تتجلى في أيامنا هذه عدداً من الهموم والقضايا العارضة أو الطارئة لتزيد الناس معاناة إلى معاناتهم المستمرة جراء الأوضاع الحادثة، ومن وهج الأمل الذي بدأ يشعّ رويداً رويداً تطرقنا بين حين وحين بعض المنغصات لتحيل حياتنا إلى خليط من اليأس والأمل.
فيما يبدو أن الأمور ستمضي على نحو أفضل بإذن الله تعالى كما تدلّ على ذلك المؤشرات والمبشرات، إلا أن ثمة سلبيات ليست وليدة اللحظة تعودنا أن تنبع في مثل هذا الوقت من كل عام، لعل أهمها الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، لكنّ نكهة الانقطاعات هذا العام قد بدأت تطفو على السطح بشيء من البهارات، ذلك أن العذر الحاضر يلقى شيئاً من القبول ألا وهو تعذر وصول مادة الديزل والمازوت إلى المحطات لأسباب أمنية.
وصار الناس يتقبلون الواقع من منظار أن الحال اليوم أفضل من الأمس، وربّ ساعة من الحر والضيق أهون إليهم من ساعة من الرعب والعويل، ولم يعد أحد ينتبه لتناقض الحال؛ ففي الوقت الذي يصرح فيه الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة بأن شركة النفط قد قامت بتوزيع المشتقات النفطية للمؤسسات المعنية ذات الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء والصحة وغيرها، إلا أننا لا نزال نشهد الانقطاعات المتتالية في الكهرباء بالساعات، مما حدا بالبعض أن يصف العملية ويعلق عليها بأنها لم تكن سوى مجرد ( بروفات ) اعتيادية لما هو قادم في الصيف.
الأمر الآخر المحير يتمثل في رصد الطوابير الطويلة على مادتي البترول والديزل، في حين أن السلطة المحلية طمأنت المواطنين بتغطية السوق المحلي من احتياجاتها من هاتين المادتين المهمتين، لكن يبدو أن المواطنين لم تطمئن قلوبهم لتلك التصريحات الباردة، وبدلاً عن ذلك أخذوا بالتكالب المحموم على الشراء الذي لم يخلُ من الصراعات والمناكفات فيما بينهم، وكأن حالهم يقول" لن نصدقكم". واللافت أن التصريحات تبدو لا واقعية في مقابل ما تنامى إلى علمنا بأن تزويد الشركة للسوق المحلي بالمشتقات جاء بعد ضمانات للشركة قدمتها إحدى الشخصيات الحضرمية الفاضلة بفتح حساب لدى شركة العمقي !!
وبعيداً عن الدهاليز المحيّرة للكثير، نستطيع في الختام أن نقول : إن الحياة كانت وستبقى دائماً نعمة لا تقدر بثمن وخصوصاً لمن رأى شبح الموت بين عينيه، وعاش لحظات من الخوف والألم، وتعلمنا جميعاً مما حدث أن الدهرَ قلّب، والأيام دُوَل، وأن الليالي حبالى، وصدق الشاعر حينما قال :
ربّ ركـب قد أناخوا عندنـا *** يشربون الراح بالمـاء الزلال
عصف الدهر بهم فانقرضوا *** وكذاك الدهر حالاً بعد حال
بقلم : احمد عمر باحمادي