالتسعير: لا يوجد أي رجل أعمال في العالم لا يريد أن يحقق الكثير من الأرباح. الهدف الأساسي وراء أي شركة هي النمو والربح وهذا أمرٌ طبيعي. إلا أن الطمع والمبالغة في الأسعار تدفع بالعملاء للبحث عن بديل يقدم نفس الخدمة أو حتى خدمةً أقل نوعية إن أصبحت أسعارك باهظة جداً. وتقع العديد من الشركات في فخ المبالغة بعد أن تحقق النجاح فتقوم برفع الأسعار ظناً منها أنها لن تخسر عملائها. كرجل أعمال، تترتب عليك تكاليف كثيرة منها ولا ضير في أن تسعى في تحقيق الربح إلا أنه عليك أن تكون عادلاً وألا تشعر عملائك بأنك تستغلهم. ادرس تكاليفك وراجع لائحة أسعارك واضمن هامش ربح منطقي ومنصف بحق المستهلكين.
ابقَ وفياً لعلامتك التجارية: وعد العلامة التجارية أو Brand Promise هو جوهر شركتك وسبب نجاحها. هي ما يجذب العملاء إليك وما يجعلهم يعودون إليك مرةً تلو الأخرى. وربما أكثر ما أحبط عملاء شركة "آبل" في حادثة تسرب صور المشاهير هي أنها نكست وعد علامتها التجارية وهي أمن المعلومات. كما خذلت سلسلة مطاعم ماكدونالدز زبائنها عندما هددت صحتهم وقدمت منتجات فاسدة بحسب التقارير. العلاقة بين هذه الشركات وعملائها مبنية على ثقة عمياء إلا أن فضائح من هذا الحجم تهدد هذه العلاقة مهما كانت متينة وتدفع العملاء إلى التشكيك بكل شيء وإعادة حساباتهم. احرص أن تبقى وفياً لعلامتك التجارية وألا تساوم على نوعية خدماتك بهدف الربح. وحتى إن لم تكن مشرفاً على الأخطاء التي تقع في شركتك، إلا أن واجبك كصاحب الشركة الحرص على منع أي خطأ قد يتسبب بخسائر فادحة لا يمكن التراجع عنها. ابق متيقظاً وقم بتدريب موظفيك بشكلٍ دائم وراقب بشكلٍ دائم كل ما يجري في شركتك وحاول أن تتجنب بأي شكلٍ من الأشكال أن تخذل عملائك. فإعادة الثقة في علامتك التجارية هي من أصعب الأمور التي قد تواجهها كصاحب شركة.