تحمَّل َ فوق طاقته فرباك ، قهر ظروفه فعلمك ، رضيّ بالقليل ليوفر لك الكثير ، يتوارى من ذل في النهار عائشا هموم الليل وحيدا لأنه مستدينا ، ليراك الناس شمسا مشرقة وقمرا وضاء تزهو بجديد الملابس ونضيفها وأجمل التسريحات وكريماتها ، وتفاخر بشبابك ونظارة جسمك وصحة بدنك ، تنمو امامه مستقبلِا شروق ايام عمرك بينما هو مودعا غروب سنواته ويسأل الله حُسن الخاتمة أنه أبوك . .
يوم كنتَ ايها الابن فوق كتف ابيك طفلا نظيفا جميلا كان ابوك يزهو بك امام الناظرين ووقت ان يرى على ثيابك نقطة طين يبعدها فورا او عدم انتظام ازرار قميصك يصلحها بسرعة ، وعندما يرى سيلان انفك يبادر بإزالة اوساخها ليراك الناس في كامل زينتك فقد كنت مراّته التي ينظر اليها الناس فيرون صورته فيك انه ابوك .. وبعد ان تبدل كل شيء فيك وصرت شابا متزوجا ، موظفا او عاملا يممت َوجهك وجهدك الى الابناء والزوجة وان لهما حقا وواجبا لا ينكره عليك احد ، لكنه الوفاء والاحسان والبر لمن كنت بين يديه صبيا . انه ابوك .. لعل الاسطر الآنفات أوضحت شيئا مما أرغبُ تسليط الاضاءة عليه غير أنني أزيد فيها .
كم وقعت ابصارُنا على أناس ٍ تحالف عليهم الزمان والمكان رسمت على وجوههم الشيخوخة ُ تجاعيد العمل والكد والبحث عن اللقمة الشريفة فلهم منا التقدير والاحترام على صبرهم وقوة جلدهم لكي يروا بنيهم بررة فيهم ولو في نطاق قدرتهم على فعل المعروف وما اعنيه من صنيع معروفهم هو الاعتناء بمظهر الاباء . مُسن له من زينة الحياة الدنيا ما يجعله نظيفا مرتب الملبس ومعطرها تشُم من رائحته عبق الامس وعطر اليوم ، تصدُمنا رؤيته غير نظيف الجسد و الثياب ازرارها غير مرتبة غير مرتب شعر الراس والدقن ، مقطعة وسخة حذائه وقد كان قبل ان يصل من ارذل العمر ما وصله في كامل زينته ما الفرق وما الذي جرى وحصل ؟ مُسن اّخر يقطع الشارع المزدحم بالمركبات وضجيج اصواتها وهو وحيدا لا احد يأخذ بيده ، ووقت ان يصيبه مكروه لا سمح الله ترى ابنائه من حوله ، وقبلها كان يتقدم مخاطر الطريق والازدحام حماية لأبنائه .
صورٌ ومشاهد تتكرر يوميا في مساجدنا وشوارعنا وعرسنا وواجباتنا . انهم بعض البنين واهمالهم في اخذ مبادرة نظافة الاباء والاعتناء بهم . أتستحون من غسلهم وتنظيفهم وتزيينهم في بيوتهم ؟ حتى يخرجون الي المسجد والشارع وحضور الواجبات بكامل زينتهم وطيب رائحتهم خلاص ذاب الاهتمام وتلاشت غيرتكم على سمعة ابائكم .
ألا تخجلون من انفسكم حين يرونهم بعض الناس على حالتهم الرثة تلك و يقولون : انهم اّباء فلان وفلان . ألا تعلمون انكم مرآة لآبائكم فاختاروا أي صورة ترغبون يقف الناس امامها .
بقلم : سليمان مطران