هذه قصة عجيبة غريبة ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلانيّ - رحمه الله - في كتابه الدرر الكامنة (3 / 202) ، (( ذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى ؛ لحضور حفل مغوليّ كبير عُقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول ، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
وكان هناك كلب صيد مربوط ؛ فلما بدأ هذا الصليبيّ الحاقد في سب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم زمجر الكلب وهاج ثم وثب على الصليبيّ وخمشه بشدة ، فخلّصوه منه بعد جهد ، فقال بعض الحاضرين : هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام ، فقال الصليبيّ: كَلاَّ ، بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه .
ثم عاد لسب النبيّ وأقذع في السب ، عندها قطع الكلب رباطه ووثب على عنق الصليبيّ ، وقلع زوره في الحال أي: - أعلى صدره - فمات الصليبيّ من فوره ، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول )) . فعلا قصة عجيبة وذكرها أيضاً الامام الذهبيّ في معجم الشيوخ (387) بإسناد صحيح .
هذا الكلب غضب وحنق لأن النبي صلى الله عليه وسلم تعرض للسب والشتم من هذا الصليبي الحاقد للاسلام والمسلمين ، فما بالنا نحن المسلمون ؟ وتدل هذه القصة أن الله يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وحتى بعد مماته ، قال تعالى :" إنا كفيناك المستهزئين ". فلا تحزن أخي المسلم وأختي المسلمة لما قد تسمعه من أعداء الاسلام من سب وشتم وقدح للحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
فمهما فعل أعداء الاسلام ، فمحمد صلى الله عليه وسلم منتصر ، ودينه منتصر والمستقبل للإسلام والمسلمين مهما غطت السحب أشعة الشمس ، فما هي إلا سحابة صيف ستنقشع قريبا بإذن الله ، ولعلك أخي الحبيب قد سمعت في وسائل الاعلام أن صحيفة شارلي ابيدو قد تكرر منها تصوير النبي صلى الله عليه وسلم بصورة ساخرة بحجة أن الصحيفة تعرضت وبعض طاقمها الصحفي للاعتداء الإرهابي ولن أتطرق للحكم الشرعي في تلك الحادثة وقد فصل العلماء في ذلك .
وقد اجتمع قادة العالم في مظاهرة مليونية في فرنسا للتنديد بهذه الحادثة الإرهابية على حد قولهم ، ولم يتحرك أحد منهم لما يتعرض له ملايين المسلمين في فلسطين والعراق وسوريا والاحواز وبورما وأفريقيا الوسطى وهنا وهناك من إبادة جماعية وإرهاب وقتل وتشريد وحرق وتدمير واعتداء صارخ على الانسانية وحقوق الانسان والحيوان والجماد والنبات . وقبل ايام لقي ثلاثة طلاب مسلمين من عائلة واحدة مصرعهم على يد متطرف أمريكي بعد إطلاق النار عليهم في منزلهم الواقع في ولاية كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية. فلم نسمع او نرَ وسائل الاعلام تتطرق لهذه الجريمة كما تطرقوا لحادثة صحيفة شارلي ، ولم يجتمع العالم كما اجتمع لصحيفة ، والسبب أن دم المسلم أصبح رخيصا عندهم ، ولأن هذا الإرهابي نصراني .
والغرض من تلك الحادثة كما قال بعض المحليين هو تشويه صورة الاسلام في أوروبا وتصويره انه إرهاب وعنف ، والتضييق على المسلمين هناك ، لحقدهم على الاسلام الذي صار في المرتبة الثانية بعد الدين النصراني ، وأصبح من أكثر الأديان انتشارا في العالم ، ولعل وأنت تقرأ أخي وأختي هذه السطور هناك من يعلن دخوله في دين الاسلام ، والإسلام لا يدعو الى الإرهاب والعنف بين الناس ، إنما الاسلام رحمة وهداية وعزة " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "، وفي حالة الاعتداء على المسلم فشرع له الاسلام الدفاع عن نفسه وأهله وماله وممتلكاته .
وقد عبر بعض الناس عن حبهم للنبي بتغيير الصور الشخصية لهم في الواتس اب والفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الى صور مكتوب عليه إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومحمد قدوتنا ، ولن تركع أمة قائدها محمد ، وغيرها من الكتابات التي تدل وتعبر عن شعورهم إتجاه نبيهم . وبعضهم خرج في مسيرات نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعبيرا عن رفضهم لتصوير النبي بهذه الطريقة الساخرة ، وهذا شي يشكرون عليه وإن دل على شي فإنما يدل على أن الخير في هذه الأمة المحمدية مايزال قائما .
ولكن هل يكفي هذا الشعور ؟ أم أن واجبنا كمسلمين يفترض علينا أمورا أخرى ؟ ومن بعض هذه الأمور الواجبة على كل مسلم ومسلمة بإختصار : أن نحب النبي صلى الله عليه وسلم ، ونزرع حبه في أنفسنا وأهلنا وأولادنا وأجيالنا ، ونقتدي بسنته في سائر حياتنا ، ونحذر من مخالفته ، ونتخلق بأخلاقه ومعاملاته ، ونحب من يحبه ونبغض من يبغضه ، ونوالي من يحبه ونتبرأ ممن يبغضه ، وننتصر له بالدفاع والدب عن سنته ، ونستجيب لأوامره وننتهي عما نهى عنه ، قال تعالى :" وما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا" .
بقلم / محمد سعيد باوزير