مشهد عبقري و جوهر فذ تراه ويفيض عليك من
الشعور أنبله ومن الإحساس ارفعه وأنت تدلف إلى كورنيش مدينة المكلا ، شباب يموت في
حب الوطن .. شباب تطلعه الجارف وطن يماني متخلص من مستبديه وطغاته وظلامه ، شباب
يُقدّم تضحية الصمود المُدهش دون أن ينتظر جزاءً ولا شكوراً ، شباب يقضي أوقاته
تحت قيض المكلا في هاجرتها التي تأبى إلاّ أن تتسلل بأشعتها وتندفع بحرارتها إلى
داخل خيام المعتصمين الصابرين من اجل يمن جديد ومستقبل أفضل ليس لهم فقط ولكن لكل
بني وطنهم المفدى وللأجيال القادمة لتنعم حقاً بـ (اليمن السعيد).
يا لإبهار الثورة الشبابية الشعبية السلمية
المتصاعدة في يمن الإيمان والحكمة ، لقد بلغ وهجها إلى كل المدن : حماساً وتضحية و
أملاً باسماً بغد جميل يطل يودع فيه أهل اليمن مآسيهم ومعاناتهم من سلوك وعقلية
هذا النظام المستبد الذي استباح البلاد ليشبع نهمه هو من السلطة والتسلط ..الثروة
والثرى غير المشروعين لا شرعاً ولا عقلاً ولا دستوراً ولا قانوناً و يذهب ذلك
النظام يتمنن على الشعب الأبي بالفتات من كل ذلك .
ولقد كان نصيب مدينة المكلا عاصمة محافظة
حضرموت من ذلك الوهج وافراً بشبابها الذين للتضحية في سبيل الوطن في أجندتهم الشخصية
حضور واستعداد ، وافراً بشيوبها الذين لم يتمكن الطغيان من إحناء هاماتهم و النيل
من عزمهم وعزيمتهم ، وافراً بنسائها الباسلات الفاضلات الأبيات اللاتي يأبين إلاّ
أن يقتحمن ميدان النضال وساح الكفاح لدحر الطغمة الحاكمة .. ما أنبلهنّ روحاً
وطنية وما أصدقهنّ لهجة ثورية تدوي في سمع الزمان والمكان لتنبئ المستبد أنّ زمانه
قد ولى وآنّ لليمن أن يعيش زمانه وطن يفيض بأحراره وحرائره وخيراته ومسراته .
المكلا مدينة حضرموت الأولى تُحلق في سماوات
الفعل الثوري ، تُدلي بدلوها في تدفق تيار الثورة السلمية العبقرية مهما تطاولت أيامها
وامتدت لياليها أوليس كل ذلك فرصة وسانحة لمزيد من الإبداع والإدهاش و النضال الملحمي الذي سيسطره التاريخ
بمداد من بهاءٍ وضياءٍ وبأحرف من نور ونار ، نار يشب لظاها في معسكر الطغيان ، ويتدفق
نورها فينير زوايا الوطن تألقاً ثورياً مبشراً بزوال ليل الطغاة وانبثاق فجر الوطن
الظافر الحر من أغلال سجانيه .
هنا يتسابق مُبدعوا حضرموت ساحلها وواديها
في تقديم بديع القصيد الثوري من قلوبهم المسكونة بالدفء ، العامرة بالحنان لهذا
الوطن والممتلئة بالسعير لناهبيه وسفاكي دماء بنيه الأوفاء و الأشرف والأنبل ،
تتفجر قرائح الشعراء وتتوقد بنات أفكار المُلحنين ، وينسكب النشيد في مسامع
الساحات تيار ثوري باذخ ملهب للحماس ومفجر للطاقات و راسم للأحلام الفضليات وباعث
لمن لم يلتحق باللحاق والانضمام إلى قافلة الحق والنور والأمل والصنيع الأجمل .
وهنا تُفري فريها فرق الفنون الشعبية (الشبواني)
وهي تُشارك في صنع الانجاز الثوري وتُقدم لوحات قشيبة من الفنون الشعبية الحضرمية
التي يقف الوجدان إعجاباً بها وهي تُشارك في ترسيخ الروح الثورية .
من هنا من كورنيش المكلا تخرج نساء حضرموت
مشهد يفيض على القلب حماسة وامتناناً لهن وتقديراً وإجلالاً ، يخرجن في مظاهراتهن
العصامية صادحات بالشعار العبقري (( الشعب يريد إسقاط النظام )) مُسهمات في انتصار
هذه الثورة الشبابية السلمية الهادرة المتصاعدة ، ما ابرك سعيهنّ وما أبدع صنيعهنّ
ومعهنّ بُنيات يقتبسن من وجدانهنّ الثوري وجدان ، ورصيدهُنّ الوطني رصيد ورحيقهُنّ
المُلهم الهام ، ترفرف فوق هاماتهُنّ رايات وطن آن له أن ينتصر و يسعد.
هنا بيت الثوار الأحرار ، عرين الأسود
الكُماة ، أصحاب السواعد المشمرة في صنع الفعل الثوري المُتشحين وشاح الوطنية
الصادقة والعزيمة الراشدة والصلابة الواثقة بالنصر والانتصار للوطن من مستبيحيه
ومصاصي دماء وعرق بنيه ، هنا الثوار الشرفاء الذين تجري البطولة مع دمائهم ، هنا
يضيفون إلى وعيهم دروس في الثورة و التثوير والتنوير في ندوات ومحاضرات ودورات في
مساءاتهم الندية و دورات في صباحاتهم المشرقة البهية ، ومن ساحة التغيير تنطلق
المظاهرات المنددة بجرائم النظام المتضامنة مع الثوار الأحرار في ساحات الوطن
وميادينه ثورة واحدة لوطن واحد ، وللرياضة مكان من الاهتمام في جدول الثوار، هنا
يتكثّف روح الأخوة الصادقة والتعارف والإيثار النبيل و العطاء الأصيل ، على
مُحيّاهم قسمات التفاني لخير الوطن مع نكران للذات منقطع النظير لا تجد احدهم
يتحدث عن جهده وجهاده السلمي ، وعلى شفاههم ترتسم البسمات المشرقات المفعمات بالأمل الصادق والعزة
الواثقة.
هنا يتجلى التناصر الفذ بين الجيش الوطني ،
درع الوطن وحامي الحمى بقادته الأوفياء ورجاله المتسربلين بالشهامة والغيرة على
بني وطنهم ، من ناحية ، ومن ناحية ثانية ، الشباب الثوار عُدة الوطن ورصيده
للتنمية والبناء والعزة القعساء.
هنا اعتصام شباب التغيير بحضرموت ، حينما
تدلف إلى هنا وتعيش هنا تدرك كنه ما هنا ، ينسرح إلى عالمك سحر ما هنا ، يفيض إلى
كيانك شعور وسلوك جديد ، تكتسب روحك خُلق مجيد ، خلق الثورية : العبقرية السناء ، العطرية
الأرجاء ، الوارفة الأنداء ، الألمعية البهاء ، إلى هنا وتدرك فذ ما هنا .
هنا الجامعة المفتوحة للرباعية الخلاقة : الجملة
الرباعية الكلمات ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ،الكلمة الرباعية الحروف ( ارحل).