قرأت مؤخرا منشورا لأحد رواد الفيس بوك عقب فوز تجمع العدالة والتنمية بإنتخابات البرلمان التركية يقول فيه : " أردوغان أوصل أفراد حزبه إلى الحكومة والرئاسة واليدومي أوصلهم مغتربين في السعودية " . فأخذ المبغضون للإصلاح من المتشدقين المتفيهقين في الإحتفاء به ونشره على الصفحات بغرض السخرية والتشويه والتخفيف عما بهم الغيظ والقهر حين لم يتحقق لهم ماكانوا يتمنونه من وصول الجماعة إلى أرض لا رياض فيها ولا حياة .
ـ شكرا لليدومي لأنه أوصلنا الرياض سائرا على درب المربي القائد نبينا محمد " صلى الله عليه وسلم " في رحمته بأصحابه وخوفه عليهم حينما أشتد بهم الأذى وضاق بهم الحال , فقام بإيصالهم إلى دولة غير عربية " الحبشة " , لاجئين ـ لا مغتربين ـ عند ملك نصراني غير مسلم , ليتنعموا بالأمن والعافية في كنف ملك عادل لا يظلم عنده أحد .
ـ شكرا قيادتنا لأن قلقكم على إخوانكم في ظل ظروف قاهرة قد أوصلنا حيث الأمان وحسن الاستقبال وصدق الإخاء . وتلك هي مشاعر النبي " عليه الصلاة والسلام " على أصحابه في مكة , وهو يرى تكالب الخصوم عليهم واستقرار النية على استئصالهم فقام بتحمل مسئوليته تجاههم . فهو يدرك أنه سيقع عليهم غدا نشر الإسلام وتطبيق شريعته . فباشر الحبيب الطواف على القبائل المجاورة لعله يجد عندهم حماية من بطش كفار قريش بهم . فعاد منها مرجوما داميا . وواصل عرض دعوته على وفود الحجيج طالبا حق اللجوء لأرضهم ونصرتهم له . وما بين طمع ورفض منهم , كان الفرج من الله عند نفر من حجاج " يثرب " نالوا وأرضهم هذا الشرف الكريم والفخر العظيم طول الزمان . فشكرا لما ضحيتم به من أجل الأمة عامة . وشكرا لمن حازوا شرف النصرة وفخر النجدة لأهل الحكمة والإيمان .
ـ شكرا قائدنا لأنك استخدمت كل وسيلة لتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين بالجماعة ليقضوا عليها . وهم أعداء يمتلكون قوة لا حدود لفظاعة دمارها , ولهم حلفاء في كل مكان , ولا يحجزهم دين ولا خلق عن البطش بالجميع خدمة لمن لا يريد علوا للدين ولا حكما للشريعة . فكانت المواجهة معهم اليوم تعني التوجه مختارا نحو التهلكة . فسار القائد بنا على طريق العباقرة في مثل هذه المواقف الشديدة الخطورة . فتصرف على نهج المجاهد العبقري خالد بن الوليد " رضي الله عنه " في يوم مؤتة . فبعد أيام من القتال الشديد مع الروم رأى بعينه الفاحصة الخبيرة الموت المحتوم في استمرار مواجهة جيش الروم الأكثر عددا والأقوى عتادا والأفضل دعما وتموينا . ولذا فقد قرر الانسحاب من ساحة المعركة والعودة إلى مقر القيادة بأقل ما يمكن من الخسائر البشرية والمادية . وحين عاد بمن معه سالمين تلقاهم العوام والرعاع وأهل الحمية والعاطفة بالرجم والتوبيخ والتعيير , هاتفين في وجوههم : " الفِرَّار .. الفِرَّار " . ويقف الحبيب " عليه الصلاة والسلام " مصححا مفهوم الرجولة الحقة والشجاعة الصادقة مؤكدا للناس أن خالدا ومن معه هم " الكرار " الشجعان , وليسوا " الفرار " المتخاذلين .
ومن هذه المواقف النبوية فلن تؤثر سخرية المتبطلين في ترابط أخوتنا ولا في ثقتنا بسداد رأي قيادتنا . مع تأكيدنا على دوام التقييم والتصحيح . فكلنا بشر خطأون وأهم فوائد الخطأ هي تصحيحه وتجنب مزالقه وآثاره .
لقد فهم أبناء الحركة الإسلامية هذه المفاهيم جيدا . فهل فهم رعاع اليوم هذا ؟. أم أنهم ما زالوا في ريبهم يترددون ؟.
بقلم : ابو الحسنين - محسن معيض