يمر علينا ذكرى ثورة الحادي عشر من فبراير العظيمة ولذي تعتبر (هذه الذكرى) نقطة تحول ومنعطف تاريخي هام في مسار التاريخ الحديث والمعاصر لليمن. يمر علينا وكلنا امل وتطلع إلى اكتمال تحقيق الأهداف المرجوة منها لبناء اليمن الحديث، ورفض الظلم والإقصاء والتفرد في الحكم وتخاذ القرار وتبادل السلطة سلميا عبر الوسائل الديمقراطية المتاحة بما يكفل الحقوق والحريات وبناء الدولة الجديدة القائمة على المؤسسات والقانون الذي يحفظ الحقوق للجميع دون زيادة أو نقصان. لم تكن ثورة الحادي عشر من فبراير ترفا أو فعلا فائضا، أو تقليدا زائفا لثورة، أو انتفاضة هنا أو هناك، أو أنها جزءا من إرادة عابرة للحدود، ولا مؤامرة أو عملا تخريبيا، ولا حدثا ارتجاليا، بل جاءت في سياق الاعتراضِ على الظلم والإقصاء والتهميش والتفرد في إتخاذ القرار وتعطيل عمل مؤسسات الدولة جميعها وتعطيل مواد الدستور وتفصيله بما يتناسب وحجم القائمين عليه. مرت ثورة الحادي عشر من فبراير بعدة مسارات تمثل ذلك أولا في المسار الجماهيري السلمي، ثم المسار السياسي والذي انتهى بصياغة المبادرة الخليجية التي تقدم بها مجلس التعاون الخليجي وكذلك قرارات مجلس الأمن الداعمة لذلك ومنها القرار 2216، وتمثل المسار الثالث بالمسار العسكري بعد أن استنفدت كل الوسائل السلمية والممكنة وحدوث الانقلاب على على ما تبقى من مؤسسات للدولة لتدخل بعدها البلاد في نفق مظلم تسبب في تدمير البنية التحتية للبلاد وازهقت فيه الكثير من الأرواح وتعطلت فيه مصالح المجتمع وتدمرت القيم والأخلاق وهذا طبيعي ناتج عن حدوث الحرب وغياب مؤسسات الدولة وعدم تحمل المسؤلية الكاملة من قبل القائمين على ما تبقى من هذه المؤسسات. لقد مرت ثورة ١١ فبراير بعدد من الإرهاصات التي حالت دون تحقيق كامل أهدافها، فعلاوة على الثورة المضادة و دخول البلد في حرب دامية لم يخرج منها حتى الآن، إلا أنها مازالت حية ومتجددة الى ان تحقق أهدافها كاملة تلك الأهداف الكبيرة والتي تعتبر امتداد لثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدتين، تلك الثورتين العظيمتين اللتان صنعتا الخطوط العريضة والرئيسية لبناء وطن تسوده العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية وتحقيق السيادة الوطنية الكاملة على كل شبر من أراضي الوطن ، إلا أنه امام هذا كله فإن الثورة مستمرة وقادرة على الإستمرار حتى تتحقق جميع أهدافها ومطالبها كاملة دون نقصان في بناء الدولة المدنية الحديثة اللتي يحلم بها الجميع. لقد كسرت ثورة ١١ فبراير 2011م حالة الجمود والرتابة السياسية وخلقت بفعلها الثوري وجيلها الشاب واقعا جديدا لا يجب تقييمه بناء على القراءات السابقة التي كانت تختزل اليمن في أشخاص أو جماعات معينة. ورغم كل ما تعانيه البلاد بفعل الثورة المضادة إلا أن أهداف ثورة الحادي عشر من فبراير في تأسيس دولة المؤسسات والقانون والمواطنة المتساوية ستتحقق، لأنها تحمل مضمون الحضارة وليس الهمجية والغوغاء والحكم الفردي وحكم القوة.
إضافة تعليق