مثلت المبادرة الخليجية التي تم بموجبها الاتفاق على تشكيل حكومة الوفاق الوطني، والتي بحد ذاتها هي حكومة محاصصة أو تقاسم بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وبين المشترك وحلفائه؛ مخرجاً سلمياً للبلاد من حرب أهلية مدمرة كان النظام السابق يعد لها للقضاء على ثورة الشباب وعلى معارضيه السياسيين من الأحزاب الأخرى.
ولكن هذه الحكومة الغير متجانسة ونتيجة للمناكفات السياسية بين طرفي المعادلة السياسية فشلت في تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها، وهي تحقيق الأمن والاستقرار، وتطبيع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق التغيير المنشود الذي قامت من أجله ثورة الشباب، حيث قوبلت هذه الحكومة بعداء كبير من أطراف عدة، ولاسيما من قبل أطراف مشاركة فيها بأعمال تخريب واسعة للاقتصاد الوطني مثل تفجير أنابيب النفط المصدر الرئيسي الداعم لميزانية الدولة، وتفجير أبراج الكهرباء، حرق وتدمير مؤسسات خدماتية كمكاتب البريد والبنوك ونهبها، إشعال حروب وتوترات أمنية وعسكرية، خلق اختناقات تموينية وخاصة في جانب المشتقات النفطية وغيرها، مما جعل الحكومة عاجزة مالياً عن شراء هذه المادة الحيوية من السوق الخارجي، كما تقوم بعض العناصر المتنفذة بتهريب مادة الديزل المشترى من السوق المحلي بالأسعار المدعومة وبيعها في الخارج بالعملة الأجنبية على حساب حاجة المواطن إليها، مما خلق أزمة حادة واضطرابات اجتماعية، وطوابير طويلة على محطات الوقود.. كل ذلك بهدف عرقلة الانتقال السلمي للسلطة وإظهار للمواطن بأن ثورات التغيير التي قامت ما هي إلا تآمر على مصالح المواطنين والأفضل هي عودة الأنظمة الحاكمة القديمة ورموزها.
وتأتي الانقطاعات الطويلة والمتكررة للتيار الكهربائي الذي تعيشه محافظة حضرموت وبالتحديد مديريات الوادي واحدة من أساليب التخريب والحرب النفسية التي تُشن ضد المواطنين وكنوع من الابتزاز السياسي غير عابئين بمعاناة المواطنين من المرضى وكبار السن والأطفال في ظل حرارة الصيف الشديدة بحجة عدم دفع الدولة الديون المستحقة عليها لمالك المحطة الغازية.. نحن مع أن يعطى كل ذي حق حقه من غير إفراط أو تفريط، ولكن أن يتحول هذا الحق إلى عصا غليظة تُسلط على رقاب المواطنين للإمعان في تعذيبهم وزيادة معاناتهم، يكفي المواطنون ألماً ومعاناة ما يلاقونه من أزمة المشتقات النفطية، ومن حالة الفوضى، وغياب سلطة الدولة، والفلتان الأمني، وحالة الرعب التي سببتها الاعتداءات على المعسكرات ومؤسسات الدولة داخل مدينة سيئون التي حصلت في الشهرين الماضيين، حيث عاش مواطنو هذه المدينة ليلة عصيبة جداً، وقد أكدت هذه الحادثة الحاجة الماسة والضرورية إلى نقل المعسكرات إلى خارج المدينة، حفاظاً على سلامة وأمن المواطن.
إن الاستمرار في انقطاع التيار الكهربائي وبشكل مستمر ولاسيما من قبل المحطة الغازية دون سابق إنذار يزيد من معاناة المواطنين ويسبب خسائر كبيرة لأصحاب الورش والمصانع التي تتعامل مع الكهرباء وإلى إعطاب آليات المواطنين، وأمام هذه المعاناة لا حل أمام الدولة إلا الاستغناء مستقبلاً عن خدمات هذه المحطة، فملايين الدولارات التي تُدفع لصاحب هذه المحطة كفيلة ببناء عشرات المحطات لتوليد الطاقة الكهربائية لتغطية حاجة المحافظة بكاملها، فإذا كانت الدولة عاجزة عن ذلك فهناك الكثير من المستثمرين الحضارمة من لديه الاستعداد لتولي هذه المهمة.
بقلم / أ. فرج طاحس