المجتمع والثقافة

يجتر بعض الكتاب حديث الأمس وجدلية العلاقة بين السياسي والمثقف ، وأيهما تابع، وتأثير السياسة في الثقافة والعكس،وتسود الصفحات، وتظل العلاقة مبهمة – على الأقل لدينا نحن معشر القراء- ولعلنا بعد حين سنظفر بالقول الفصل.

           ولكن دعونا نعرج على تلازم – أو هكذا يجب أن يكون – بين محورين مهمين في حياتنا ألا وهما الاجتماعي والثقافي ، فالثقافة بحسب بعض التعاريف (هي ذلك النظام الكلي المعقد الذي يشمل العلوم والفنون والمعتقدات والأخلاق والقيم والعادات وكل المكتسبات والمواهب التي اكتسبها الإنسان بصفته عضوا في المجتمع) ،ومربط فرسنا هنا في العبارة الأخيرة ، فالثقافة بحسب ما تقدم صفة ملازمة لأعضاء المجتمع، وبعضها نتاج لما يعتمل بداخله ، وتتشكل تبعا لما يسوده من مظاهر عقدية وتربوية وتنموية وموروث حسي ومعنوي ، وفي مراحل هذا التشكل تبرز الثقافة باعتبارها تمثل دورين في آن واحد ، أحدهما يظهر من خلال تمددها في الوعي الاجتماعي ( إيجابا وسلبا ) والتأثير في منظومة العلاقات الاجتماعية ، وتتجاذب تشكيلات المجتمع أسباب ووسائل الثقافة من نواحيها التربوية والإعلامية ،وتستخدم هنا كأداة في إدارة المواجهات لتغيير أسس الثقافة ، أو الدفع بمفاهيم مغايرة للثقافة السائدة وإعادة تشكيل المجتمع وفقا والوافد من الرؤى والمصطلحات ، كما هو حاصل الآن في فوضى المصطلحات التي تفرضها ( عولمة) القطب الواحد المتفوق بقوة الآلة العسكرية وسلاح الإعلام ، أوكما عبرعنها كتاب عنوانه ( المتلاعبون بالعقول) ، أما الدور الآخر فيكون من خلال مخرجات الثقافة وتكون كنتائج نراها بعد مخاض الصراعات الفكرية والحروب المدمرة ،  وقد تأخذ وقتا طويلا حتى تصبح ثقافة سائدة وتتجذر في بنيان المجتمع أو يرفضها حين يكون محصنا   ، وللتدليل على ما سبق يمكن الرجوع إلى مفكرة التاريخ لقراءة نماذج على شاكلة ما احتدم من صراع في عصر الحرب الباردة من مثل مصطلحات  ( الثورات الثقافية في الصين) و( الثقافة البرجوازية ) و(ثقافة البروليتاريا ) و ( المثقفين الثوريين) ، ,وخير شاهد اليوم على أهمية الثقافة تلك الدراسات الكثيرة المهتمة بأثر الثقافة في المجتمع والدعوة إلى التميز بالثقافة الإسلامية والعربية ، وكذا الدفاع المستميت للحفاظ على هوية الثقافة الوطنية في كثيرة ، ترى تهديدا لهويتها في العصر الحاضر ، فظهرت مسميات( الغزو الفكري والثقافي )و( ثقافة الاستهلاك ) و(الثقافة الإنهزامية ).

             ولخطورة هذا الأمر – أعني اثر الثقافة في المجتمع وتأثرها به – كان لزاما أن توجه الثقافة الوجهة الصحيحة ، لتكون عامل بناء ونهضة لا معول هدم وتحلل في البنى الاجتماعية، ولن تكون كذلك إلا إذا  وضحت الرؤية والهدف ووجد منهج سليم في التفكير.         
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص