منذ تأسيسه والتجمع اليمني للإصلاح يسعى لإثبات ذاته كتجمع سياسي إسلامي يدعو إلى تطبيق أحكام الشريعة في كافة شؤون الحياة , وخلال مسيرته واجه خصوما يمتلكون كما كبيراً من الاحترافية في مجالهم , ويجتهدون للنيل منه بالاستئصال التام , أو بالإخضاع والتهميش , أو بصرف الناس عنه وتشويه رسالته وأهدافه .
ولقد ظل الإصلاح ومازال يخوض نزاله معهم من موقع الدفاع لا الهجوم , وقضى جل وقته مفسرا ومبررا لكثير من القضايا التي يرميه بها مخالفوه , وربما تعثر وتأخر في بعض المواطن ولكنه سريعا ما يواصل مشواره أقوى همة وأشد تماسكا ، وهذا ما اثبتته الأيام وما صار إليه حال خصومه ومنفذو خططهم من التراجع والتفكك والاندثار .
وكانت البداية من جماعة " السلفية " الذين شنوا هجوما عنيفا ممنهجا يهدف إلى هز أسس دعوة الإصلاح القوية وتنفير الشباب عنه , عبر التشكيك في عقيدته وعدم استقامتها مع منهج التوحيد , وفي بدعية وسائله التربوية وعدم إتباع السنة فيها . وهاجموه في أعماله الخيرية والاجتماعية والتعليمية محذرين من التعامل مع جمعياته وجامعاته ومراكزه لعدم مصداقيتها وشرعيتها ، وجادلوه في عمله السياسي مؤكدين حرمة هذا النوع وما يلحقه من انتخابات وإجراءات ومشاركات ، وأخذوا بضراوة يتهمون فكر الإخوان وعلماءه بشتى أنواع التضليل والتبديع , فهاجموا البنا وسيد قطب ونال تفسيره " الظلال " نصيبه من التشويه .
وفي خضم هذا كانوا يلتزمون الصمت نحو جهات تمارس ما لا يرضي الله جهرا وعلانية , مقنعين الناس بحجج واهية كقولهم : ( إن تلبس الإصلاح بالدين أشد خطرا على الإسلام من اليهود والنصارى ) . وعانى الإصلاحيون في تلك الفترة من هذه الأقاويل , ولكن بالصبر والثقة كان لابد للحق أن يظهر ويسطع .
وبعد سنين عجاف طالت ناقديه عادوا يأخذون بما حرموه علينا ، ولم يعد بينهم وبين الاعتراف بأنهم ( إخوان ) سوى جمل اعتراضية وحروف زائدة لا محل لها من الإعراب .
ـ ومن اجل إثبات عدم فاعليته السياسية والإدارية فقد واجه الإصلاح معارك قادها ضده المؤتمر الشعبي , وركز فيها على تهميش دوره وإظهار عجزه عن إحداث أي تغيير ايجابي في عملية التنمية ومعالجة أسباب الفساد , ودأب الشريك على تحميل التجمع جوانب القصور في الخدمات مستدلا بوجوده في مجلس النواب وبعض الوزارات .
وأمام هذا التضليل سعى الإصلاح لإحداث توعية ايجابية موضحا للناس بالأرقام والأحداث ما يقوم به المؤتمر من نهب وظلم لعل ذلك يحدث صحوة فيهم , ولكن بلا جدوى , فصوت موسيقى المؤتمر كان أقوى من آذان الإصلاح .
ـ ولهز وطنيته ومصداقية أهدافه الداعية للعدل فقد انضم للمهاجمين كادر جديد ومتجدد ، فمع مطالبة أبناء الجنوب بالإنصاف ثم بالانفصال كان الإصلاح يواجه هجمة عنيفة من الحراك الجنوبي أشد قوة مما ناله المؤتمر الحاكم ورئيسه الغاشم منهم ، وكانت الهجمات تسعى لتجريد الإصلاح من أي فضل نحو القضية الجنوبية والتشكيك في مصداقيته نحوها , وجعل الحراك من فتوى الديلمي الاجتهادية ومشاريع حميد التجارية وشركة الزنداني البحرية سببا لكل ما لحق بالجنوب من تهميش وظلم !. وأصبح كل إصلاحي جنوبي خائنا مالم يستقل من الإصلاح وينضم لأهله الحراكيين , وهو شرط لم يتم تطبيقه على أعضاء المؤتمر الجنوبيين , والذين أصبح بعضهم قيادات حراكية في غمضة عين .
ومما يدعو للعجب عنف التشهير بالإصلاح حين يكون أحد أبناءه في مركز إداري هناك , بينما يسود الصمت عن خروقات جسام في محافظة أخرى حيث يتسيد القرار فيها مسئول غير إصلاحي .
ـ وفي ثورة الشباب ومالحقها من قرارات ومخارج فقد سدد المحترفون ضرباتهم نحو الإصلاح بينما نال غيره من شركاء القرار ابتسامات رقيقة . فالإصلاح ( وحده ) أفشل الثورة وباع الثوار , وخان أرواح الشهداء وفرط في دم الجرحى , ومنح الحصانة وضيع الأمانة . وعلى شركاءه السلام ولدول الجوار مسك الختام .
واليوم أجتمعت الفرق المتشاكسة لترمي الإصلاح عن قوس واحد , المخلوع ينتقم , والحوثي يحكم , والنظام تابع مقيد , ودول تندد وتتوعد وأخرى لها في الشر عقل ويد , وجهات داخلية لها أهدافها وتحالفاتها وتسعى لتحقيق غاية خاصة بها دون التفات للمصالح العامة التي تعطلها أو لحجم الأخطار التي تحدق بهم وبنا .
ومازال مخطط الضغط مستمرا على الإصلاح بكل وسيلة حتى يخوض علنا غمار الحرب بكل أبناءه وأنصاره أفرادا وقبائل وحلفاء , وعندها سيتحقق هدفهم في حرب شاملة أشد فتكا من أحداث العراق وسوريا .
لقد أطلقت البسوس ناقتها تتمدد في البلاد وتعيث فيها الفساد ، وقال حماة الديار وأصحاب القرار : قم يا كليب فاقتلها بسهمك ! ومنحوا جساسا رماح الموت وسيوف الردى ليقتله غدرا ، وعندها سيفجرونها حربا كلما خبت نارها نفخ في جمرها من لا يريدون أن تضع الفتنة أوزارها .
لقد عطل النظام قدراته وخذل رعيته وخان أمانته , فمن كان يظن نفسه كليبا فليقم , وليحذر جساسا الغادر المنتقم !. أما نحن ( الإصلاحيين ) .. فلا نبيع الرجال بيع النعال .
بقلم : ابو الحسنين محسن معيض