تتسبب الأحداث المتقلبة بانتشار (فيروس الإحباط) بقوة ، وقلَّ من توجد لديه المناعة الداخلية القوية لمقاومة هذا الفيروس وغيره من فيروسات اليأس والقلق والانهزام النفسي التي تفتك بالجسم وتثخنه، ويلجئ الكثير من المصابين لتناول المضادات الحيوية والبحث عن الأخبار التي ربما تساعد في التخفيف من القلق والانزعاج من وعثاء الأحداث وكآبة منظرها.
أعتقد أن الأمر أهون بكثير من ذلك فمن تمكن الرضا في قلبه واعتاد الاطمئنان إلى جناب الله ووثق بالركون إليه عند كل جاثية وهزة عاتية سيجد أن من السهل القدرة على امتصاص الصعقات الكهربائية واحتمالها.
فلا تطل التفكير كثيرا في الأبواب المغلقة التي لم نعثر على مفاتيحها إلى الآن ولاتقلقك الجدران الصلدة المصنوعة بإحكام لاتقبل التصدع فكل ذلك هين حين ترسل يقينك في قوة الرب الذي تأوي إليه وتعتمد﴿قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾[مريم: ٩].
إن قرارات الله العليا توجه مسار الأحداث بإحكام فائق ﴿ قُلِ اللَّهُ أَسرَعُ مَكرًا﴾ [يونس: ٢١] وكل مايجري إنما هي دوائر مكر صغيرة تسبح في تدبير الله ولن تغادر إحداها بعيدا عن أمره وتدبيره.
أشار (ونستون تشرشل) إلى أن المتشائم تقهره الصعوبات فلا يرى إلا الصعوبة في كل فرصة، أما المتفائل فيلمح الفرص تشرق من بين الصعوبات.
إنني استشعر التحدي عندما نصارع حيتان البحر الكبرى، والأمواج العاتية تغمرنا، والعواصف والأعاصير تهاجمنا من كل اتجاه ونحن نسقط ونقف ونتعلم المصارعة بذكاء ونجيد التحول الذي نراه في مسلسلات الديجتال ونتقن سرعة التأقلم بل ويحدونا الأمل بالانتصار والتقدم وكل ذلك يعيد صقلنا لمرحلة قادمة فإن الضربة التي لاتقتلك تقويك وتمنحك الطاقة لبناء الجسم.
إن ماتعرض له موسى - عليه السلام - في كل مراحل حياته من أحداث وهزات عنيفة كانت في كل مرحلة تحقق أهدافا في صياغة شخصيته ليواجه شخصية أقوى وأعتى، فمنذ صغره تعرض للقذف الشديد مرتين ليقع في أحضان عدوه المترصد له والهارب من بطشه، لكن رعاية الله وعنايته الفائقة به ومحبة الملقاة عليه كان تمنع من استئصاله ، فأوحى إلى أقرب محبيه﴿أَنِ اقذِفيهِ فِي التّابوتِ فَاقذِفيهِ فِي اليَمِّ فَليُلقِهِ اليَمُّ بِالسّاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌّ لي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنّي وَلِتُصنَعَ عَلى عَيني﴾[طه: ٣٩]
إننا بحاجة شديدة اليوم لاستدعاء هذه المحبة الإلهية تلقى علينا وتُزرع في الكرة الأرضية لتمنحنا الحصانة الكافية من الاستئصال ونعيد صناعة أنفسنا على عين الله ورعايته وتأييده .
يجب أن نوقن أن الله اصطنعنا لنفسه ومانتعرض له من الفتون من متطلبات هذه الصناعة الفولاذية لقيادة زمام كوكب الأرض فيما بعد فعلينا أن نتذكر ذلك جيدا ونستشعره.
﴿وَاصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعيُنِنا﴾ [الطور: ٤٨]
بقلم : الخضر سالم بن حليس