إن يوم عاشوراء معلم بارز للعظات والدروس
والعبر نتذكرها عند مرور هذا اليوم العظيم
فمن الدروس في يوم عاشوراء نتذكر يوم نصر
الله فيه الحق وأهله وخذل الباطل وحزبه ففيه درسٌ بليغٌ على نصرة الله لأوليائه
وانتقامه من أعدائه مهما تطاولوا،ومهما تكبر وعلو.
فعاشوراء يذكرنا بحدث عظيم ، إنَّه حدث قديم،
لكنَّه بمغزاه متجدِّدٌ عبر الأمصار والأعصار، إنه يوم انتصر فيه الحق على الباطل.
يوم
انتصار نبيِّ الله وكليمه موسى عليه السَّلام وهلاك فرعون الطاغية، وكم في هذا
اليوم من الدروس والعِبَر والعظات والفِكَر للدعاة إلى الله في كلِّ زمانٍ
ومكان،الذين يبذلون كل غال ونفيس من أجل أن تصل فكرتهم الإسلامية إلى غايتها وتبلغ
مداها إنهم يتذكرون أنه مهما بلغ الكَيْد والأذى والظُّلْم والتسلُّط ومصادرات
للحقوق ونهب للأموال ، وأخذ لثروات ؛ فإن نصر الله قريبٌ،وإن سقوط فراعنة هذا
الزمان قريبة ويا لها من عبرةٍ لكلِّ عدوٍ لله ولرسوله ممَّن مشى على درب فرعون،
أنَّ الله منتقمٌ من الطُّغاة الظَّالمين، طال الزمن أو قَصُرَ؛ فيوم الهجرة ويوم
عاشوراء يومان من أيام النَّصر الخالدة.
ألا فلتقرَّ بذلك أعين أهل الحقِّ ودُعاته؛
فالعاقبة للمتَّقين، وليتنبَّه لذلك قبل فوات الأوان أهلُ الباطل ودُعاته، {إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى} [النازعات: 26]، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِ
الْمِرْصَادِ} [الفجر: 14].
ومن الدروس في شهر محرم وخاصة عاشوراء
أن الأعمال الصَّالحة فيه لها فضلٌ عظيمٌ،
لا سيَّما الصِّيام؛ فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث أبي
هُرَيْرَةَ - رضيَ الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفضل
الصِّيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم، وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة صلاة اللَّيل)). وأفضل أيام هذا الشَّهر يوم عاشوراء، وفي "الصحيحَيْن"
عن ابن عبَّاسٍ - رضيَ الله عنهما - قال: "قدم النبيُّ - صلَّى الله عليه
وسلَّم - المدينة، فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء؛ فقال لهم: ((ما هذا اليوم الذي
تصومونه؟)). قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ، أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه،
فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومه. فقال: ((نحنُ أحقُّ بموسى منكم))؛ فصامه وأمر
بصيامه[4]. وفي "صحيح مسلم" عن أبي قَتادة - رضيَ الله عنه - أنَّ رسول
الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سُئل عن صيام يوم عاشوراء؛ فقال: ((أحتسبُ على
الله أن يكفِّر السَّنة التي قبله))[5]فهذا يوم عاشوراء يوم عظيم لمن أتعظ وعمل
فيه الصالحات ليكفر سنة كاملة من الأعمال التي عملها وأضاف إلى سجل حسناته رصيدا
يغتنمه قبل فوات الأوان وقبل تهافت عليه الكهولة وعجزه عن المقام أسأل الله أن
يبلغنا الأعمال وأن يجعلنا من ورثه الجنان وأن يحفظ علينا ديننا من زيغ المفسدين
ووكيد العدوان إنه على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم .