حضرموت اليوم / الأناضول :
تدهورت الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى مستويات قياسية، وبعد أكثر من عام ونصف العام على تصاعد المعارك بين القوات الحكومية والحوثيين، مازالت الأمور تتجه نحو الأسوأ، مع انهيار الوضع الاقتصادي والخدمات الصحية.
وخلال الأسابيع الماضية، كادت الأوضاع تصل إلى الحضيض، حيث اتسعت رقعة الجوع ومعدلات سوء التغذية الحادة في أوساط السكان بشكل غير مسبوق، وخصوصا بعد توقف رواتب موظفي الدولة منذ شهرين، وتزايد معدلات الفقر إلى نحو 80% من السكان وفقا لتقديرات دولية.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فأوبئة الزمن الغابر عادت إلى الواجهة، حيث تفشى وباء الكوليرا من جديد، بعد إعلان السلطات الصحية إعلان خلو البلد منه أواخر تسعينات القرن الماضي، ليبدأ في إرداء ضحاياه في محافظات متفرقة.
ويقول سكان، إن الحرب قضت على كل مقومات الحياة في البلاد، رغم تواضعها قبل اندلاعها، وبات من الصعوبة أن يواجه الناس مثل هذه الظروف خلال الأسابيع الأخيرة من 2016، إذا لم يحدث اتفاق سلام بين طرفي النزاع.
وقال عبدالرقيب الشرعبي، وهو معّلم حكومي، للأناضول" الأمور كارثية، لم نكن نتوقع أن نعيش هذا الوضع، فالأوبئة والجوع تحاصرنا من جهة، والحرب من جهة أخرى".
وأضاف" الحرب ساوت بين جميع الطبقات ربما (..) أعرف أشخاصا كانوا ميسورين وباتوا يتناولون قرص الخبز على شربة الماء، وأناس لا يعيشون سوى على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإغاثية".
ويقدّر عدد سكان اليمن بـ26 مليون نسمة، ووفقا لمنظمات أممية، فإن 19 مليون نسمة باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية، 7 ملايين منهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيتناولون الوجبة القادمة أم لا.
وقال مهند هادي، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ووسط آسيا وشرق أوروبا، في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الفائت، إن النزاع في اليمن "يسبب خسائر فادحة، وخاصة للأشخاص الأكثر احتياجاً، لا سيما النساء والأطفال".
وأضاف: "يزداد الجوع كل يوم وقد استنفد الناس كل ما لديهم من استراتيجيات للبقاء، وهناك الملايين من الناس لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون الحصول على مساعدات خارجية."
ووفقا للمنظمات الدولية، فإنه وحتى قبل أن يبدأ الصراع الأخير، أواخر مارس 2015، عانى اليمن أحد أعلى معدلات سوء التغذية في العالم.
وقال جورج خوري، مدير مكتب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، إن هناك تسع محافظات يمنية تعيش المستوى الثالث من مستويات الطوارئ في معدلات سوء التغذية.
وذكر المسؤول الأممي في تصريحات للأناضول، أن هناك 400 طفل حاليا معرضون لسوء التغذية الحاد و (التقزم).
وفي بعض المحافظات، تم تسجيل معدلات مرتفعة للإصابة بسوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سن الخامسة بلغت 31٪، أي أكثر من ضعف الحد الذي يتم فيه الإعلان عن حالة الطوارئ الذي يبلغ 15%.
وخلال الأسابيع الماضية، كانت محافظة الحديدة، غربي البلاد، المعروفة بـ"سلة اليمن الغذائية" نظرا لاحتوائها على أكبر الأودية والسهول الزراعية، أكثر المحافظات اليمنية عُرضة لسوء التغذية الحاد في أوساط سكانها الذين تحوّلت أجسادهم إلى هياكل عظمية.
ويوفر برنامج الأغذية العالمي، الغذاء لأكثر من ثلاثة ملايين شخص شهرياً منذ فبراير/ شباط 2016، وخلال الأشهر الأخيرة قام بتقسيم الحصص لتصل إلى ستة ملايين شخص كل شهر، مع كمية أقل من المواد الغذائية نظراً لأن الاحتياجات تتزايد والموارد آخذة في التناقص، وفقا لبيان صادر أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتردية، إلا أن حركة الأسواق، وخصوصا في العاصمة صنعاء، لم تشهد كساداً كبيراً وضعف في القوة الشرائية.
وقال محمد الزريقي، وهو تاجر مواد غذائية في صنعاء للأناضول: "كشوفات الدائنين تكبر كل يوم، المئات لا يملكون أي أموال لشراء المواد الغذائية الضرورية مثل القمح والأرز والسكر، وهناك الكثير ممن باع مدخراته من مجوهرات وسيارات من أجل أن يطعم أطفاله".
وتسببت الحرب في تزايد غير مسبوق لظاهرة التسول، وتعج شوارع المدن الرئيسية بالمئات من المتسولين، معظمهم من النساء والأطفال.
وبعيدا عن ملامح المجاعة الوشيكة، جلبت الحرب الأوبئة المختلفة، وتسبب مرض "الكوليرا"، والإسهالات الحادة، بسقوط العشرات في فترة وجيزة، بعد أيام من تفشي الوباء.
ووفقا لمدير مكتب منسق الشؤون الإنسانية، فإنه تم تسجيل 8 وفيات جراء الكوليرا في خمس محافظات يمنية، و2241 حالة مشتبه بإصابتها بالمرض منها، 71 حالة مؤكدة.
وقال المسؤول الأممي، إن 47 شخصا لقوا حتفهم خلال الأيام الماضية بسبب الإسهالات الحادة في عدد من المحافظات اليمنية، والتي انتشرت بعد أيام من اكتشاف الكوليرا.
ويقول مكتب الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية، إن أسباب الإسهالات الحادة قد يكون أحد الفيروسات أو بكتيريا الكوليرا، ومن ثم لم تسجل أسباب الوفاة بأنها الكوليرا فقط.