كيف أسقطت إيران صنعاء لتصبح عاصمتها الرابعة؟!

حضرموت اليوم / متابعات :  عامان منذ اجتياح الحوثيين، حلفاء إيران في اليمن، العاصمة اليمنية صنعاء، وبهذه السيطرة أعلنت إيران سيطرتها على العاصمة الرابعة إلى جوار (بغداد-بيروت- دمشق). كانت الأجواء في صنعاء في مثل الوقت أشد أنواع الظلمة فقد عاد الاستبداد محملاً على اكتاف جماعة مسلحة تدعمها طهران لأهداف إقليمية أوسع مستهدفة أمن شبة الجزيرة العربية بأكمله. تتناول هذه الورقة إجابة تساؤل: كيف أسقطت طهران العاصمة اليمنية صنعاء، منذ بداية خروج الحوثيين للتظاهر ضد حكومة الوفاق (يوليو/تموز2014م) وحتى يوم 21 سبتمبر/أيلول 2014م، عندما أعلن الحوثيون السيطرة على صنعاء بدون مقاومة من الجيش اليمني. معتمدة على ما نشره الإعلام الإيراني في تلك الفترة، والتي رصدها "الباحث" في حينه.   قبل اجتياح صنعاء قبل اسقاط صنعاء في 2014م خططت إيران لإجراء المزيد من المناورات كجزء من عشرات المناورات التي أعلنت طهران عنها خلال السنوات السابقة، ففي عام 2012 وحده أعلنت إيران عن أربع مناورات عسكرية على الأقل، امتدت على طول مياه الخليج العربي وصولا إلى بحر العرب. كانت تصفها وسائل الإعلام الإيرانية دائما بالأضخم والأوسع والأكثر إثباتا لقدرات إيران العسكرية، وبينما كانت تلك المناورات تدور في وسائل الإعلام المحلية أكثر منها على الأرض وفي البحر، دأبت إيران على مزامنتها بالتلويح بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي - الممر الحيوي لنحو نصف نفط العالم، وسط تصعيد دولي للعقوبات على طهران بسبب ملفها النووي المثير للجدل، لكن القديم الجديد في تصريحات العسكريين الإيرانيين بإدخال مضيق باب المندب على البحر الأحمر إلى الخطاب السياسي الإيراني، بعد أن اعترفت طهران بأن قطعها البحرية تراقب المضيق لرصد أي تحرك من «قطع معادية»، معلنة أنها بدأت مناورات عسكرية بحرية تحت اسم «الولاية 91» تستغرق في مضيق هرمز في ديسمبر/كانون الأول2012م الماضي، بهدف استعراض القدرات العسكرية الإيرانية في هذا الممر الحيوي لشحن النفط والغاز. وامتدت مساحة تلك المناورات من عمق الخليج العربي على سواحل محافظة بوشهر باتجاه منطقة مساحتها نحو مليون كيلومتر مربع، مرورا بمضيق هرمز وخليج عمان ومناطق شمالية من المحيط الهندي، في محاكاة لصد هجوم من قبل عدو افتراضي في طريقه للاقتراب من مياه بحر عمان والخليج العربي لمهاجمة السواحل الإيرانية، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.[1] في عام 2013م كشف المشاركون في اجتماعات مؤتمر الحوار الوطني اليمني عن وجود تحركات إيرانية تسعى للتغلغل في النسيج الوطني اليمني بهدف ضرب وحدته لتحقيق مصالح استراتيجية من أهمها السيطرة على مضيق باب المندب في البحر الأحمر. ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن عدد من المشاركين في الحوار الوطني أن تردي الأوضاع الأمنية و"انتشار المجاعة في اليمن"، شكلا فرصة للمسؤولين الإيرانيين لـ"شراء ذمم بعض السياسيين الذين بدورهم يقومون بحشد جيوب الفقر في البلاد وتجنيدها لخدمة المصالح الإيرانية".[2] كانت تلك محطات للاقتراب الإيراني من عمق المجتمع اليمني، والتغلغل في جذوره مستفيدة من حالة الجنوح للديمقراطية بعد ثورة فبراير/شباط2011 ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.   الدور الإيراني في اجتياح صنعاء في فبراير/ شباط 2015م هاجمت الإعلامية اليمنية منى صفوان والتي عملت في قناة "الميادين" فترة طويلة، قرار جماعة الحوثي محاكمة رئيس الحكومة (خالد بحاح) بتهمة الخيانة العظمى لرفضه قبول دعوات الجماعة بالعودة لممارسة مهامه في ظل سيطرتهم على الدولة، تساءلت صفوان، "ماذا لو تم تأكيد تعامل الحوثي مع إيران، ومن يكون مطلوباً للعدالة بتهمة الخيانة العظمى حينها الحوثي أم رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح؟"وأكدت على امتلاكها الأدلة القانونية التي تدين الحوثي شخصياً وتؤكد تخابره مع إيران.وأشارت إلى وجود أدلة ادلة تثبت ان كل ما تم منذ 21 سبتمبر في صنعاء خطط لها في بيروت بإشراف الحرس الثوري .وقالت أن كل المحادثات واللقاءات السرية بين جماعة الحوثي والمخابرات الإيرانية في بيروت موثقة بالأسماء والزمان والمكان.[3] وبالإمكان قراءة الإعلام الإيراني قبل الاجتياح منذ بدء التظاهرات عام 2014م يمكن الوصول إلى ما تم تخطيطه. خرج الحوثيون للاعتصام في شوارع صنعاء في آب/ أغسطس2014م للمطالبة –كما يقولون- بإعادة دعم الحكومة للمشتقات النفطية بعد أن قامت برفعها في وقت سابق. وكتب المحلل الإيراني رضا دهقاني -مقرب من دور صنع القرار السياسي الإيراني- مقالاً في وكالة "فارس" بتاريخ (19آب/اغسطس2014م) بعنوان: "وجه جديد للصحوة الإسلامية (تصدير الثورة الإيرانية) في المنطقة.. اليمن هي المحطة الأولى". تحدث فيه بغرابة أن الحوثيين هم القوة الاجتماعية والسياسية والعسكرية في اليمن. [4] ويعقبه نائب وزير الدفاع الإيراني العميد جزائري بمطالبة اليمن بتنفيذ مطالب الحوثيين جميعها، وأن إيران تقف ضد عنف السلطة مع الحوثيين. [5] وقبل ذلك تحذير خطيب جمعة طهران آیة الله احمد خاتمی، النظام اليمني و =دول الخليج من مغبة ازعاج الحوثيين.[6] وفي عنوان على قناة العالم الناطقة بالفارسية "اليمنيون يسعون لقلب نظام الحكم".[7] أثناء سخونة الأحداث في اليمن و وقت خطاب زعيم الجماعة المسلحة عبدالملك الحوثي والإعلان عن البرنامج التصعيدي،(17 أغسطس/آب2014) نشرت وكالة فارس الإيرانية خبراً عن مصادر امنية واستخباراتية يمنية، ذكرت فيه مخطط الحوثيين في العاصمة، بانتشارها في محيط العاصمة صنعاء للسيطرة عليها وعلى أهم المرافق الحكومية فيها، ونقلت الوكالة: أن المئات من مليشيا الحوثي المسلحة التي يتزعمها السيد عبدالملك الحوثي، انتشروا في عدة مناطق حول العاصمة صنعاء، استعدادا للسيطرة عليها .ونقلت الوكالة عن المصادر قولها إن قيادات من الحوثيين كشفت بأنهم اعدوا خطة لإسقاط صنعاء، وقسموها الى 10 مناطق جغرافية، ينتشر في كل منها، المئات من "كتائب الحسين" المسلحة، وهي من اقوى الكتائب التابعة للحوثيين. وبالرغم من أن وكالة فارس حذفت الخبر بعد ساعات لكن المئات من الناشطين اليمنيين كانوا قد أخذوا صورة للموقع ونشرته وسائل اعلام يمنية عديدة.[8] وبالنظر إلى مراكز الحوثيين في تلك الاعتصامات سنجد أن هناك عشر مناطق جغرافية تسيطر عليها ويمكن تقسيمها إلى مناطق خارج العاصمة، ومناطق داخل العاصمة، داخل العاصمة: حي الجراف، الاعتصام أمام وزارة الداخلية حتى مطار صنعاء الدولي، أمام رئاسة الوزراء، شارع العدل؛ أمام الفرقة الأولى مدرع. وخارجها كالتالي: مخيم بني حشيش( يسيطر على طريق مأرب وخطوط أنابيب النفط التي تزود العاصمة بالمشتقات النفطية إضافة إلى تحكمه أيضا بنقل الطاقة من محطة مأرب الغازية، وأيضا كطريق واصلة للعاصمة بمحافظتي حضرموت وشبوة.) ومخيم آخر بمنطقة (بني الحارث) وآخر في (الرحبة) سيكون لهما مهمة التحكم أو مواجهة أي تمدد للقبائل أو تحرك قوات حكومية من أرحب ومناطق أخرى متصلة بها. ومخيمات في همدان لمنع القبائل أيضاً من القدوم. ومخيم في الصباحة لمنع قبائل بني مطر والحيمتين من التقدم بالإضافة لألوية الجيش، ومخيم آخر في حزيز وهو لمنع معسكر الاحتياط والمعسكرات المجاورة من التقدم وقبائل إب وذمار والبيضاء وتعز وأخرى. فمن الواضح أن الخطة "عسكرية" أكثر من كونها احتجاجات لإسقاط الجرعة أو الحكومة.   التوقعات الإيرانية قبل الاجتياح وفي تحليل لمركز اسناد انقلاب ايراني (وثائق الثورة الإيرانية) ونشر في الأول من سبتمبر/أيلول 2014م يؤكد فيه أن الحوثيين يؤمنون بالإمامة كمعتقد ديني، وأن هذا حق لهم يجب أن يأخذوه من الحكومة المركزية، وأن سياسات القمع الحكومية ضد المعارضة تضيف فتوحات جديدة إليهم.[9] ووضع المركز سيناريوان فقط لحل الأزمة في اليمن؛ مثلا سُبل الرغبة الإيرانية وحددت الخيار الإيراني بشأن اجتياح صنعاء والسيطرة عليها. الأول: اتفاق الحوثيين الشيعة مع حكومة صنعاء: "وهو الحل المقترح بتسوية النزاعات بالوسائل السلمية مع حكومة صنعاء، إذا كانت السلطات اليمنية تريد تنفيذ مطالب الشعب وفقاً لمطالب الحوثيين، وهذا يتطلب أن يعطى الحوثي مشاركة في العملية السياسية وفقاً للتغير في السكان" وكان قد حدد في بداية التحليل بأن نسبه الحوثيين الشيعة 40%، وهي نسبة خيالية، والأمر الأخر أن إيران تنظر –كما الحوثيين- أن المطلب هو إشراكهم بنسب كبيرة في الحكومة عبر موالين لهم(كانت صحيفة تابناك قد ذكرت أنهم سيشاركون عبر موالين لهم فقط)، والسيطرة على المخابرات اليمنية ومراكز حساسة في الدولة حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، والشيء الأكثر خطورة أن الحوثيين يريدون حصتهم في الحكومة عبر تقسيم طائفي وهو انسحاب بشكل أكثر دموية إلى النموذج العراقي، والنموذج اللبناني. الثاني: يقول اسناد "اشتباك القوات اليمنية مع الثوار": ويعزوا ذلك إلى التدخلات الخارجية في السنوات الأخيرة وحددها "بطريقة مباشرة"، وطريقة "غير مباشر" من خلال الضغط على السلطات اليمنية، ويضيف أن "عربستان" المملكة العربية السعودية هي المتحكمة في القرار السياسي اليمني وذكر أنها هددت الحوثيين بالحرب إذا لم يتوقفوا عن التصعيد، وتحدث عن سيطرة "آل سعود" السلطات السعودية على قرار القبائل والقرار السياسي منذ فترات طويلة، مبرراً التدخل الإيراني خلال الفترات الماضية جاء لأجل وقف القمع على الأقلية "الزيدية" في الشمال. وحذر مركز الدراسات الإيراني الذي يتبع سلطة الحرس الثوري والمرشد الأعلى من أن مقاومة الحكومة للمطالب الحوثية في تلك الظروف، تزيد من احتمال وقوع مواجهة عسكرية، وأن الحوثي لن يكتفي بتكثيف احتجاجاته، وقد يثير هذا احتمال المواجهة بين الطرفين في الأيام المقبلة. وأضاف المركز: بأن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذا السيناريو هو رفض الحكومة اليمنية للمطالب التي وصفها بالشعبية". يختم المركز تحليله بالقول: "حصد الحوثي شعبية واسعة، لمطالبته بهموم الشعب، وسيكسب مقاعد كثيرة في الانتخابات القادمة، لكن قبوله أياً من السيناريوين سيضعف شعبيته سواءً بإشراكه في الحكومة أو بفتح باب المواجهة مع الحكومة". ولم يقدم "اسناد" الحلول لإبقاء هذه الشعبية؛ وبحسن الظن أنهم سيتجهون لإسقاط إقليم واحد على الأقل ذو منفذ بحري ومنطقه نفطية ليتمكنوا من مواجهة عاصمة الدولة. لكن ما حدث هو إسقاط لكل الدولة اليمنية واجتياح وصل إلى كل مناطق اليمن. وحتى 2 أيلول/سبتمبر2014م كان الوضع في اليمن "مزعجاً" كما أعلنه زعيم الجماعة المسلحة عبدالملك الحوثي، لتحاول وكالة أنباء فارس الحديث أن الإزعاج دعا الجميع للانضمام إلى "الثورة الشيعية" كما تحب أن تسميها بالقول: "أحزاب المعارضة اليمنية أعلنت وقوفها مع ثورة الشعب اليمني"، فيما لم تحدد اسم لحزب واحد من هذه الأحزاب، وفي نفس اليوم نقلت الوكالة عن حسن زيد رئيس حزب الحق المقرب بشده من الحوثيين القول: "حان الوقت لتصحيح المسار بعيداً عن الدول المحيطة في الخليج الفارسي (العربي) وأن المحرك الأساسي لما يحدث في اليمن هو ذات المحرك للثورة الإيرانية". [10] وفي 4 أيلول/سبتمبر2014م تقول صحيفة "اطلاعات" إن الوضع في اليمن يتجه للانفجار.[11] وتفتش الصحافة الإيرانية عن أحد المصريين الذي تحدث باقتدار لوكالة فارس يوم 8 أيلول/سبتمبر 2014م بالقول: "إن ما يحدث في اليمن فتح مجال جديد للثورة الإسلامية أن ترى النور".[12] و تتحدث صحيفة "تابناك" أن "خيار الحسم بالسلاح هو الخيار الوحيد".[13] وفي مساء نفس اليوم يتحدث ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام للقناة الثانية الإيرانية بالقول: "نسعى لتشكيل حكومة شعبية من كل الأطياف"، في رده على سؤال لمذيع القناة ماذا لو رفض النظام اليمني قبول المطالب، ثم يعقبه بتأكيد أن جماعته تمشي رفضاً للاستكبار العالمي كما رفضها الإمام الخميني. وفي فجر يوم (9أيلول/سبتمبر2014م) يتحرك المتظاهرون نحو رئاسة الوزراء لإسقاط الحكومة وكأنهم إيرانيون ذاهبون للسفارة الأمريكية في طهران عام 1979م، وفي خضم تلك الأجواء يفتح الحوثيون حرباً في منطقة حزيز، وتغطي الصحافة الإيرانية بفزّع ما توقعته وتوقعه محللوها، وكنوع من التعمية المجتمعية للإيرانيين والعالم قالت وكالة فارس إن ما حدث في حزيز هو تحرك أربعة ألويه من معسكر الاحتياط (السواد) لقمع المتظاهرين القادمين من رئاسة الوزراء، فيما الحقيقة أنهم أرادوا إدخال السلاح وتمركزوا في المباني المحيطة وقتلوا المواطنين من أجل التمترس حول المعسكر حين رفض حرس المنفذ الأمني إدخالهم.[14] وليس هذا وحسب بل إن صحيفة كيهان المقربة من المرشد الأعلى في نسختها العربية قالت إن الطيران الحربي اليمني قصف المتظاهرين أمام وزارة الداخلية، كل هذه التفاعلات يؤكد أن الإيرانيين يبحثون عن إثارة الحرب في اليمن وزيادة عمق فرز المجتمع على أساس الهويات الفرعية.[15] الملفت للنظر هو نقل وكالة فارس خبر إقالة اللواء فضل القوسي الذي وصفته أن قائد الحرس في البلاد، رفض قرار اقالته، بالإضافة إلى أن اللواء محمد الغدراء الذي جرى تكليفه رفض استلام مهامه.[16] فيما أبدت صحيفة " تابناك " استيائها الشديد من قيام الرئيس عبدربه منصور هادي بالقبض عن 48 ضابطاً كانوا يستعدون لفتح أبواب معسكر السواد للمقاتلين الحوثيين. موقع الصحيفة الالكتروني بث يوم الجمعة (13سبتمبر/أيلول 2014) تقرير مصوراً يتهم الرئيس هادي بقتل المتظاهرين بالأسلحة وقتل الضباط الموالين لجماعة الحوثي.[17] وصلت ساعة الحسم العسكري في اليمن، وتم اسقاط العاصمة صنعاء، تدك الاشتباكات محيط العاصمة، ويتخاذل الجيش، وتحولت الجمهورية إلى تبلّد سياسي ورعب حقوقي وإنساني، الخوف من القمع والسيطرة حاضر، كما تحضر معها كل الشكوك بحلّ قريب للأزمة في البلاد. وحتى ذلك الوقت كانت إيران تقوم بتهيئة الرأي العام الإيراني من أجل السيطرة على العاصمة العربية الرابعة. وفي 21 أيلول/ سبتمبر2014م اجتاح الحوثيون بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح العاصمة صنعاء. وكانت الأفراح في طهران لا تتوقف.   اجتياح وأفراح إيران لا تتوقف وفي نفس اليوم من إعلان السقوط قال مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال حديث له أمام البرلمان إن "ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية وصنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية(..) إيران تمر في هذه الأيام بمرحلة “الجهاد الأكبر”(..) أن هذه المرحلة تتطلب سياسة خاصة، وتعاملا حذرا من الممكن أن يترتب عليه عواقب كثيرة".[18] وتوقع زاكاني في وقته "أن 14 محافظة يمنية سوف تصبح تحت سيطرة الحوثيين قريبا من أصل 20 محافظة، وأنها سوف تمتد وتصل إلى داخل السعودية، "بالتأكيد فإن الثورة اليمنية لن تقتصر على اليمن وحدها، وسوف تمتد بعد نجاحها إلى داخل الأراضي السعودية، وإن الحدود اليمنية السعودية الواسعة سوف تساعد في تسريع وصولها إلى العمق السعودي"، على حد قوله.[19] لم تقتصر الفرحة الإيرانية على عضو في البرلمان بل امتد إلى الاعتراف وواضح بدعم الحوثيين حيث قال علي ولايتي رئيس مركز الدراسات التابع لمصلحة تشخيص النظام في إيران، ومستشار علي خامنئي، والذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام لما يعرف بالمجمع العالمي للصحوة الإسلامية في إيران، إن انتصار الحوثيين في اليمن بات أمراً وشيكاً. وقد اعترفت إيران رسمياً ولأول مرة، بدعمها لجماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن، إذ أعلن ولايتي أن إيران تدعم ما سمّاه النضال العادل لأنصار الله في اليمن. ووصف ولايتي، بحسب وكالة "إيسنا" الإيرانية، حركة الحوثيين بالفريدة في تاريخ اليمن، وقال مخاطبا الحوثيين: "إن انتصاراتكم تشير إلى عمل مدروس ومستلهم من التجارب السابقة، والآن تمكنتم من السيطرة على الأوضاع تماماً وأزلتم العقبات من أمامكم".[20] الرئيس الإيراني حسن روحاني أكد أيضاً في اليوم التالي( 22أيلول/ سبتمبر2014م) أن إيران تدعم اجتياح صنعاء و وصفها ب«شجاعة و كبيرة» واعتبرها جزءاً من «النصر المؤزر والباهر» الذي تدعمه إيران.[21] وقد أثارت مثل هذه التوصيفات الإيرانية للأحداث في اليمن اعتراض الحكومة اليمنية عدة مرات. وتعتبر هذه التصريحات تأكيداً رسمياً من أعلى مقام حكومي ايراني على الدعم الإيراني للحوثي. وفي سياق متصل وصفت صحيفة "كيهان" ما يجري في اليمن بأنه "ثورة إسلامية"، مؤكدة أن هذه الثورة ليست سوى مقدمة لسقوط آل سعود "الحتمي"، وسقوط نظامهم "المتخلف"، الذي يعتبر أن الحكومة اليمنية التي انتفض ضدها الحوثيون "حليفة استراتيجية له".[22] الخارجية الإيرانية أقرت بوجود نفوذ لها في اليمن وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان أن إيران استخدمت نفوذها في اليمن "لمنع بعض دول المنطقة من دعم التنظيمات الإرهابية."[23] في فبراير/ شباط 2015م قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن إيران ساهمت في إسقاط السلطة في اليمن من خلال الدعم الذي قدمته لـجماعة الحوثي, والذي تبين أنه كان دعما حاسما في استيلاء الحوثيين على السلطة.[24] كثفت إيران من إرسال شحنات السلاح بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة، وبدأت الأسلحة تتوافد على اليمن عبر موانئ الحديدة وعدن[25]، واستطاعت الجماعة تهريب الإيرانيين الذين كانوا يقودون سفينة (جيهان 1) التي ألقي القبض عليها عام 2012م ،بعد السيطرة بأسبوع واحد، وهو ما عزز خوف الجماعة من إدانتهم[26]. وفي يناير/كانون الثاني 2015م قالت مصادر إن جماعة الحوثيين تسلمت دفعة من صواريخ رعد الإيرانية وتم تجربتها في منطقة حدودية مع المملكة العربية السعودية في تهديد واضح من جماعة الحوثيين للمملكة العربية السعودية خاصة بعد حصول جماعة الحوثيين على تلك الترسانة العسكرية وسيطرة الجماعة على الموانئ البحرية والمطارات المدنية والعسكرية الأمر الذي يتيح للجماعة من إدخال صفقات وشحنات أسلحة ضخمة.[27]   وأخيراً.. استطاعت إيران إسقاط العاصمة صنعاء، وإن كانت رغبتها السيطرة فقط على القرار السياسي في الدولة وليس إدارتها وتحمل الحوثيين مسؤولياتها، بما يضمن وجود الثلث المعطل في الحكومة، وهو ما يجري التفاوض عليه رغم انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015م بقيادة السعودية. إغفال الدور الإيراني عن التدخل في اليمن، يقود إلى منهجية إغفال بقاء السلاح وإعطاء الثلث المعطل لحزب الله اللبناني وفق اتفاق الطائف 1989م؛ هذا الاتفاق الذي تحاول دول غربية عديدة وضعه في اليمن، لن يقود إلا إلى اللادولة، وسيجر إلى أكبر من كون حرب بين متمردين وحكومة، إلى حرب أهلية أثنية وطائفية، وهو الخطر الأكبر، والذي دائماً ما ترغب إيران بتهديده في اليمن.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص