بعد انقضاء ثلثي الشهر المبارك بما حملته من
خير كبير، فقد منح الله للمسلمين خيراً أعظم وأوفر تمثّل في العشر الأواخر من
رمضان، فهذه الأيام العظيمة منحة لمن غفل وأراد أن يستدرك ما فاته لعل المولى
يدركه برحمته، ويسعفه بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادته، مقتدياً بالمصطفى صلى
الله عليه وسلم والذي كان يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً عظيماً:
أحسِنوا استقبالها
الداعية الإسلامي يوسف فرحات، دعا المسلمين
عامة إلى استقبال هذه الأيام المباركة بفرحة أشد من الفرحة التي ألمّت بهم حين
استقبالهم لشهر رمضان، "كيف لا وهذه الأيام العظيمة فيها ليلة خير من ألف
شهر؟، وحسبنا أن النبي كان يحرص على الاعتكاف فيها، وكان قد اعتكف عشرين يوماً من
رمضان في العام الذي توفي فيه، فكان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ
أهله، وهي إشارة للمؤمنين بأن يقتدوا به، لأنه وعلى الرغم من انشغالاته ومهماته
ومسئولياته -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه كان يحييها".
ويرى بأن هذه الليالي قطف لثمار زرعها
المسلم طوال شهر رمضان الذي تقرب فيه من الله عز وجل، لافتاً إلى أنها تمتاز عن
غيرها من أيام الشهر المبارك بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر من حيث العبادة،
كما أن المسلم يحرص على مضاعفة قراءة القرآن وصلاة التهجّد للتقرب من ربه أكثر،
وتتنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر، وتتجلى هذه الملائكة على
المؤمنين وعباداتهم واستغفارهم.
فرصة أكبر
وحسبما يرى الداعية فرحات، فإن الفرصة
لاستثمار هذه الأيام أكبر في هذا العام، كون معظم الناس من مدرسين وطلبة مدارس في
عطلة صيفية وليس لديهم ارتباطات، قائلاًَ:"فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ
نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من
صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس".
وتابع القول: "فإنها أيام معدودة، ما
أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت لا تدري هل تدرك هذه
العشر مرة أخرى، أم سيحول بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر،
وتُوفّق لإتمام هذا الشهر".
وحث على الاعتكاف فيها ليلاً ونهاراً التذلل
للمولى عز وجل، لأن الاعتكاف هو نوع من الخلوة الروحية ليرتقي الإنسان بروحه ونفسه
من خلاله، مشدداً على ضرورة والاجتهاد في العبادة لما روي عن عائشة – رضي الله
عنها- أنها قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر
الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".
لا تكونوا كهؤلاء..
وبدا فرحات آسفاً لحال بعض المسلمين الذين
يحرموا أنفسهم عظيم الحرمان ويخسرون خسارة فادحة، حيث تمر بهم هذه الليالي
المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضونها فيما لا ينفعهم، ويسهرون الليل كله
أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في
وقت آخر، فنجد الواحد منهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم
عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً، لعله لا يدركه في عام آخر.
وأضاف:"الجنة حُفّت بالمكاره، وهي
غالية ونفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، وإتباع هوى النفس،
فاجتهدوا وثابروا من أجلها، ولا ترحموا أنفسكم من التلذذ بخيرها الوافر"،
لقوله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
صحيفة فلسطين
بعد انقضاء ثلثي الشهر المبارك بما حملته من
خير كبير، فقد منح الله للمسلمين خيراً أعظم وأوفر تمثّل في العشر الأواخر من
رمضان، فهذه الأيام العظيمة منحة لمن غفل وأراد أن يستدرك ما فاته لعل المولى
يدركه برحمته، ويسعفه بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادته، مقتدياً بالمصطفى صلى
الله عليه وسلم والذي كان يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً عظيماً: