( الحوافيش ) .. مأساة أمة .. وأزمة وطن

حضرموت اليوم / كتبه /احمد عمر باحمادي أحمد عمر باحمادي برز مصطلح " الحوافيش " سيء السمعة ليدل على كل تابع ذليل للحوثيين وعفاش، وبمزج هاتين اللفظتين ( حوثي + عفاش ) سيعطي لنا الناتج المزيج هذه التسمية الغريبة " حوافيش "، وهي تسمية لاقت شهرة وذيوعاً ولاقت كذلك الكثير من القبول لدى العديد من الكتاب والناشطين والشباب والمجتمع عموماً وتشهد حضوراً فاعلاً في المنتديات الحوارية ومنشورات التواصل الاجتماعي وحتى ورودها في صياغة الأخبار. أطلقت هذه اللفظة أيضاً على الماليشيات الفتاكة التي خاضت حربها وعدوانها وانتقامها على اليمنيين جميعاً شيوخاً وشباباً نساءً وأطفالاً وكل من يحارب نهجها وتوسعها من خارج اليمن، وها هي تعيث فساداً وخراباً في أرجاء الجنوب اليمني وتنشر الموت الأسود في ربوع محافظات الجنوب والشمال وبالأخص وتحديداً محافظات (عدن، الضالع، لحج، أبين، شبوة، مأرب ، تعز، إب ) وغيرها من الأماكن وداخل شمال الشمال في صعدة وعمران وصنعاء عاصمة الدولة المنكوبة. لغاية هذه اللحظة والبلد تعيش مأساة بائسة جراء حملة الحوافيش البربرية التي لم تعرف الرحمة، وبالرغم من أنهم تلقوا العديد من الضربات الموجعة من دول التحالف إلا أنهم كالجراد المبثوث لا يكفيه رش المبيدات والسموم من الأعلى بالطائرات بل يتطلب أيدياً شديدة وسواعد صلبة للقضاء عليهم ثم شوائهم على نار هادئه مثلما يفعل اليمنيون الجوعى إذا مرت بهم أسراب الجراد، وعليه فإن عاصفة الحزم لم تكفنا شرورهم بشكل كامل بل كانت كالغيث ليس في وسعه أن يسقي كل شيء ولو كان في استطاعته ذلك لركز كل مطلوبه على ما يريد دون ما لا ينفع كما قال الشاعر : ولو أن السحاب هما بعقل *** لما أروى مع النخل القتادا وبالرغم من أن ضربات التحالف الجوية باتت شراً لا بدّ منه كما يرى الكثير وأجمع عليه أغلب اليمنيين، إلا أننا يجب ألا ننكر بل ونعتقد اعتقاداً جازماً أن " الحوافيش " وبالتحديد قادتهم العملاء المرتهنين للخارج على جهة الخصوص هم السبب الرئيس فيما حدث ويحدث وما سيحدث مستقبلاً من نكبات وبلاوي لا قدر الله، لكننا نأمل في القضاء عليهم في أسرع وقت ممكن، فقد بلغ فسادهم الأرض والسماء والدور والبنيان والعمران والأرواح والأموال، ووصل طغيانهم حداً لا يمكن السكوت عنه، وهذا ما نلمس بشائره القريبة بإذن الله تعالى في ساحات الكرامة والجهاد على أيدي لجان المقاومة الشعبية الباسلة، ويؤيده حالة الهستيريا الفظيعة التي يمر بها الحوافيش، والانقسامات الحاصلة بين حلفاء الانتقام بالأمس أعداء اليوم الذين باع بعضهم بعضاً بثمن بخس والقادم لهم أسوأ. لم تكَد ساعة النصر تحين، وتلوح راياتها الخفاقة شيئاً فشيئاً حتى رأينا " حوافيش " آخرين ليسوا كـ " الحوافيش " السابقين، بل إنهم أشد نكاية وأبلغ خطراً وأثراً، إنهم حوافيش من بني جلدتنا ( حضارم وجنوبيون ) يتكلمون بألسنتنا ويعيشون بيننا، أو ربما يعيش آخرون منهم في غرف مغلقة وفنادق معدّة خارج أوطاننا لكنهم لا يألون جهداً أن يكونوا بيننا ببث خبثهم وسمومهم وقيئهم مستغلين وسائل الاتصال وتقنية المعلومات والثورة التكنولوجية. يهمني كثيراً أن أحذّر من هؤلاء الأذيال الماكرين، بل إنني أرى خطرهم كما أسلفت أشد وأنكى، ذلك أنهم لا يواجهون الخصم مباشرة فهم جبناء وأهل خور، بل يطيب لهم كأسيادهم الذين ربوهم على الغدر والوقيعة أن يطعنوا من الظهر على حين غفلة، هؤلاء يجب مواجهتهم بجميع السبل وحربهم بكل الطرق ولو بالذر كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه . الغريب بل والأشد غرابة أن هؤلاء " الحوافيش " من بني جلدتنا كانوا بالأمس قادةً " حراكيش " يحركون الناس بخيوط المكر والخداع ، ويقودون الشارع الذي أحسن بهم الظن وأمِل أن يوصلوه إلى بر الأمان كما صوروا له ظلماً وغروراً، وبنظرة بسيطة لا تحتاج أن يمعنها المرء يعلم أن هؤلاء لم يكونوا سوى وجهان لعملة واحدة، ورأسان لفتنة يتيمة أطلت علينا لتنكبنا يوم ظهورهم وإمساكهم بزمام أمر الكثير من المخدوعين، وأكثر ما خيب أملي أن أجد الكثير اليوم يصدقون ادعاءاتهم وأكاذيبهم التي ينشرونها في صفحاتهم الصفراء المأجورة. ما تخفيه الأيام السابقة ستكشفه الأيام القادمة، ولقد انكشف الكثير والكثير الذي لا يعدّ إلا بعضاً يسيراً من عورات هؤلاء المرتزقة الأذناب، فسَلوا كشوفات الأمن القومي كيف حوت أسماءهم كعملاء أخساء ومتعاونين كذبة وكيف تبين منها أنهم يستلمون آلاف الدولارات من العملات الصعبة جراء عمالتهم وخيانتهم لشعبهم وأمتهم ووطنهم، في حين يتجرع الشعب غصص الجوع والمسغبة وهم يتنعمون ويتاجرون بآلامه ومعاناته دون أن يدري هؤلاء المساكين بمكرهم الداهم، فهل يستحق هؤلاء أن يُنظر إلى وجوههم الكالحة فضلاً عن أن يُسمع ما يقولون من أباطيل وترهات ؟؟!! لقد انتزع أولئك الحوافيش فضل المقاومة من شبابنا المجاهد المخلص ـ كما نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً ـ في جبهات الكفاح والاستبسال وأعطوه بل وحصروه في فصيل معين بما يخدم أهدافهم ومراميهم الدنيئة، في حين يجب ألا نفرق بين أحد منهم في ساح الكرامة والتضحية ممن ضحى بدمه الطاهر لحماية الأرض والعرض، لكن الحوافيش فعلوا ذلك ليفرقوا المتحد، ويقسّموا المجموع، ويبثوا الفرقة ويشقوا عصا التآلف والتكاتف والتعاضد بين المقاومين بعد أن رأوهم في سبيل الله إخواناً. لقد هدِفوا من وراء تلك النوايا الخسيسة أن تضعضع الصفوف وتنتشر الفرقة ويعم الاختلاف فيؤدي ذلك إلى الاقتتال بين لجان المقاومين الشعبية وبذا يوفرون على أسيادهم الحوافيش الجهد في القتل وسفك الدماء، ويوفرون المهمة عليهم، وحقاً إنه الغباء والغرور الكاذب، فلم ولن يحدث من ذلك شيءٌ بإذن الله وستبقى المقاومة عصية على التدمير والاختراق. علامة فارقة نعرف بها طبيعة هؤلاء الحوافيش ونستدلّ من خلالها عليهم بوضوح ألا وهي حرصهم الدائم وولعهم المحموم على النيل من الإسلاميين ( نموذج الإصلاحيين في وطننا ) والحط من قدرهم ووصمهم بالخيانة والتبعية والتآمر وحب السلطة والسعي للمصلحة الذاتية، ونشر الدعايات القذرة عنهم والتفتيش في نواياهم، ولا تكاد تخطئني هذه الميزة فيهم، فما إن أرى أحدهم يفعل ذلك حتى أعرفه مباشرة، وأرى روحه الرخيصة ونفسه الدنيئة التي باعها في سبيل دراهم معدودة وآجال محدودة. إن مواقف الحوافيش الرخيصة ضد مصلحة الشعب، وتواتر موقفهم الخاذلة تجاهه وهروبهم واختفاؤهم عن الأنظار في ساعة مروره بالمصائب والنكبات أشهر من أن تُعاد ذكراه، فالكل به عليم وعلى تفاصيله مطلع، والواقع يشهد بذلك، ومن يكذبنا على ما نقول أو يتهمنا بمجانبة الحقيقة فعنده الواقع فليطلع على مشهد الحال ثم لينظر ليتبين مصداق ما نقول. أيها الأفاضل الذين غُرر بهم : والله وبالله وتالله إنهم يخادعونكم ويتاجرون بدمائكم ومآسيكم، فلو أبهوا لكم لأرسلوا إليكم على أقل تقدير ولو شيئاً من المساعدات والمعونات العاجلة من ملايينهم التي سرقوها من ثرواتكم وعرقكم، وهم اليوم يكدسونها في بنوك الغرب والشرق ويبعثرونها في بذخهم وإسرافهم على مرأى ومسمع ؟!، لمَ لا يرسلون الأدوية التي يداوون بها جرحاكم وهم يملكون في الخارج مصانع وشركات للأدوية والعقاقير ؟!، لمَ لا يعالجون جرحاكم في الدول التي يستخذونها ويرتهنون إليها ؟!، وما بال تلك الدول قد تعامت عنكم بعد أن كانت تدعم قياداتكم المصطنعة، بينما هؤلاء الإسلاميين الذين تلعنونهم في كل وقت وحين؛ انظروا ما فعلت مؤسساتهم الخيرية وأموالهم وصدقاتهم وشبابهم ومساكنهم وجهودهم تجاه إخوانهم المنكوبين، وكيف كانت وقفتهم في ساعة الشدة والعسر. فمن ظنناهم أعداءً نظراً للتشويه المتعمد هاهم اليوم يقفون موقف الرجال ولله في خلقه شئون وصدق الشاعر حينما قال : ولكنها الأقدار تجري بحكمها ** وأمر الغيب سرًّ محجّبُ أستطيع أن أقول وأنا على ثقة مما أقول أن معية الله تقف مع المخلصين، مع ما يُقال بأن " الحظ يقف مع الشجاع"، وهؤلاء " الحوافيش " لم يملكوا يوماً ذرةً من الإخلاص أو الشجاعة فلا ريب أن تجانبهم معية الله وألا يحالفهم الحظ في كل ما يسعون إليه إلا إذا دخل الجمل في سمِّ الخياط أو إذا جاءت الصخرة بالماء الزلال.  

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص