رباعية "الحرب والفوضى والمرض والأفق المسدود" تقتل مستقبل اليمن

حضرموت اليوم / متابعات : بعد اشتداد الحرب والمعارك باليمن على مدار أكثر من ثلاثة أشهر متتالية، وفشل مشاورات الحل السياسي بين الأطراف المتصارعة داخليًا واللاعبة إقليميًا، انتقلت اليمن لمرحلة أكثر خطورة وتأزيمًا تمثلت في انتشار الفوضى العارمة عقب فتح السجون، وسط أوضاع إنسانية وصحية كارثية، وبخاصة ما يتعلق بالأطفال وانتشار الأمراض المعدية والأوبئة بشكل غير مسبوق، حتى أصبح الأفق المسدود تجاه أي حل سياسي أو حسم عسكري يقتل الأمل في التوصل لتسوية تنتشل اليمنيين من دوامة الحرب الأهلية والفقر والمرض. الفوضى الشاملة تشهد اليمن منذ بدء العمليات العسكرية بين جماعة الحوثي "الشيعة المسلحة"، والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، والمدعومين من إيران من جانب، والمقاومة الشعبية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه هادي، بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية في 26 مارس الماضي وحتى اليوم، حالة من الفوضى، إلا أنها ستزداد سوءًا بسبب محاولة الحوثي جر اليمن لسيناريو الاحتراب الأهلي والفوضى الشاملة وعمليات السلب والنهب، حيث اتهم مصدر في المقاومة الشعبية بمحافظة تعز، ميليشيات الحوثي بتسريح مئات السجناء، أمس الثلاثاء، من السجن المركزي في المحافظة، بعد فقدانهم لمواقع كانوا يتمركزون فيها جنوب غرب المدينة. ولفت المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه- بحسب وكالة الأناضول- إلى إن "الحوثيين قاموا مساء الثلاثاء، بفتح أبواب السجن المركزي أمام 1200 سجين محكوم عليهم بقضايا جنائية، بعد فقدانهم لعدد من المواقع التي توغلت إليها المقاومة مسنودة بالجيش الموالي للرئيس عبدربه منصور هادي". وكشف المصدر أن "أفراد المقاومة والجيش الموالي للشرعية قاموا بإعادة 500 سجين إلى أسوار السجن المركزي، فيما تمكن المئات من الفرار باتجاه حي بيرباشا، الذي مازال تحت سيطرة الحوثيين". في تضارب للمعلومات قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، التي يسيطر عليها الحوثيون: إن مسلحين من أنصار القاعدة هاجموا السجن، فيما نقلت وكالة فرانس برس عن مصدر موال للحوثيين قوله: إن مقاتلين من "لجان المقاومة الشعبية" استولوا على السجن. وكان الحوثيون قد أعلنوا مطلع شهر رمضان الجاري، الإفراج عن 1200 سجين في عموم محافظات اليمن منها تعز، ممن قضوا ثلاث أرباع المدة المحكوم عليهم فيها، وذلك بقرار من ما يعرف بـ"اللجنة الثورية العليا" التي تدير البلاد كسلطة أمر واقع. استمرار المعارك بعد سلسلة من المشاورات المتعثرة فشلت الأمم المتحدة وأطراف الأزمة اليمنية في التوصل لوقف لإطلاق النار، أو بدء هدنة إنسانية في شهر رمضان، فاستمرت المعارك الضارية بين جماعة الحوثي وحلفائها، وبين المقاومة الشعبية وقوات التحالف العربي، رغم شدة الحر والصيام، لتدخل اليمن في دائرة مفرغة، في ظل عدم قدرة أي من أطراف الأزمة على الحسم العسكري أو فرض شروطه على الطرف الآخر. وتتواصل المعارك الضارية يوميًا، وقال شهود عيان: "إن طيران التحالف العربي بقيادة السعودية، قصف فجر اليوم الأربعاء، معسكر ألوية الصواريخ في فج عطان، الذي يسيطر عليه الحوثيون في العاصمة اليمنية صنعاء"، وأضافوا: أن "السكان سمعوا أصوات دوي انفجارات عنيفة"، مشيرين إلى "أن المضادات الأرضية التابعة للحوثيين قامت بالرد على الطيران بكثافة". وفي محافظة عمران شمال صنعاء، أشار سكان "أن طيران التحالف شن ثلاث غارات على أرتال للحوثيين في منطقة المفلوق بمديرية حرف سفيان، كانت في طريقها إلى المناطق الحدودية مع السعودية"، كما شن طيران التحالف غارتين على تجمعات للحوثيين في مديرية باقم بمحافظة صعدة على الحدود السعودية، وغارتين في كتاف وضحيان، وفقًا لسكان محليين. في سياق متصل قال سكان محليون: "إن 7 مدنيين لقوا مصرعهم، فجر اليوم الأربعاء، وأصيب العشرات في قصف للحوثيين، استهدف حي المنصورة السكني في محافظة عدن جنوبي اليمن"، وأضاف السكان: "إن الحوثيين أطلقوا قذائف هاون على تجمع للمواطنين بالقرب من أحد الفنادق داخل الحي، ما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى". وأشار الشهود إلى "أن مستشفى 22 مايو، أصبح مكتظًا بالقتلى والجرحى، الذين تم إلقاؤهم في الممرات، لعدم وجود طاقة استيعابية"، بحسب الأناضول. وتواصلت المعارك أمس الثلاثاء أيضًا، فقد صرحت مصادر طبية وأمنية، بأن 23 حوثيًا و6 من مقاتلي المقاومة الشعبية، قتلوا في معارك عنيفة دارت بين الطرفين بعدد من الجبهات في مدينة تعز اليمنية، وأشارت المصادر التي رفضت ذكر اسمها- بحسب وكالة الأناضول- إلى أن المعارك دارت شمال وجنوب غرب المدينة، وأسفرت أيضًا عن إصابة 38 حوثيًا، و28 من أفراد المقاومة الشعبية. وشهدت مدينة تعز الثلاثاء، معارك عنيفة بين المقاومة والحوثيين في جبهة الضباب، انتهت بسيطرة المقاومة على مواقع هامة كانت تحت قبضة الحوثيين، منها حدائق الصالح وجبال الشيباني والسجن المركزي. الأفق السياسي المسدود شهد الحوار اليمني ومبادرات الحل السياسي للأزمة اليمنية فشلًا ذريعًا، بدءًا من محادثات جمال بن عمر المبعوث الأممي السابق، وصولًا إلى مشاورات جنيف اليمنية للمبعوث الجديد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي بدأت في 15 يونيو الجاري ولم تحرز أي تقدم، وفشلت في فرض هدنة إنسانية لمدة أسبوعين مراعاة لظروف شهر رمضان، كما فشلت في التوصل لوقف لإطلاق النار، ولم تستطع الأمم المتحدة إلزام الحوثيين بتنفيذ القرار الأممي 2216، رغم أنه بذاته كفيل بنزع فتيل الأزمة، وجاء تعنت الحوثي وممارسة المراوغة والمماطلة على رأس أسباب الفشل. فيما يبدأ المبعوث الأممي طرح مبادرة جديدة، بحسب مصادر سياسية يمنية في صنعاء لـ"الشرق الأوسط" قالت: إن إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن، يحمل مقترحًا يتكون من 6 نقاط، أبرزها وقف إطلاق النار بالتزامن مع انسحاب القوات المتحاربة من المدن الرئيسية، وفي مقدمة ذلك مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد. وضع آلية لترتيب عملية انسحاب القوات وتنظيمها، تزامنًا مع انتشار فريق محايد، ولم يتضح بعد مصيرها وتفاصيلها، خاصة في ظل تعنت الحوثيين الذين أعلنوا عن تشكيل حكومة وطنية لإدارة شؤون البلاد، في خطوة وصفها مراقبون، بفرض الأمر الواقع. الجوع والمرض تعاني اليمن ألم الحرب وألم الجوع والفقر والمرض، بسبب تردي الأوضاع الإنسانية، ونقص المواد الغذائية والوقود، وانتشار الأمراض والأوبئة، وأطلقت أمس منظمة اليونيسيف تحذيرًا من الآثار المدمرة التي يخلفها الصراع في اليمن، على النظام الصحي، بما يعرِّض ملايين الأطفال لخطر الإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها. وقال بيتر سلامة، المدير الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إن الأطفال لا يحصلون على التحصين، إما بسبب انقطاع الكهرباء وشح الوقود، أو بسبب خوف آبائهم من التحرك والتوجه إلى أماكن التحصين في ظل القتال"، وشدد على "أن النتيجة المأساوية لهذا الوضع تتمثل في أن الأطفال سيلقون حتفهم، بسبب إصابتهم بأمراض، مثل الحصبة والالتهاب الرئوي، كان من الممكن الوقاية منها". ووفقًا لليونيسيف، يعرِّض تعطل خدمات التحصين مليونين وستمائة ألف طفل تحت سن الخامسة عشرة، إلى خطر الإصابة بمرض الحصبة، الذي قد يكون مميتًا، وينتشر بسرعة في أوقات الصراعات والنزوح. كما تقدر منظمة اليونيسيف أن أكثر من نصف مليون طفل تحت سن الخامسة معرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية، بزيادة مرتين عن معدل ما قبل الأزمة. وكانت قد كشفت منظمة اليونيسف في 13 يوليو 2014، أن "مليونًا و60 ألف طفل يمني تحت سن الخامسة معرضون للوفاة بسبب سوء التغذية الحاد، نتيجة لنقص النمو، والصراعات، وعدم الاستقرار السياسي"، إلا أن هذه الاستغاثة لم تلق آذانًا صاغية، واستمرت المعارك حتى اليوم. مؤشر خطير آخر في 25 يونيو الجاري، بلغ عدد الوفيات بسبب مرض حمى الضنك في محافظة عدن جنوبي اليمن 586 حالة، وارتفع عدد المصابين بالمرض إلى 8036 مصابًا، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقال رئيس اللجنة الطبية العليا في محافظة عدن: إن هذه الإحصائية ربما ليست دقيقة، لأنها لا تشمل الحالات التي لم تصل إلى المستشفيات، مرجحًا أن يكون العدد أكبر من ذلك. وكان المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية قد حذر من خطورة المرض على اليمنيين، موضحًا أنه تم الإبلاغ عن أكثر من ثلاثة آلاف حالة، وأن العدد في تزايد في حال استمرار الحرب فترة أطول. المصدر: شؤون خليجية

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص