عندما كنت أدرس في جامعة الإيمان بصنعاء عام ٢٠٠٧م اجتمع بنا شيخنا عبدالجيد الزنداني في بيته الذي في الجامعة ، وكان اجتماعا خاصا بالطلاب من المحافظات الجنوبية فقط ، واستقبلنا حراسه الشخصيين وكانوا من الجنوب وتعرف عليهم الشيخ أثناء جهاده في أفغانستان ، وجلس مستفتحا كلامه بالإيمان بالله كعادته وقال لنا مبتسما ومازحا : ( أنا متعصب للجنوبيين ). فقد دعا الطلاب الجنوبيين فقط . وتحدث عن الأوضاع التي تعيشها بلادنا في ظل سكوت مطبق من بعض المكونات ، ودعا الى انتخابات مبكرة درءا للفتنة ، فقاطعه أحد الطلاب معارضا على الانتخابات ، فقال له الشيخ مبتسما ( إما حرب أو انتخابات ، هل تريد حربا يا ابني ؟ ) ثم أقنعه فسكت الطالب ، فقد كان يعرف موقف النظام وتمسكه بالسلطة وماحصل اليوم خير شاهد . ووضح ما نسب إليه من فتوى كاذبة من صحيفة الشورى الحوثية أنه كفَّرَ الجنوبيين ، وقد قدم الصحيفة الى المحكمة وصدر إعتذار منها للشيخ حسب طلب المحكمة وأوقفت الصحيفة ، وأعطى الطلاب نسخة من اعتذار الصحيفة للشيخ واعترافهم بالكذب على الشيخ ، للأسف أضعت هذه النسخ في البيت وبحثت عنها فلم أجدها . ونشر الحزب الاشتراكي في صحيفة الأيام نفس الفتوى المكذوبة من صحيفة الشورى الحوثية ونشر عن الشيخ في الجنوب أنه يفتي بتكفير وقتل الجنوبيين ، وكان الشيخ يريد محاكمة صحيفة الأيام لنشرها هذا الخبر الكاذب ولكن الأوضاع تدهورت وأغلقت الصحيفة ، فلم يستطع ذلك . ومازال الحوثيون وحلفاؤهم ومن يؤيدهم من الأحزاب ينشرون عن الشيخ الأكاذيب والإشاعات وللأسف هناك من بني جلدتنا من يصدقهم إما جهلا أو عنادا وحقدا . عرفته من خلال إقامتي ودراستي في جامعة الايمان أنه يحب الطلبة الجنوبيين عامة والحضارم خاصة ويحب جميع طلابه من كل أنحاء العالم ، وهذا طبعه وطبع جميع طلابه ، ووضع لنا سكن خاص بالحضارم فقط حتى طعامنا يأتي الى سكننا ، بينما جميع الطلاب يأكلون في صالة الطعام المعدة لجميع الطلاب . وكان يحب الطلبة الجنوبيين ويحرص على راحتهم وأخذهم العلم الشرعي ونشره والدعوة الى الله ، ويوزع لنا الكتب مجانا ودائما يصرح بحبه للجنوبيين ويمدحهم في حديثه . وعندما نزوره في بيته قبل أن ندرس في الجامعة وبعدها ، كانت الابتسامة لاتفارق محياه الجميل ذو اللحية الحمراء الوقورة وطرافته ومزاحه مع الطلاب ، ذات مرة ونحن في غرفة الاستقبال في بيته ننتظر قدومه فجاء ووضع يده على رأسي مازحاً ويريد سحب شعري فلم يستطع لأنني حلقت معضمه ، إشارة منه أنني بدون عمامه في رأسي وعملت بها حبوة كعادة الحضارم ، وكان يحب أن يظهر أثر العلم على الطلاب في أخلاقهم ولباسهم وشكلهم . الشيخ الزنداني لايحمل حقدا في قلبه على أحد وكان يدعو الى اجتماع كلمة المسلمين وفي جامعته التي ضمت الكثير من الطلاب من الجماعات الاسلامية المختلفة من جميع أنحاء العالم ، فكان يحثهم على جمع الكلمة ونبذ التعصب الحزبي والقبلي والشخصي في الجامعة . الشيخ لاأقدر أحصر فضائله في هذه السطور إنما أحببت الإشارة الى حبه لأهلنا في المحافظات الجنوبية ولكن من عاشره سيعرف الكثير والكثير عن أخلاقه غير تلك الشائعات التي ينشرها عنه الحاقدون أو الجهلة أو المغرر بهم هداهم الله ، ألا يعرفون أولائك أن لحوم العلماء مسمومة وأنهم ورثة العلماء ، فمن كان قائده العلماء قادوه الى كل خير ، ومن كان قائده الجهلة قادوه الى كل شر ، حفظ الله الشيخ وجميع مشائخ المسلمين في كل مكان ، والحمد لله على سلامته ووصوله إلى السعودية ، وقد لقى استقبالا حافلا وكبيرا ، فشكرا للسعودية وشكرا للملك سلمان ، وما هذا إلا بفضل الله الرحمن .
بقلم : محمد سعيد باوزير