انتشار الشافعي بحضرموت

انتشرت المذاهب الأربعة مذاهب أهل السنة والجماعة في أرجاء العالم الإسلامي ولعل أبرزها المذهب الشافعي الذي نشأ في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري ولم تستثنى حضرموت من ذلك، فلقد حظيت بالتمذهب بالمذهب الشافعي والذي كان له الدور البارز في نشر هذا المذهب هو الإمام العلامة محمد بن علي القلعي المتوفي سنة 577 هجرية المعروف بأبي عبدالله محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي علي القلعي الظفاري، سكن تريم وفيها نهل أهلها محبي العلم من الإمام القلعي الفقه الشافعي، لكنه من مواليد مصر وأصله من المغرب نسبة إلى منطقة بها اسمها (القلعة) رحل الإمام القلعي من مصر إلى زبيد تهامة حيث أعلام الفقه الشافعي بها ومن أبرزهم: (الإمام أبوالفتوح عبدالله بن محمد بن علي بن أبي عقامة والإمام أبومحمد عبدالله بن محمد الحفائلي وهو ابن عم ابوالفتوح) قال الإمام ابن سمرة عنهم في كتابه طبقات فقهاء اليمن: (وفضائل بني عقامة مشهورة، وهم الذين نصر الله بهم مذهب الشافعي في تهامة وقدماؤهم جهروا ببسم الله الرحمن الرحيم في الجمعة والجماعات ونسبهم في تغلب) نهل من علمهم الإمام القلعي حتى أصبح إماماً في العلم وما إن جاءت فتنة ابن مهدي بزبيد حتى غادرها إلى ظفار منطقة (مرباط) مكث فيها ردحاً من الزمن ثم دخل حضرموت وسكن بتريم وكانت البداية لإشراق نور المذهب الشافعي وكان له الدور الأكبر في انتشاره بحضرموت قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري: (إن الفقه الشافعي انتشر عن القلعي بظفار وحضرموت، وإن الناس تسامعوا به في حضرموت وغيرها، فقصدوه وحملوا عنه) منقولاً من جواب العلامة عبدالرحمن بكير في: (القضاء في حضرموت) كما أكد هذا الإمام الخزرجي عن دوره في انتشار المذهب الشافعي بحضرموت قائلاً: (الإمام القلعي أكثر ما توجد مصنفاته في ظفار وحضرموت ونواحيها، وعنه انتشر الفقه في تلك الناحية ولم ينتشر العلم عن أحد في تلك الناحية كما انتشر عنه وأعيان فقهائها أصحابه وأصحاب أصحابه) ويؤكد هذا الإمام الجندي صاحب السلوك الجزء الأول: (الإمام القلعي عنه انتشر العلم فتسامع به الناس إلى حضرموت ونواحيها، فقصدوه وأخذوا عنه الفقه وغيره، بحيث لم ينتشر عن أحد بتلك الناحية كما انتشر عنه، وأعيان فقهائها أصحابه وأصحاب أصحابه) ولرجاحة وسعة علم الإمام القلعي نقل عنه أئمه كبار نقلاً من كلامه في مؤلفاتهم وتصانيفهم منهم: (الإمام النووي والإمام السبكي والإمام المحب الطبري والإمام ابن الصلاح والعطار وغيرهم) كما نقل عنه أبرز تلامذته الفقهاء الحضارم وفقهاء حضرموت القدامى منهم: (العلامة ابوالحسن علي بن أحمد بامروان والعلامة إبراهيم باماجد والعلامة يحيى بن نصير والعلامة ابوالقاسم بن فارس بن ماضي والعلامة يحيى بن سالم أكدر والعلامة أحمد بابكير والمحدث أحمد بن النعمان الهجراني وغيرهم) كما أن للإمام القلعي العديد من الكتب والمصنفات لكن أغلبها مخفية ومنهوبة من أهل الجهالة ولعل أهمها: (قواعد المهذب واحترازالمهذب، وكنز الحفاظ في غريب الالفاظ، وأحكام القضاة، وإيضاح الغوامض من علم الفرائض، ولطائف الأنوار في فضل الصحابة الأخيار، والتحفة، وفتاوى القلعي، تهذيب الرياسة في ترتيب السياسية، والمستغرب من ألفاظ كتاب المهذب، وأحكام العصاة من أهل الإسلام المرتكبين الكبائر) ومن أراد أن يستزيد عن ترجمته فليرجع إلى: (كتاب طبقات الشافعية الكبرى 6/ 155 للإمام السبكي وكتاب فقهاء اليمن للجعدي ص: 220 كتاب طبقات الشافعية للاسنوي 2/ 164 وكتاب الاعلام للزركلي 6/ 218) وما توفي الإمام القلعي سنة 577هجرية إلا وقد انتشر المذهب الشافعي بحضرموت وانحسر وتلاشى الفكر الإباضي بفضل الله ثم بفضله رحمه الله رحمة الأبرار، ففي عصره وما بعده ازداد عدد العلماء العديد بحضرموت وعمت الأرجاء بعلومهم وفقههم، قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير).

بقلم الشيخ : محمد سالم هبيص

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص