"ماجد" طفل سوري لم يتجاوز السابعة من عمره، خرج مع والده النازح مشياً على الأقدام من سوريا إلى منطقة شبعا الواقعة في لبنان، وفي أثناء الطريق هبت عاصفة ثلجية شديدة عليهم، عندها شعر الطفل "ماجد" بالصقيع يلتف حول جسده النحيل ويتسلل إلى عظامه الرقيقة ويجمد دماءه الغضّة في العروق والشرايين. مات "ماجد" من شدة البرد، لقد مات بين أحضان والده المكلوم .
ورغم قصرها وتراجيديتها كان لقصة "ماجد" المأساوية أثر كبير على الكثير من الناس ممن سمعها أو قرأ عنها ـ في ظل وجود قوم لا يسمعون ولا يقرأون ـ وانتشرت تلكم القصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتناقلها الجميع. فما العبرة التي نستفيدها منها؟
قصة "ماجد" هي صرخة تخاطب شعور ووجدان أمة طالما أبعدتها الفرقة والتشرذم عن تذكر مآسي أبنائها المسلمين، ومنعها حب الدنيا وكراهية الموت عن التوجع لنكبات إخوانٍ لهم في العقيدة، وهي رابطة أقوى وأمتن من أي رابطة أخرى لو تعلمون.
ماذا نصنع بأحاسيسنا ومشاعرنا ونحن نسمع ونقرأ ونشاهد كل يوم بل كل ساعة ودقيقة مأساة يندى لها الجبين ثم نحن لا نتأثر، ما الخلل الذي اعترانا؟ لماذا صرنا أنانيين إلى هذه الدرجة ولا نفكر إلا في أنفسنا وفي راحتنا فقط؟، لماذا نجعل قصارانا في توفير سعادتنا؟، وفي الأخير نحن لم نجد السعادة في أثرتنا وفي تبلد إحساسنا بل نزداد بؤساً وشقاءً كل يوم ؟!.
استشعرت كيف أن البعض يأخذ حذره بملابس ثخينة وملاءات دافئة ليواجه بها البرد، وكيف يحرص الجميع على أن يقي أطفاله لفحة منه، لكن هل تفكّرَ أي أب ما شعوره عندما يفقد طفله بين يديه من شدة البرد القارس؟، وأي لحظة يمكن أن تعتريه حين يقف عاجزاً عن أن يمد طفله الحبيب بسعرة حرارية واحدة لكنه يجد نفسه مكتوف اليدين؟ كم هي لحظات عسيرة كفيلة بأن تبعث الشعور لكل قلب ميت.
لست أذهب أبعد مما ينبغي لأطالب المسلمين بالجود بأرواحهم أو أموالهم في سبيل الله تعالى وإن كنا مطالبين بذلك، بقدر ما يهمنا أن نستعيد شيئاً من حساسيتنا العقدية لنتألم لمصاب إخواننا، لأننا إن فقدنا هذه الحساسية صارت الأنفس والأموال سيدة علينا، وبتنا أحرص الناس على حياة، ويكفيني أيها الأفاضل ـ بعد ثواب الله عز وجل ـ أن أنتزع من أحدكم آهة حارة حينما يتذكر إخوانه في العقيدة، وليس المهم تدبيج المقالات أو الكتابة للكتابة.
لنحيي معاً ـ أيها الإخوة ـ الشعور والإحساس بكل أرض إسلامية وبكل قطر إسلامي يمر بأوضاع صعبة، ولنمد أكفنا بالدعاء إلى الله جل في علاه بأن يكون في عون إخواننا المستضعفين في كل مكان.
بقلم / أحمد عمر باحمادي