مشكلة تؤرق كثيراً من الناس بل وتشكل خطراً في مستقبل الأجيال القادمة لاسيما في وادي حضرموت أرض العمارة الطينية حيث ظهرت جلية بعد أضرار السيول أكتوبر 2008 م إنها مشكلة مخططات قطع الأراضي السكنية ، فالبناء بالقرب من مجاري السيول تبين خطأه للجميع ، و الأرض البعيدة من مجاري السيول والصالحة للبناء تجد النزاعات على ملكيتها وأما المخططات الرسمية التابعة للدولة لا تكاد تجد قطعة أرض فيها غير محجوزة . إنها أزمة حقيقية يعيشها المواطن ويتغافل عنها المعنيون والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي أدى إلى هذه الأزمة ؟ وبمعنى أوضح ما السبب الذي أدى إلى استنزاف قطع الأرضي السكنية ؟ كثير من يذهب إلى أن السبب هو النمو السكاني المتصاعد والبعض يرى أن السبب هو التوزيع العشوائي وعدم وضع ضوابط صارمة من قبل جهات الصرف الرسمية . وأيّاً كان السبب فهناك أمر يجب أن يعيه الجميع ولعله السبب الرئيسي في استنزاف قطع الأراضي السكنية وهو سوء استغلال قطعة الأرض مثل : الاقتصار على طابقين فقط في أحسن الحالات إن لم يقتصر على الطابق الأرضي ، عدم تقسيم البيت إلى شقق منفصلة ، عدم دراسة خريطة البيت جيداً قبل البدء في البناء ، عدم استشارة المهندسين وذوي الخبرات السابقة في وضع الاحتياطات اللازمة والمناسبة لنوع الأرضية التي سيتم البناء عليها .
وحتى يتضح السبب جيداً أخي القارئ نورد إليك هذه المعلومة ، يعيش في اليابان أكثر من مائة وأربعون ( 140 ) مليون نسمة علماً بأنه لا يصلح للعيش والبناء من مساحة اليابان إلاّ عشرون في المائة وأما بقي مساحتها فهي بين براكين وجبال وغيرها . وحلاً لهذه المشكلة اعتمد اليابانيون في عمرانهم على مفهوم التوسع الرأسي ( أي تعدد طوابق المبنى الواحد إلى الأعلى أو إلى الأسفل ) حتى وصل استغلالهم لقطعة الأرض أن مساحة 5 متر * 7 متر موقف سيارات يكفي لعدد ثلاثين سيارة وهو عبارة عن أدراج مثل المصعد الكهربائي كل درج موقف لسيارة فإذا أدخلت السيارة هبط المصعد أو ارتفع ليظهر درج ( موقف ) آخر ويتم التحكم في ذلك عن طريق زر كهربائي ، وأما المباني السكنية فحدث ولا حرج عن عدد الطوابق فيها .
وفي السنوات الأخيرة بد ا البعض يتجه إلى العمارة الأسمنتية مبرراً ذلك بأن البناء المسلح مقاوم للأمطار ويمكن استغلاله أكثر من البناء الطيني ، وبالمقابل عقدت المؤتمرات والندوات والمحاضرات حول خطر غزو العمارة الإسمنتية لمناطق الوادي والمناداة بالحفاظ على العمارة الطينية كونها من تراث المنطقة ، ولاشك أن العدول عن العمارة الطينية إلى العمارة الإسمنتية ليس بصحيح لأن ظروف المنطقة لا تسمح بذلك مثل ارتفاع درجة الحرارة وكذلك التكلفة الباهظة للبناء المسلح مقابل يسر تكلفة البناء بالطين حتى أصبح الكثير من المواطنين في حيرة من أمرهم أيفضل البناء بالطين أم البناء المسلح .
وموضوع النقاش الذي نحب أن نطرحه على المختصين والمعنيين من مهندسين ومعالمة بناء والمؤسسات الرسمية والمدنية والتعليمية ذات العلاقة هو : ( كيف نطور العمارة الطينية لتواكب المتطلبات العصرية ) وذلك في ضوء التساؤلات التالية :
1 ـ لماذا لا تدرّس مادة خاصة بالعمارة الطينية في قسم الهندسة المعمارية في جامعة حضرموت حتى يتخرج مهندسون يشرفون على العمارة الطينية مثلما يشرفون على العمارة الأسمنتية ، أو على الأقل إدخال العمارة الطينية في أبحاث التخرج .
2 ـ كيف نحسّن مواد البناء في العمارة الطينية مثل تحسين اللبن ( المدر ) من حيث قوة التحمل ومقاومة الأمطار وذلك من خلال الجمع بين الطرق التقليدية والطرق العلمية .
3 ـ لماذا لا يشجع البحث العلمي في إيجاد طرق ووسائل متطورة في أعمال العمارة الطينية .
4 ـ لماذا لا تنشأ مراكز للعمارة الطينية لتأهيل معالمة البناء من خلال الاستفادة من ذوي الخبرات السابقة ( المعالمة المتقاعدين عن العمل ) .
5 ـ كيف نوصل الوعي الحضاري المعماري إلى المواطن حول أهمية استغلال قطعة الأرض والتخطيط الصحيح قبل البناء .
6 ـ ما هي الأسرار وراء صمود كثير من المباني الطينية القديمة عقوداً من الزمن وخير شاهد على ذلك منارة المحضار (طولها = 40 متر، عمرها = 100 سنة ) وبيوت شبام حضرموت العامرة ( طولها = 20 متر ، عمرها = أكثر من 500 سنة ) .