خصوصية أي مجتمع تفرض نفسها بقوة على تقسيمات البيوت ومرافقها الخدمية , ويحضر الجانب الإسلامي بقوة اشد ليعزل جزءً من البيت عن أعين الأجانب وتسهل حركتهم فيه بدون محاذير او طلب الإذن مرات بغرض المرور بين الحين والأخر للإنتقال او استخدام مرافق مشتركة كدورات المياه .
البيوت الحضرمية تصمم بطرق عجيبة فمن تخصيص سلم للرجال وأخر للنساء بمداخل من جهتين متعاكستين , الى تقسيم البيت نصفين او ثلاثة بحيث يسهل ايلائه للورثة فيما بعد . وتخصيص غرف الضيافة مع مرافقها . ناهيك ان البيت يحتضن عدة أسر تعيش في مكون اسري واحد .فلكل حالة إيجابيات وسلبيات نبينها ما سمح المقام لذلك.
أيهما افضل تخصيص سلم ام سلمين في البيت ؟ في تقديري ان سلم واحد يكفي شريطة ان يكون دائري بموزع يفرع للطوابق او الشقق او بمدخل جانبي يفضي للطابق الارض للتحكم بإستقلاليته , ذلك ان مساحة الدرج الأخر يمكن ان تكفي لغرفة نوم إضافية للبيت وقد يقول قائل ان السُلَمين انفع في المناسبات وهذا فيه من الوجاهة لكن ان تعطل مساحة في البيوت مدى عمرها من أجل استخدامات محدودة في العمر فهذا لا يمكن ان يكون مقنعا .
تقسيم البيت الى نصفين متماثلين من الناحية التصميمية شي جميل لكن ان كانت المناصفة قد تعطل التوزيع الامثل والمطلوب لصاحب البيت فالعدول عنها مطلوب وتعطى الأولوية للمتطلبات الاساسية لتحقيقها وفي حدود المساحة الممنوحة .
مدة إنشاء البيت الحضرمي تكون ملازمةً لصاحبة قد تستغرق العمر كله ويتسع البيت بإتساع عدد الساكنين فيه فيبدأ بغرف محدودة و بأسرة واحدة وينتهي الأمر في كل غرفة أسرة , وفي هذا المقام لنا وقفة وهي أن الأسر الصغيرة حديثة النشأة تحتاج الى من يرعاها وبالمقابل يحتاج الأب الى من يسنده في آخر عمر ناهيك ان الحالة الإقتصادية تحتم في بعض الأحيان بقاء الإشقاء في حالة من التكافل والتعاضد في وجه غلاء الأسعار المتوحش و المتزايد يوما بعد يوم . وهناك من ينظر الى الجانب السلبي لهذه الحالة فالمشاكل التي تظهر بين الحين و الآخر بين الأبناء وبين أمهاتهم والتي قد تنتقل الى الآباء، والجانب الأخر وهو استقلالية التربية والتوجيه حيث تتكاثر التدخلات من كل أحد في الأسرة وتحصل الإزدواجية بل ربما الإنفصام في شخصية الطفل .