" لقد كتب القدر عليه أن يمشي مهموم الفؤاد، منكسر النفس، خالي الجيب مدمع العين، مُحرَج أمام أسرته البائسة وأطفاله الصغار". هكذا هو حال العامل المسكين والأسرة الفقيرة في هذه الظروف التي تمرّ بها بلادنا جرّاء الهجمة الشرسة التي تشنها ماليشيات الحوثي وصالح. وجراء الوضع المأساوي الحاصل توقفت الأعمال وماتت الحياة وشُلت الحركة الاقتصادية لغياب المحروقات والمشتقات النفطية مما أفقد الكثير من المواطنين أعمالهم وباتوا لا يملكون أدني الضروريات، وصاروا بحاجة ماسة لمن يمد لهم يد العون والمساعدة ليوفروا احتياجاتهم ولو في حدّها الأدنى. ليس من المبالغة أن أقول إن التوجهات التي تبديها الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الوقت الحالي والتي تصب في مجملها في دعم النازحين من المحافظات الجنوبية كعدن ولحج وأبين وغيرها وتغطية احتياجاتهم، أدى إلى غض الطرف عن معاناة المواطن المتمثل في العامل العادي البسيط الذي فقد عمله إزاء الأوضاع الحادثة. إننا نعلم أن الظروف المعيشية القاسية التي يعانيها الناس والتي انعكست تأثيراتها السلبية على الواقع المعيش بحاجة إلى أن نتلمس معاناة المحتاج والمعسر، ربما لا نجد من يصرّح بمعاناته، أو يبوح بأسراره فلقد عرفت أقواماً من اليسير عليهم أن يفضلوا الموت على أن يمدوا أيديهم إلى الآخرين، رجال أوفياء وأغنياء النفس ينطبق عليهم قول المولى عزّ وجلّ : " لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ " [ البقرة : 273 ]. لا محيد على أهل الخير والإحسان، وأصحاب القلوب البيضاء في هذه الفترة الحرجة عن أن يتبينوا من الثقات عن العامل البسيط ذو الأجر اليومي الذي فقد عمله في ظل الأوضاع الراهنة، و الموظف العادي ممن تأخر صرف رواتبهم الشهرية فيقعون في طائلة الديون والضائقة المالية، و ذووا المشاريع الصغيرة والأصغر كأصحاب البسطات الصغيرة وبائعي الخضار ومفترشي الشوارع والأسواق الذين تأثرت أعمالهم جراء هذه الظروف الصعبة، ولا ننسى بعدئذٍ النازحين من أبناء المحافظات الأخرى الذين يحتاجون لتغطية ضروراتهم الأساسية الأخرى، فإن أوفينا بحق الأقربين الذين هم أولى بالمعروف كما قال تعالى : " قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ "، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الأَقْرَبُونَ أَوْلَى بِالْمَعْرُوفِ ". وفي ظل هذه المتغيرات والملمات التي طرأت على الأمة فإننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إحياء روح التكاتف والتعاضد في جسد الأمة، وتوثيق صلتها ولحمتها فيما بينها البين، وإذكاء صفة التآلف بين القلوب الرحيمة والفقراء والمحتاجين، بمساعدة الأسرة الفقيرة والمحتاجة وحفظ ماء وجوههم وصون كرامتهم عن طلب الحاجة وتكفف الناس.
إضافة تعليق