هذا عنوان برنامج يقدمه الشيخ طارق السويدان في قناة القدس وفي حلقة يوم الاثنين 21 ربيع اول1436 هجرية قدم قصة بقيبن مخلدبن يزيد : الإمام ، القدوة ، شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي ، الحافظ ، صاحب " التفسير " و " المسند " اللذين لانظير لهما .
ولد في حدودسنة مائتين هجرية أو قبلها بقليل ؛ والقصة فيها مواعظ بعضها في الصبر وفي طلب العلم وبعضها في العلاقة بين العلماء وبعضها في عدم الخوف في قول كلمة الحق ولو كان ذلك لا يرضي الحاكم
جاء الإمام بقي بن مخلد من الأندلس إلى مكة ومنها إلىبغداد، وكان يريد ملاقاة الإمام أحمدبن حنبليقول : فلما قربت من بغداد بلغتني محنة خلق القرآن ،وأن الإمام احمد ممنوع من مقابلة الناس ، فاغتممت غماً شديداً ، فدخلتبغداد، واكتريت بيتا في فندق ، ثمأتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس ، فجلست في حلقة فإذابرجل يتكلم في الرجال جرحا وتعديلا ، فقيل لي : هذايحيىبن معين شيخ الجراحينوهو الذي وقف موقفا مخالفا للإمام احمد بن حنبل في محنة خلق القرآن وساند الخليفة ، فقمت إليه ، فقلت : ياأبا زكريا: -رحمكالله- رجل غريب عن وطنه ، يحب السؤال ؛ فقال : قل .. فسألت عن بعضمن لقيتهم من المحدثين ، فبعضازكى ، وبعضا جرح ،فسألته عن: أحمد بن حنبل، فنظر إلى كالمتعجب ، لأنه اعتبر السؤال سياسيا فقال لي : ومثلنا ، نحن نكشف عنأحمد؟ ! ذاك إمام المسلمين ، وخيرهم ؛ وأثنى عليه.. }بالرغم أن ذلك سيعرضه لغضب الخليفة فلم يخاف وقال كلمة الحق وحفظ حقوق عالما مخالفا له وهذه الموعظة الأولى{ .
فخرجت أستدلعلى منزل الإمامأحمد بن حنبل، فدللت عليه ، فقرعتبابه ، فخرج إلي.. فقلت : ياأبا عبد الله: رجلغريب ، و هذا أول دخول لي لهذا البلد ، وأنا طالب حديث ومقيد سنة ، ولم تكنرحلتي إلاّ إليك، فقال : ادخلولا يقع عليك عين .. فدخلت ، فقال لي : وأين موضعك ؟ قلت الأندلس، قال : إن موضعك لبعيد ،وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك ، غير أني في الإقامة الجبرية ولا يسمح لي بمقابلة احد ؛ فقلت فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في ثياب السائل ، فأقول عند الباب ما يقوله السائل ، فتخرج إلى وتحدثني كل يوم بحديث واحد، لكان لي فيه كفاية . فقال لي : نعم ، على شرط أن لاتظهر في الخلق ، ولا عند المحدثين.. فقلت : لك شرطك ، فكنت آخذ عصا بيدي ، وألف رأسي بخرقةوسخة ، وآتي بابه فأصيح : الأجر -رحمك الله- فيخرج إليويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر ،فالتزمت ذلك حتى مات الخليفة ؛ وولي بعده المتوكل بالله جعفر ابن المعتصم بن هارون الرشيد وبويع له بالخلافة بعد الواثق في يوم الأربعاء 24 ذي الحجة 232هجرية ؛ أظهر الميل إلى السنة ونصر أهلها ورفع المحنة وكتب بذلك إلى الآفاق وذلك في سنة أربع وثلاثين.. واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجزل عطاياهم وأكرمهم .. وقيل الخلفاء ثلاثة ابوبكرالصديق في رده على أهل الردة ، حتى رجعوا إلى الدين ، وعمر بن عبد العزيز حين رد مظالم بني أمية .. والمتوكل أظهر السنة وأخمد البدعة بعد انتشارها واشتهارها ، فظهرالإمام أحمد، وعلت إمامته.. }وفي هذا موعظة في الصبر على طلب العلم {.
وذكرعبد الرحمن بن أحمد، عن أبيه : أن امرأة جاءتإلىبقي بن مخلد، فقالت : إن ابني في الأسر ، ولا حيلة لي ، فلو أشرتإلى من يفديه ، فإنني والهة .. قال : انصرفي حتى أنظر في أمره .. ثم أطرق ، وحرك شفتيه ، ثم بعد مدة جاءتالمرأة بابنها للإمام بقي بن مخلد ، فقال ابنها : كنت أسيرا عند ملك ، فبينما أنافي العمل ، سقط قيدي قال : فذكر اليوم والساعة ، فوافقوقت دعاء الشيخ بقي بن مخلد .. قال : فصاح الملك على الحارس ، ثم أحضر الحداد وقيدني مجددا ، فلما فرغ ومشيت سقطالقيد ، فبهتوا ، ودعوا رهبانهم ، فقالوا : ألك والدة ؟ قلت : نعم ، قالوا : وافق دعاءها الإجابة..
بقلم المهندس : عبدالحافظ خباه