" وزير الدفاع والداخلية اليمنيان يزوران محافظة " مأرب " لاحتواء التوتر بين قبائلها والحوثيين " . على شريط قناة إخبارية تردد هذا الخبر . خبر صغير بحروفه , وكبير بما يحمل من الإيحاءات المخادعة والمغالطات المكشوفة :
ـ لقد علمتنا التجارب السابقة في صعدة ودماج وهمدان وعمران أن زيارات المسئولين واللجان الرئاسية وغيرها إلى مراكز المواجهة مع الحوثيين ليست لاحتواء التوتر , وإنما هي لاحتـواء صمود الطرف المدافع وإصراره على دحر العدوان . وذلك عبر تخدير همة المدافعين وتثبيط حماسهم وخلخلة ثباتهم وإضعاف استعدادهم النفسي والعملي للمواجهة . وفي نفس الوقت هم يكسبون وقتا ثمينا للمعتدي كي يستعد يما يلزم ويكمل مشواره لتحقيق هدفه وفقا لما بين يديه من معلومات وتحالفات وجاهزية استمدها من جهات خائنة ذليلة مستعبدة .
ـ إن الوضع القائم على الساحة ليس مجرد توتر بين طرفين نتيجة لخلاف على حدود أو مصالح أو خدمات , ويمكن احتواءه وعلاجه بإيجاد نقاط تصالح وتوافق وبما يحقق مطالب كل طرف . ولكن الواقع الذي يعرفه الجميع إن ما يحدث في مأرب وغيرها من محافظات الوطن هو عدوان بقصد الاستئصال , واجتياح بغرض الاحتلال , وهجوم بهدف فرض السيطرة التامة . ومثل هذا لا يجب أن يوصف بلفظ التوتر والذي يوحي بسهولة المشكلة , وإنما هو وضع خطير يهدف إلى تغيير جذري في ثوابت الوطن وحدوده وتقسيماته ومعتقداته . وهذا يتطلب تدخلا مباشرا وحاسما من وزارتي الدفاع والداخلية لصد المتمرد والدفاع عن الوطن وحفظ أرواح الناس وحماية حقوقهم .
ـ إن أهداف ما يمارسه الحوثي من عدوان وتمدد في ظل تهاون لأجهزة الحكم الرادعة وصمت متعمد للنظام قد أصبحت أمرا مفضوحا , ولم يعد خافيا على أحد إن أفعاله اليوم ليس لها علاقة بما ظل يردده حين دخل صنعاء بأن ذلك من أجل عيون المواطن المظلوم والوطن المسلوب ومن أجل محاربة الفساد والقهر . والدولة قد تركت مهامها ليقوم من شاء بأدائها نيابة عنها . فالحوثي يحتج لتوسعه بمحاربة الارهاب , وهذه مهمة الدولة لا مهمة مليشياته . وخذلت الدولة الاطراف المعتدى عليها وتركتهم يقومون بدورها في صد المتمردين والدفاع عن الوطن . وللأسف فهناك من لا يزال يحجب الحقيقة عن عقله ويمنع البصيرة عن قلبه منطلقا من تأثيرات شخصية تتوزع بين رغبته في الانتقام وحب السيطرة وجنون العظمة , ولا يهتم كثيرا بما على الناس أن يدفعوه من قتل وألام وشتات .
ـ اليوم وفي ظل تهاون حكومي وتعطيل متعمد للجاهزية العسكرية , يقف الحوثي متأهبا مدعوما على بوابة أرض رجال "أولي قوة وبأس شديد " ليقضي على الإرهاب فيها حسب أقواله الكاذبة ودعواه الزائفة . فالإرهاب عند النظام وجيوبه هو إرهاب القاعدة والإصلاح وجامعة الإيمان ورجال مأرب . أما الحوثي ومليشياته والمخلوع وخفافيشه وأشباههم فدعائم سلام وطلاب حقوق .
اليوم وفي ظل وضع صعب , هاهي مأرب توحد قواها ويتعاهد رجالها على صد العدوان . وهذا أمر يجب أن لا يتحمله أهل مأرب وحدهم , ولكن على كل كيان مخلص أن يقف في تجمع صفهم . وليتذكر الجميع أن سقوط عمران مهد لدخول العاصمة , وتالله إن سقوط مأرب لهو سقوط وطن بأكمله . وحينها سيتوقف كل توسع وتمدد , فقد حقق المخططون هدفهم بالقضاء على مكونات القوى المستعصية على الإخضاع , وصار الطريق ممهدا لرسم الخارطة الجديدة وتنفيذ البروتوكولات الحديثة دون مقاومة ولا جدال .
ـ قيل : إن تجمع فئران كان سببا في هدم سد مأرب ودك حضارة سبأ , وتمزق وطن وشتات رجال . فهل يعيد التاريخ مشهده ؟ .
بقلم : ابو الحسنين محسن معيض