من المدهش أن تطرق أسماعنا وأبصارنا في الأيام الخوالي التي مضت الحركة المتسارعة للمكونات السلفية في البلاد، ومساعيها الدؤوبة لانتشال المكلا خاصة وحضرموت عموماً من وضعها المأزوم عقب السيطرة عليها من قبل عناصر من " أنصار الشريعة " المنضوين تحت تنظيم القاعدة الذين أطلقوا على أنفسهم مسمى " أبناء حضرموت ".
ومع الجهود المشكور التي بذلوها ولا يزالون يبذلونها إلا أن المراقب لا يخطئه أن يلاحظ أمراً في غاية الأهمية وهي سيادة الروح الإقصائية والتهميش للآخرين ممن ليسوا من السلفيين، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى سيادة روح التآلف والتعاضد والتضافر في مواجهة ما يمر بنا من خطوب ونكبات.
محافظ حضرموت الدكتور عادل باحميد وغيره من الشخصيات الاجتماعية والحزبية المعروفة بتفانيها وإخلاصها تم تغييب دورهم بشكل كامل وتجاهلهم من أية تسويات أو اتفاقات سعى فيها الإخوة السلفيين، وربما اشترك فيها غيرهم؛ غير أن قوة الإعلام والهيلمان والإعلامي أظهرهم كلاعبين أساسيين لما يدور على الساحة مع خفوت صيت بقية الأفراد والمكونات الأخرى وإن كانت لهم مواقف سابقة يشهد لها الجميع، لكنهم آثروا الصمت والعمل تحت الستار بصوت هادئ.
لم يكن من داعٍ أن نسأل أحد ما عن سبب هذه الدندنة الغريبة عن الحزبية المقيتة والتعصب وما إلى ذلك، فالهدف معروف، والنتيجة أو المرمى الذي يُراد له أن يصل للعقل الجمعي أنني " أنا وأنا فقط هو المناسب والخيار الأفضل وما عداي هم ... حطّاب ليل"!!، فالعقلية التي كنا نشكو منها ربما لا تزال كامنة، والظروف لم تفعل شيئاً سوى المساهمة في إبرازها وطفوها على السطح في وقت نظن أنها ذهبت من غير رجعة أو على أقل تقدير تلاشت.
لا أعرف بالضبط متى يمكن لنا أن نتخلص من هذه السلبيات إن لم نتخلص منها اليوم ونحن نمر بأحداث صعبة ومواقف مؤلمة ينبغي لنا فيها أن ننبذ مثل هذه السلوكيات الشائنة ونطرحها ونضرب عن ذكرها صفحاً، فهل يمكن لنا في ظل هذه المتغيرات أن نبدّل أو نغير فالله سبحانه وتعالى ( لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
أغلب الظن أن من يتجرأ ويطرق مثل هذه المثالب ويحذر منها في الوقت الحالي يجد التهمة الجاهزة له ألا وهي المساهمة في خلط الأوراق وبث روح التفرقة والإحباط بين فئات المجتمع، لكن الحقيقة أن كشف تلكم السلبيات هي السبيل الوحيد للوقاية منها وتلافيها مستقبلاً، وإذا كان الموقف في مجمله لا بدّ وأن يثير مثل هذا فما عسانا أن نفعل.
في الأخير ما أجمل أن نختم بهذه التدوينة الرائعة التي كتبها المهندس الأستاذ محسن علي باصرة الشخصية المعروفة للجميع بجهدها وكدّها على منشور له في صفحته في الفيسبوك إذ يقول:
" سألني الكثير من المتابعين أين أنتم وهل أنتم مع آخرين ستسلم لكم المكلا ؟ ، فأقول نحن كأفراد ومكونات موجودين ونعمل ولكن بصوت هادي ـ دون ضجيج إعلامي ـ لنجنب أهلنا الكثير من المتاعب ولحقن الدماء،
ولقد قامت مكوناتنا؛ أقول مكوناتنا بالعمل مع العقال وأعضاء المحليات والنشطاء وأئمة عدد من المساجد بتشكيل الكثير من الحراسات الشبابية بالأحياء وعلى بعض المرافق، وكما تم التواصل مع عدد من الكوادر الأمنية والعسكرية والقبلية، بما فيها قيادة اللجنة الأمنية الأهلية، وكل ذلك يصب لمصلحة حضرموت وأمنها واستقرارها.
كما ان تقديم نصحنا للشباب وطلبة العلم من أبناء حضرموت هو أيضاً للحفاظ على حضرموت وأهلها ولسنا عشاق سلطة ولا صحة لما سُرّب عن تسليم بعض رؤساء مكونات للسلطة وان مكوناتنا إذا رغبت بالسلطة فستأخذها بحقها عبر انتخابات حرة ونزيهة، وعبر برامجها وفي أوضاع آمنه، أما اليوم فيحتاج تظافر الجميع لمصلحة أهلنا وأمنهم وخدماتهم، وفق الله تعالى الجميع لما يحب ويرضي اللهم آمين " .