للأمانة نقولها: إن مثل هذه اللقاءات التي تتم تحت إشراف المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) لن تقدم شيئاً للصراع القائم في الدول بين الفرقاء السياسيين، بل ستؤدي عملياً إلى إطالة عمر هذا الصراع والاقتتال الأهلي، فالمنظمة الدولية هي أضعف من أن تحل أية مشكلة في العالم نتيجة الصراع القائم بين أقطابها (الأعضاء الدائمين).. فروسيا وريثة الاتحاد السوفييتي تتسم سياستها الخارجية بالانتهازية وعدم المبدأية، بدلاً من أن تدعم نضال الشعوب المقهورة، كما كان سلفها الاتحاد السوفييتي ضد الحكام المستبدين، نراها تقدم الدعم والغطاء السياسي والدبلوماسي لجرائمهم ضد شعوبهم، كما هو الحال في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها من بلدان العالم. أما أمريكا فهي الأخرى لا يهمها معاناة الشعوب لا في اليمن ولا في سوريا ولا في ليبيا، تراها في الوقت الذي تتحدى فيه جماعة الحوثي وحلفاؤها المجتمع الدولي والإقليمي وترتكب جرائم حرب ضد الإنسانية بمحاصرتها المدن ومنع دخول إليها الغذاء والدواء واستهدافها للتجمعات السكانية والمستشفيات وقوارب النازحين دون وازع من ضمير، نراها تجري محادثات مع هذه الجماعة المتمردة التي لا تحمل مشروعاً سياسياً واضحاً غير الشعارات المزايدة (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) وفي الواقع تعمل عكس ذلك، إلى جانب أجنداتها الخارجية التي تهدد الأمن القومي العربي. فلقاء جنيف بين الفرقاء السياسيين في اليمن لا يتوقع أن يأتي بحل أو بجديد يرغم تحالف الحوافيش على الانسحاب من المدن التي احتلوها وإعادة السلطة إلى الحكومة الشرعية، فهو مضيعة للوقت، ويعطي فرصة للمتمردين بالتوسع أكثر، فكان المطلوب والمأمول من قوى التحالف العربي أن تنقل المعركة إلى الأرض بالحرب البرية، فالجو لا يحل مشكلة، نعم قد يؤدي إلى إضعاف قدرات العدو القتالية، لكنها لا تحل المشكلة، فقوى التحالف العربي إذا لم تكن لديها الرغبة في الحرب البرية عليها أن تدعم المقاومة الشعبية على الأرض بأسلحة نوعية التي تجعلها قادرة على التصدي للعدو الذي تحول من الهجوم إلى الدفاع، بفضل ضربات المقاومة الشعبية، وعلى القادة الموجودين في الرياض البحث عن مواطئ قدم لهم على الأرض لمشاركة الأهالي في مقاومة العدوان والحصار الذي تعانيه كثير من المدن ولاسيما مدن الجنوب وتعز التي تدور الحرب فيها... أملنا أن تفوق الحكومة والرئاسة وكذلك التحالف العربي ويعملون على تغيير استراتيجية الحرب التي مضى عليها ما يقارب الشهران دون أن تعطي النتيجة المطلوبة، بل زادت من معاناة المواطنين وآلامهم، ورمضان قادم على الأبواب.
بقلم الاستاذ : فرج طاحس