إذا أردت أن تعيش سعيدًا فعش مع القرآن،قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونٌَ﴾ [يونس:58].
قال بعض السلف: «فضل الله الإسلام ورحمته القرآن»،وقال بعضهم : «فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنامن أهله».
فمن أدركه فضل الله ورحمته كان من أهل القرآن،ومن كان من أهل القرآن رزقه الله فرحًا يجده في قلبه،فرحًا حقيقيًا ناجمًا عن سكون القلب واطمئنانه . قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنّ ُقُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنّ ُالْقُلُوبٌُ﴾ [الرعد: 28].
وإذا أردت أن تموت حميدًا فعش مع القرآن ،وإليك أخي الكريم بعض من القصص نحكي لك فيها اللحظات الأخيرة من حياة بعض حاملي القرآن عبر تاريخ المسلمين.
فهذا عبد الله بن عباس ترجمان القرآن الذي دعى له النبي - - فقال: (اللهم فقهه في الدين ،وعلمه التأويل ) فوهب حياته لتعليم القرآن وتفسيره وما فيه من أحكام وأسرار ،يعتمد على تفسيره كل من أتى بعده ،ظلَّ على هذا الحال حتى مات فلما ذهبوا به ليدفنوه دخل نعشَه طائرٌ لم يُر مثل خلقته من قبل ،ولم ير خارجًا منه،وسمعوا بعد دفنه صوتًا على شفير القبر لا يدري من القائل: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿27ٌ﴾ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿28ٌ﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿29ٌ﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِيٌ﴾ [صححه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/285،وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/358 هذه قصة متواترة].
وآخر وهو أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني صاحب القراءة المشهورة من القراءات العشر رجل عاش حياته للقرآن ،وَعَى القرآن في صدره فلمَّا مات غسَّلوه فنظروا ما بين نحره وفؤاده -منطقة الصدر- كورقة المصحف فيقول نافع مولى ابن عمر وهو ممن غسله : فما شك مَن حضره أنَّه نور القرآن. [سير أعلام النبلاء للذهبي 5/287].
أمَّا شيخ الإسلام وتحفة الأنام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الذي عاش حياته في سبيل الله ،يجاهد بالكلمة والسنان ،سجنه أعداؤه في آخر حياته فانكب على تفسير القرآن، نزعوا الأوراق من بين يديه فكان يكتب على الجدران ،حتى منعوه من الأقلام فانكب على تلاوة القرآن يختمه الختمة تلو الختمة حتى كان آخر شيء قرأه قبل أن يموت ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴿54ٌ﴾ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيك ٍمُقْتَدِرٌٍ ﴾ [القمر:55].
فانظر لنفسك أخي في الله أي خاتمة تحب أن تختم حياتك بها،فإذا أردت حسن الخاتمة فالحق بهذا الركب واحفظ القرآن وتدبره واعمل به كي تكون من الناجين نسأل الله حسن الخاتمة.
بقلم : شفيق بشيمان