الرباعية الخلاقة

انبعثت من تونس شرارة اندلع منها اللهيب ، وفي مصر أخذت زخمها المدهش الفريد ، وفي اليمن تتعملق وتتمدد وينبثق منها اليمن السعيد ، وفي ليبيا باغتها العقيد المعقد بدمويته فإذا بها لهيب يشب لظاه يأتي على أحلامه واحداً بعد واحد حلما بعد حلم فتدعها شذراً تذروه الرياح مذراً إلى مزبلة التاريخ ، وفي سوريا ارتفع صداها فإذا بها جبارة تصنع فجر سوريا المجيد فجر بدون فجور آل الأسد وشرهم المدفون تحت ستار(الممناعة ) ، تلك هي الرباعية الخلاقة التي وجدت قيمتها ـ بعد انبثاقها الأول ـ حين هتفت بها حناجر شعوب طالما سامها حكامها أصناف القهر و الفظاعات ، إنها: الجملة رباعية الكلمات (( الشعب يريد إسقاط النظام )) و الكلمة رباعية الحروف ((ارحل)).

 

إنها رباعية وجدتها شعوبنا العربية تختصر معاناتها وتضعها على عتبات المستقبل الذي تنشده بفارغ الصبر منذ زمن تطاول مداه ، رباعية تنساح في وطننا العربي لتعيد الحق إلى نصابه وتؤذن بخراب قصور الخراب العربي والتشرذم المصنوع والمرعي من قبل تلك الأنظمة التي ارتضت بدور السادن في معبد البيت الأبيض و الكنست الصهيوني والى جانبها الاليزيه و عشرة دوانج إستريت وغيرها من الدور والقصور والعواصم القواصم لأحلام الشعوب و آمال المقهورين بضعف من الأخيرين واستغلال لجهلهم وعوزهم .

 

لقد تفلتت شعوبنا في الجامعات المفتوحة لشعاري الرباعية الخلاقة المدويان في الميادين والشوارع والطرقات والساحات وتحررت شعوبنا من أغلال طالما اجتهد الحكام في تمتينها وفكت طلاسم طالما زعم الزاعمون أنها عصية على الحل والفك طلاسم من نوع ان الحاكم المفدى لا يمكن ان يجود الزمان بمثله حيناً وحيناً آخر ان التخلص من نظام الاستبداد والإذلال هو من المستحيلات ومن العبث حتى بمجرد التفكير في ذلك حتى لجاء البعض إلى مبررات للسمع والطاعة لتبرير عجزه عن صناعة الرحيل لنظام الارتزاق والاستبداد ، بل و اكتسبت شعوبنا من الجامعة المفتوحة للرباعية الخلاقة دروس في الرفض التام لكل استبداد من مبتدأ تشكله وتخلقه و انسكب في وجدان الصغار الأبابيل روح الرفض للممستبدين وان لم يفقهوا بعد معنى الاستبداد ، ورغم هذا فقد تردد البعض عن المعترك الثوري مع إدراكهم لمعنى ومقتضيات الاستبداد ومعنى الوطنية والروح الوطنية وليس المهم ان نفقه هذه المعاني بقدر ما هو مهم العمل من اجل تكريس أحسنها ونبذ أسوأها .

 

إنّ للتغيير المنشود ركنين : أولهما الإرادة وثانيهما القدرة وهما في يد السلطة وفي يد الشعب ، فان لم تُحدث التغيير السلطة هب الشعب الواعي لإحداثه وصنع ملحمته  ولو بعد حين من الصبر والصمت ، وهاهو يفعلها في اليمن وسوريا يواجه أنظمة أدمنت الزيف والتزييف و الكذب والتضليل وتضخيم ثروات الحكام وترسيخ تسلطهم في مقابل امتصاص رحيق أوطانهم ومسخ هوية مواطنيهم وتحويلهم إلى مجرد خدام مناسبين لفخامات متضخمة في قصور مشمخرات في وطن يتجرع المرارات و ينتحب ويئن تحت وطأة سياط جلاديه و لسان حالهم (( وطن لا نسحقه لا نستحقه )) .

هاهو الشعب يصنع قدره وهو قضاء الله في أرضه حينما أراد الحياة بدليل دفع التضحيات الغاليات فهاهو القدر يستجيب في إثبات مدهش لما ذهب إليه الشاعر الفذ أبي القاسم الشابي  ومنه تم نحت أولى الرباعيتين (( الشعب يريد إسقاط النظام )) .

فـ (الشعب) أراد إسقاط النظام لأنه لن تكتب له (الحياة) إلاّ بعد ان تغادر الحياة جسد الاستبداد الجاثم على كاهله ، والنظام المطلوب إسقاطه هو نظام الاستبداد أو منظومة الاستبداد التي حيكت خيوطها و نسجت صدفاتها من مقدرات الشعب و توانيه وتقاعسه ان يهب عند أول بادرة استبداد ليحبطها ولكنه صمت فتراكمت المبادرات ومن ثم تسرب إليه اليأس من رفع كلكلها وانزياح أثقالها عن جسده الذي نحل لصالح الطغاة في ظل روح للمقاومة غائبة في أحيان و مصادره بعيش رغيد لا يفطن صاحبه ولا يحفل لكلمات مثل : الكرامة ، الحرية ، الإباء ، الكبرياء الوطني ، حتى أذن الله تعالى اللطيف الخبير بربيع التحرير المحلي الرائع المدهش الطاغي هذا فنهض الشعب من وهدة الاستخذاء يهتف ملتفاً (( الشعب يريد إسقاط النظام )) وتبعتها الكلمة الزلزلة العاتية لعروش الطغيان (( ارحل )) وكأن المستبدين محتلين للوطن فيهتف بهم بنيه وبناته شرفائه وشريفاته أحراره وحرائره (( ارحل )) وإذا كان الاحتلال يهمه التمسك بالسلطة السياسية المطلقة على الوطن المحتل ويستنزف ثرواته لتعمير الوطن الذي قدم من اجل سواد عينيه ، فإنّ المحتل المحلي وطنه عائلته أو أولياء نعمته من المحتلين الذين لفظهم الوطن المفدى بتضحيات بنيه .

 

 ومن هنا فان الاحتلال حينما سُمي استعماراً كان ذلك صحيحاً لا باعتباره يُعمّر الوطن الذي احتله ولكنه يُعمّر الوطن الذي قدم منه بخراب الوطن الذي احتله . وقد تكررت التجربة بعد (رحيل ) المحتل الأجنبي ليخلفه المحتل المحلي الذي يخرب الوطن ليُعمر نفوذه ويمده بأسباب البقاء والدوام والتوريث ولكن جاء ربيع الأوطان بعد ردحاً من الزمان وليلاً تطاول من الحرمان ليرحل خريف الطغيان وليهتف الشعب الملتف المتحد (ارحل) من حاضرنا فقد سئمناك (ارحل ) فقد كرهناك ( ارحل) فقد آن لنا أن نبني مستقبلنا.

 

·  ختاماً بني وطني ..

 

·  للقاء المشترك أقول :

 

·  شكر الله سعيك ايها التكتل الوطني ونحن منك وأنت منا ومعك كل الشركاء من القامات الوطنية ، والمطلوب منك لقاءنا و بدون تأخير ان تُعلن في بيان صريح فصيح عن نفض يدك نهائياً من المبادرة الخليجية ومن أي جهد خارجي في ظل روغان الثعلبان علي جمعه والتواطئ الخارجي معه ، ولتعلن الانضمام النهائي والكلي للثورة الشبابية ، لقد عمل المشترك و شركائه ما عليهم ويزيد لتكاليف اقل للثورة السلمية وعلى المشترك ان يظهر بقية أوراقه الثورية ، والوقت ان كان يمضي لصالح الثورة منذ انطلاقتها في 15 فبراير 2011م فأنني أخشى ان يصبح الوقت يمر لغير صالح الثورة فالشعب قد اعد العدة للفتك بالمستبد الأرعن وأعوانه .

 

· ان هذا الصنم المتكلس علي جمعه يريد الحوار للحوار فقط لا للنتائج التي قد يتمخض عنها انه يقول تعالوا إلى الحوار ولكنه حوار يبقيه على الكرسي ، حوار يؤجل رحيله المطلوب شعبياً فوراً ، انه حوار لا ثمرة للوطن منه ، حوار الطرشان انفع منه ، مع إدراكي ان المشترك إنما يحاور عبر الأشقاء في الخليج ، ان حالة هذا التعيس مع الحوار كما هو حاله مع الديمقراطية يدعو إليها ليبقى بديكورها رئيساً صاحب شرعية مزعومة ولا ينال الشعب ثمرتها الحقيقية .

 

· لقد انتزعت الثورة في مصر السلطة والثروة من آل مبارك انتزاعاً بدون شروط ولا اشتراطات ، وإذا كان علي عبدالله صالح قد راوغ لصالحه فعلى المشتركـ ـ ان كان مضطراً ـ  الآن أن يفعل ذلك لمصلحة الثورة ان تنتصر والشعب ان يسود .

 

· ومع هذا فانه مما لا يخفى ان بعض خيارات الخارج هو هزيمة الثورة اليمنية حتى لا تنتقل عدواها عبر الحدود والصفحات والشاشات .

 

·  وللثائرين والثائرات في الميادين والساحات أقول :

 

يا أحرار اليمن وحرائره : أحبتي ، سادتي ، مهجة القلب والروح ، فجر اليمن الصادق ، حينما يهم اليأس ان ينسج خيوطه في قلوبكم ايها الثائرين والثائرات في ميادين يمننا والساحات فلنتذكر صمود أحرار سوريا وحرائرها في وجه الطاغية الأرعن بشار الأسد وأخيه العربيد الرعديد وجلاوزتهم ، قلوبنا معهم وأرواحنا تحلق في أجوائهم كم يعتصرنا الألم و يخالجنا الأمل ونحن نشهد ثورتهم ، نألم لمصابهم ونأسى أنهم إلى اليوم لم يتمكنوا من الظفر بساحة يفرضون أنفسهم فيها معتصمين لإسقاط النظام الباغي ، ونأمل الانتصار لصمودهم المُعجز في مواجهة آلة القمع والبطش الجهنمية للنظام الذي سرعان ما انفضحت حقيقة ((ممانعته )) حتى أمريكا والغرب يدعمانه في مواجهة شعبه فهم يرتضونه للحكم أسداً على شعبه قطة وديعة أمام مخلب القط الصهيوني:

 

أسد علي وفي الحروب نعامة فتخا تفر من صفير الصافر

 

 ولذا ولغيره يثور الشعب السوري العظيم مقدماً التضحيات الغاليات تلو التضحيات في صمود عز نظيره ما أحوجنا إلى ان نقتبس من سناه ونترسم خطاه . وان لا ننساهم ثوار سوريا و ثائراتها من دعائنا بظهر الغيب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص