بينما يحتفل الصهاينة ومعهم حلفاؤهم في أنحاء العالم بالذكرى المئوية لوعد بلفور الذي منحهم من خلاله البريطانيون أرض فلسطين ليقيموا عليها كيانهم البديل ، نجد أن كثيرا من الحكام العرب تفوقوا على بلفور في وعوده وعطائه وعطاء دولته بريطانيا للصهاينة ، ومن غير المستبعد أن نجد على طاولة العشاء المسموم التي تقيمها الليلة رئيسة الحكومة البريطانية تريزا ماي علي شرف مجرم الحرب الصهيوني رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو صهاينة عرباً ممن يتسابقون لارضاء إسرائيل وترسيخ وجودها وممن لعبوا الدور الأساسي في قيامها بعد وعد بلفور ، فليس من غير المعقول وفق كل المعايير الدولية سواء العسكرية أو السكانية أو الجغرافية أن تتمكن عصابات الهاجاناة الصهيونية من الانتصار على خمسة جيوش عربية عام 1948 ، ثم تتضح الخيانة أكثر حينما يتم القبض على معظم المتطوعين الذين تمكنوا من تحقيق انتصارات مميزة على الصهاينة في تلك الحرب وإيداعهم السجون والمعتقلات ، فإذا كان بلفور قد وعد وبريطانيا منحت فقد ساعدت الحكومات العربية الخائنة إسرائيل على الوجود وعلى احتلالها أرض فلسطين ، وكانت الخيانات أكبر في حرب العام 1967 على كل الجبهات وقد غطتها مذكرات كثير من القادة الذين شاركوا في تلك الحروب أو كتاب آخرون رصدوا الخيانة من كل جانب ، ثم تطور الأمر بعد ذلك حينما رفض السادات ضرب الصهاينة في الثغرة وأوقف الهجوم وكان هدفه كما قال : ان تكون حرب تحريك لا تحرير ،ثم قام بتحريك الأمور عبر اتفاقه مع إسرائيل الذي وضع مصر تحت القبضة الصهيونية حتى أصبح من يحكم مصر عميلا مباشرا لاسرائيل ، والغريب أن الاسرائيليين لم يخفوا ذلك فأطلقوا على مبارك لقب ( الكنز الاستراتيجي) ونفس اللقب على مدير المخابرات المصرية السابق عمر سليمان الذي فتح أبواب الخدمات السرية في المخابرات العامة للاسرائيليين علي مصراعيها فدمر كل ما بني داخل الجهاز من عملاء ومصادر معلومات على مستوى العالم ، ثم جاء السيسي بعده فأصبح يلقب ( بخادم الصهاينة ) فقدم ما لايخطر علي بال أحد ، لكن الأمر لم يتوقف عند حدود مصر وما قدمه قادتها من خدمات استراتيجية وتاريخية تفوقت على ما قدمه بلفور بل أصبح العرب يتراكضون الآن تجاه إسرائيل ، ويتسابقون للجلوس إلى جوار الاسرائيليين في المؤتمرات الدولية وكان مدير المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل سباقا في الركض نحو الاسرائيليين والتصوير معهم لاسيما مجرمي الحرب والقتلة منهم ، ثم ظهر وهو يلقي محاضرة إلى جوار مدير المخابرات الاسرائيلية السابق في معبد يهودي في الولايات المتحدة وبعدها بأيام ظهر على التليفزيون الاسرائيلي وهو يناشد الاسرائيليين أن يقبلوا بما يسمى بالمبادرة العربية ، والغريب أن ما يقوم به تركي الفيصل في العلن ليس سوى انعكاس لما يجري في السر من دعم لاسرائيل يفوق ما قدمه بلفور وما قدمته بريطانيا قبل مائة عام .
قد يكون وعد بلفور هو البداية لقيام إسرائيل لكننا انتقلنا الآن من وعد بلفور إلى وعد الصهاينة العرب.
إضافة تعليق