الإصلاح والحوثي والدعاية السوداء (تحليل)..

 
 حضرموت اليوم // متابعات

الاصلاح نت / محمد عبدالكريم     

منذ ظهور الحوثية وأطروحاتها، كان واضحا أن جميع القوى اليمنية، بما فيها الأحزاب اليسارية، لا تجد فيها شيئا ما مشتركا معها، الا أن ترى فيها خصما شرسا للإصلاح. الإصلاح وجدها نقيضا للثورة والنظام الجمهوري والوحدة الوطنية، وأنها الإمامة بنزعتها الطائفية المعادية بالضرورة للتوجه العام في اليمن، الذي ذهب بعيدا عن المذهبية والطائفية، والاعتماد على الكتاب والسنة، في بلورة الهوية الإسلامية لليمن. وأدركت الحوثية منذ ظهورها أن أهم خصومها هو الإصلاح، من الجوانب المختلفة، وفي طليعتها تطلعات الحوثية لاحتكار الإسلام، والوصاية عليه، فالخطاب الإسلامي للإصلاح المتحرر من المذهبية يقف عائقا صلبا أمام دعاوى الحوثية في الوصاية والإمامة حتى وإن لم يبد ذلك.

حاول الإصلاح أن يكون بعيدا عن الاصطدام المباشر بالحوثيين، ونجح الطرفان في تحييد كل منهما للآخر في الحروب الست، ولأن سلطة صالح لم تكن جادة في حروبها مع الحوثيين، وكانت لا تعبر عن سلطة الدولة فقد كان موقف الإصلاح هو دعوة الطرفين لإيقاف الحرب، وكذلك كان موقف اللقاء المشترك، الذي يضم أحزابا مختلفة الإصلاح واحد منها.
 

ثورة فبراير 2011
 

كان للحوثيين حضورا رمزيا في ساحة التغيير، وطبيعة الثورة والمشاركين فيها ما كان لها أن تمنع أي طرف من المشاركة، ولو أبدى الإصلاح رأيا لكان أول من سينتقده القوى اليسارية، فضلا عن الظن الذي كان سائدا أن رفض الحوثيين سيجعلهم يتحالفون مع صالح، مع أن تحالفهم معه كان واقعا وليس ظنونا. فخطاب الحوثي في الساحة كان مغايرا، غير أنه عقب توقيع المبادرة الخليجية كان أول حديث لصالح هبرة - الذي عينه الحوثي رئيسا لمجلسه السياسي - دالا دلالة قاطعة على ان الحوثي يعتبر الإصلاح هو العدو لقد قال بالحرف: الإصلاح أسوأ من صالح. وهو خلاصة تقول إن الحوثي يرى في الثورة أن تكون على الإصلاح، وبمساعدة واستقطاب حاد من قبل إيران غدا رموز اليسار، يجمعهم حلف الحوثي تحت لافتة جبهة إنقاذ الثورة, وقيادات المؤتمر الشعبي بقيادة صالح، غدت من أدوات الحوثيين الأكثر فاعلية في التمكين لهم، ظنا منهم أن الحوثي أداة انتقامية من ثورة فبراير، ومن الإصلاح الذي يرونه صاحب ثورة فبراير، في حين أنها ثورة شعبية عامة، اشتركت فيها القوى المختلفة، واجتمعت فيها كل شرائح المجتمع اليمني.

لقد حاول الإصلاح الحيلولة دون توسع الحوثي غير أن الدولة المخترقة بجميع أجهزتها كانت قد صارت في تعاون معلن مع الحوثيين ومن أهمها الأمن القومي ووزارة الدفاع، والتي عملت مع الحوثيين على تقويض الدولة، ويصير الإصلاح أهم أهداف الحوثيين المتحالفين مع صالح.

على الرغم من كل ذلك لا يكف أتباع صالح ووسائل إعلامية إقليمية وقوى يسارية أن تتحدث كل بطريقتها عن صلات ما، بين الإصلاح والحوثي.

الدعاية السوداء هي تلك التي يثني فيها العدو على طرف لإحراقه ، مثل أن تجعل داعش يثني على طرف يقاتله، وفي الماضي القريب كان أسهل طريقة لحرق طرف ما هو أن يكال له المديح من قبل (اسرائيل).

تندرج الحملات الإعلامية لبعض الأطراف التي تخاصم الإصلاح في هذا التوصيف؛ إذ تتحدث مرارا وتكرارا عن تواصل للإصلاح بالحوثيين، ومع الفوضى الإعلامية وعدم التدقيق في المفاهيم يصل بالبعض الى الحديث عن تحالف، نجد ذلك الإلحاح من قبل بعض وسائل إعلامية إقليمية، وبعض الأطراف المحلية خاصة أتباع صالح، في تغذية كل منهما الآخر.

 لم يفوت الحوثيون هذه الدعاية، فأرادوا تعميد هذه الدعاية السوداء، عبر تصريحات ومنشورات، آخرها ما نشره حسن زيد، وحسين العزي، والأخير عضو المجلس السياسي للحوثيين.

قد يلتقي الحوثيون مع مجلس الزبيدي ولو ضمنا أو مرحليا، وقد التقى الحوثي مع صالح والمؤتمر الشعبي تحالفا، وصار بقايا حزب البعث جزءا من الحوثيين، وقد لا تجد قوى أي قاسم مشترك مع الحوثيين، لكنها تلتقي معه في الخصومة مع الإصلاح.

ويدرك الجميع أنه لا يمكن التقاء الحوثي مع الإصلاح؛ فالحوثية ابتداءً غير قابلة للتعايش مع اي طرف، ومنطلقاتها إقصائية وكذلك سلوكها ، وإذا كانت على هذا النحو فأنى يمكن أن تلتقي مع الإصلاح؟!

وعلى عكس ما يروج له البعض فإن الإصلاح أكثر المستهدفين من قبل الحوثيين، وقد نجح الحوثي في تحييد قوى واستقطاب قوى، بذريعة أنه لا يستهدف الا الإصلاح، وكان ذلك تكتيكا تبين لاحقا أن الشعب وقواه جميعا مستهدفون من قبل الحوثيين.

 

أتباع عفاش
 

بدا أتباع عفاش أكثر الذين يتحدثون عن علاقات حوثية بالإصلاح، وذلك يعود الى وقوعهم في فضيحة القرن المتمثلة في إحيائهم الإمامة، وأن يكونوا الجسر الذي عبرت عليه لإسقاط الدولة اليمنية، ولا يزالون أسرى للحوثي، ولما وجدوا أن الإصلاح يتمتع بالالتزام بالدولة اليمنية، والسلطة الشرعية، وأنه لم يتلوث بعلاقة ما مع التمرد الحوثي، فإنهم يشعرون بالبؤس الشديد ويتذوقون خروجهم على القانون، والتمرد على الدولة، وأنهم موصومون بالتحالف مع الإمامة الكهنوتية ضد إرادة الشعب وتطلعاته. انها وصمة لن تمحى بسهولة من الذاكرة الجمعية للشعب.

يخيل لأتباع صالح أنهم بأحاديثهم المتكررة عن الإصلاح بهذه الطريقة، سيسقط عنهم وقائع حلفهم مع الحوثي، وذلك مالا يستطيعون، كونه حاضرا مشهودا ، ومعاش من مختلف الفئات العمرية.
 

 الحوثي وركوب الموجة
 

المعروف عن الحوثيين أنهم يمارسون الكذب بلا حدود، ولا يهم أن الناس يدركون كذبهم ، وحين يجدون أنفسهم معزولين، منبوذين من الشعب، وفي الوقت نفسه يجدون من يشترك معهم في الكراهية للإصلاح، فإنهم يتحدثون -وبلغة تسيد واضحة كعادتهم- أن إصلاحيين ، يقاتلون معهم ، ودفاعا عن الوطن، فيما الأغلبية الساحقة من الشعب يعلمون يقينا أن الحوثية معادية للوطن بالمطلق، وتقاتل بالمغرر بهم دفاعا عن مصالح خاصة ب(السيد) في السيطرة على البلد واستعباد الشعب.
 

تفاعل الإصلاح مع معركة الحديدة
 

من الطبيعي أن الإصلاح يتفاعل مع أية معركة لتحرير أية منطقة في اليمن، من طغيان الحوثي، وان ذلك يأتي في سبيل استعادة الدولة اليمنية، وأكثر الجهات التي عبرت عن الغيظ من ذلك هم أتباع عفاش، والحوثيون بالطبع الذين يحاولون عبثا كسر الوحدة الوحدة الوطنية وزعزعة الثقة بين أطراف الشرعية عبر استهداف الإصلاح وتشويه نضاله الوطني بالدعاية السوداء المضللة التي من الواضح ان الشعب اليمني بأن أكثر خبرة ودراية بها أكثر من اي وقت مضى.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص